عادي

القرقاوي: دول الخليج قوة استثمارية عالمية ضخمة.. و3 تحولات تشكل ملامح المنطقة والعالم

12:10 مساء
قراءة 5 دقائق

دبي:«الخليج»
حدد محمد القرقاوي، وزير شؤون مجلس الوزراء، رئيس المنتدى الاستراتيجي العربي، 3 تحولات يمكن أن تشكل ملامح المنطقة والعالم في المرحلة المقبلة.
وقال في الكلمة الافتتاحية للمنتدى الذي انطلقت أعمال دورته الجديدة في دبي الأربعاء، إن المنتدى يقدم محاولة لفهم حالة العالم العربي اقتصادياً وسياسياً، بهدف تعظيم قدراتنا على مواجهة التحديات والاستفادة من فرصه، لما فيه من خير واستقرار وازدهار للمنطقة.

ملفات محورية
وأشار إلى أن المنتدى، سيناقش مجموعة من الملفات المحورية والساخنة على الساحة العربية والدولية، حيث ستتناول الجلسات حالة العالم العربي سياسياً واقتصادياً، وستجيب عن تساؤلات «ماذا يريد العالم العربي من العالم؟»، و«ماذا يريد العالم من العالم العربي؟»، وستتطرق إلى واقع المنطقة بعد عشرين عاماً على غزو العراق.
وقال «نجتمع اليوم لنحاول تشكيل فهم معمق عن الاتجاهات العالمية السياسية والاقتصادية وموقعنا منها.. موقع المنطقة ودورها.. ماذا نريد من العالم؟ وماذا يريد العالم منا؟ نجتمع اليوم وقد تغيرت الكثير من القناعات، وتزايدت التساؤلات عن عجز النظام الدولي عن احتواء الأزمات، في مرحلة تاريخية تؤكد أن منطقتنا لا بدّ أن يكون لها دور في إدارة أزماتها ومعالجة خلافاتها، وبناء الجسور بين دولها لبناء مستقبل أفضل لأبنائها». وتابع «قبل عشرين عاماً، وأمام هذا المنتدى، تحدث صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عن ضرورة إيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية على أسس الشرعية الدولية، وحل عاجل للعراق في إطار