ترتبط الصحة النفسية بالعمل ارتباطاً وثيقاً، فلا يمكن إنكار أن الحالة النفسية تؤثر في الموظف وإنتاجيته، ولكن إن كانت هذه الحالة سلبية، يسبب تفاقمها وإهمال البحث عن حلول إلى اضطرابات نفسية، وتدهور العمل الذي يؤدي إلى ترك الوظيفة. فإذا كنت تعاني اكتئاباً أو فقداناً للشغف الوظيفي، إليك بعض الممارسات التي تساعد على تعزيز الصحة النفسية.
وتختلف العوامل النفسية التي تؤثر في الصحة النفسية في بيئة العمل عن بعد من موظفٍ لآخر، ولكن جميعها تؤدي للوصول إلى النقطة نفسها وهي عدم الالتزام بمواعيد تسليم العمل، أو ترك المهام الموكلة إليهم، ومن أبرز هذه العوامل:
انعدام الأمان في مكان العمل:
قد يشعر الكثيرون ممن يعملون عن بعد بفقدان الأمان الوظيفي، والتنبؤ بأشياءٍ سلبية في أثناء العمل لأسبابٍ عدّة. وقد يكون ذلك بسبب المعرفة السطحية بفريق العمل، أو استتار بعض المعلومات الجوهرية حول الشركة، أو حتى بسبب الالتزامات المترتبة على عاتق الموظف، أو التأخر في إرسال المستحَقّات المالية، وغير ذلك.
نقص التدريب والتوجيه
يحتاج جميع الموظفين إلى تدريب وتوجيه من قِبل مديريهم المباشرين في أوقات ومراحل مختلفة، سواء في حالة فقدانهم مهارة ما، أو حاجتهم إلى استفسار أو ملاحظة. وفي حال فقدان هذه المرحلة، سيدخل الموظف في متاهة البحث عن الحلقة المفقودة والتخمين، الذي يؤدي إلى إثارة شكوكه أن ما فعله خاطئ ولربما سيوبخ عليه، وهذا ما يؤثر في الصحة النفسية سلبًا.
ضغط العمل المتواصل
الضغط يولّد الانفجار، وقد يتحمل البعض الضغوطات والعمل لساعاتٍ طويلة خلال فترة محددة تختلف من شخصٍ لآخر، ولكن مع استمرارية ضغط العمل، يولد الشعور بالتوتر والقلق، إلى جانب التعب الجسدي والذهني.
لتخطي هذا الأمر، يجب مراعاة قوى الموظف وتخفيف العبء عنه من خلال تبادل العمل مع موظفٍ آخر، أو أخذ قسطٍ من الراحة وربما إجازةٌ قصيرة، كما تساعد المكافآت المادية والإثراء والتشجيع المعنوي على التخفيف من ضغط العمل، وتعزيز الصحة النفسية.
فوائد للعاملين
ولتعزيز الصحة النفسية للموظفين العاملين عن بعد والحفاظ عليها فوائد كثيرة، تعود بالنفع على كلٍ من الموظفين والشركة، فيما يلي أبرزها:
تحسين الصحة الجسدية:
تؤثر كلٍ من الصحة النفسية والجسدية للموظفين إحداهما في الأخرى، إذ يؤدي إهمال الاهتمام بالصحة النفسية إلى أمراض جسدية عدّة، أهمها أمراض القلب والسكري والجلطات التي يعد المسبب الأساسي لها سوء الحالة النفسية. لذا يساهم تعزيز الصحة النفسية للموظف مباشرةً بتحسين صحته الجسدية.
زيادة الإنتاجية:
تستنزف الصحة النفسية السيئة طاقة الموظفين، إذ يؤدي سوء الصحة النفسية إلى شعور متواصل بالقلق والإرهاق، والشعور بالخواء والضعف، فتجد الموظف غير قادر على القيام بالواجبات المطلوبة منه. لذلك فإن تعزيز الصحة النفسية والاهتمام بها، يجعل منه شخصاً مملوءاً بالطاقة والحيوية التي تجعله قادراً على القيام بالمهام، ويحسّن من أدائه وقدرته، ما يزيد من فاعليته وإنتاجيته، وهو الهدف الذي تسعى إليه الشركات.
تحسين العلاقات:
يؤدي تعزيز الصحة النفسية للموظفين إلى تعزيز العلاقات بين الموظفين أنفسهم وبينهم وبين المديرين، إذ إن تأثير الصحة النفسية السيئة قد يؤثر في سير العلاقات، فتجدهم يلجأون للعزلة والابتعاد عن المشاركة الفعالة مع زملائهم. وبمجرد تحسن صحتهم النفسية، تجدهم يحبذون القرب من زملائهم والعمل التشاركي معهم.
السيطرة على التوتر:
إن سوء الصحة النفسية للموظفين دائماً ما يجعلهم معرضين لحالة من التوتر، وذلك بسبب الضغط الواقع عليهم من أنفسهم، ومن المديرين من جرّاءِ التكاسل عن العمل وتراكم المهام. لذلك يضمن تعزيز الصحة النفسية للموظف حياة خالية من التوتر والضغط النفسي، أو الشعور بعدم الإنجاز.
التخلص من العادات السيئة:
وللتغلب على سوء الحالة النفسية وما ينتج عنها من شعور بالأرق ومشاكل بالنوم وغيرها، قد يلجأ بعض الموظفين إلى اعتماد عادات سيئة مثل التدخين للتفريغ عن الضغط، واستخدام الأدوية المهدئة دون استشارة طبية للتعامل مع الأرق، أو الأكل بنهم في محاولة لتجنب التوتر. لذلك، تعزيز الصحة النفسية للموظفين تحدّ من تداول هذه العادات السيئة، وقد تعالج المشكلات من الأصل.
تقليل المخاطر:
إن تعزيز الصحة النفسية للموظفين والاهتمام بها يقلل المخاطر التي قد تواجههم، ما يضمن فئة عاملة تمتاز بالصحة التي تجنبها الوقوع في مشكلات قد تعيق عملها وتضعها في مخاطر نفسية وجسدية، مثل الاكتئاب أو الأرق أو غيره من المشكلات النفسية.
كيف تعزز صحتك النفسية بالعمل؟
لتعزيز الصحة النفسية للموظفين العاملين عن بعد أهمية قصوى، إذ يساعدهم على مواجهة التحديات القائمة، وتحمّل التغييرات الحاصلة على صعيدي العمل والمنزل، فيما يلي بعض الاستراتيجيات التي تمكّنك من تحسين صحتك النفسية:
تواصل مع زملائك بفاعلية:
يُعدّ التواصل والمشاركة حجري الأساس في تعزيز الصحة النفسية للموظفين، إذ إن التواصل الفعال والمستمر مع زملائك من الموظفين وكذلك المديرين، يضمن لك شعوراً نفسياً جيداً. إذ يعطيك انطباعاً بأنك موجود ولك رأي ولست مجرد رقم في سجل الموظفين، ما يرفع من ثقتك بنفسك ويحسّن أداءك.
خصص وقتًا للاسترخاء:
توفير مساحة خاصة للاسترخاء، سواء في المنزل أو المكان الذي تعمل به، يساعدك على أخذ قسط من الراحة في الوقت المناسب الذي تحتاج إليه، ويخفف من الضغوطات، ما يعزز صحتك النفسية.
النوم الجيد:
يُعدّ الحصول على القسط الكافي من النوم بما يعادل 7 إلى 8 ساعات يوميًا أمراً مهماً في تعزيز صحتك النفسية، وبخاصةٍ عند العمل عن بعد، إذ يساعدك ذلك على تخفيف التوتر عمومًا، بالإضافة إلى أنه يمنحك الطاقة الكافية لتحمل أعباء العمل.
اتبع نظاماً غذائياً متوازناً:
إن اتباع نظام غذائي متوازن غني بالمكونات الغذائية الضرورية بنسب متوازنة، دون الإكثار من واحدة على حساب الأخرى، وشرب الماء بانتظام، يضمن لك مستوىً عالياً من الطاقة، ما يجعلك تشعر بالحيوية والنشاط.
خطط ليومك:
يُعدّ التخطيط لأعمال اليوم وجدولتها أمراً مهمّاً في تعزيز الصحة النفسية، إذ يوفر لك صورة واضحة عن المهام الأساسية الواجب عليك القيام بها والزمن المحدد لها، ما يضمن لك راحة نفسية ويوماً خالياً من التوتر والضغط.
اطلب المساعدة:
في حال كانت الأمور خارجة عن السيطرة، وتشعر بالأذى النفسي أو الضغط أو أي أعراض لمشاكل نفسية، لا تتردد في طلب المساعدة عند الحاجة إليها. سواء بالتحدث إلى مديرك بالعمل، أو مسؤول الموارد البشرية بالشركة.
يرتبط تعزيز الصحة النفسية للموظفين في بيئة العمل ارتباطاً وثيقاً بالفاعلية والقدرة على الإنجاز. لذا، احرص دوماً على اتباع أفضل الممارسات التي تعزز صحتك النفسية، لضمان نجاحك في بيئة العمل.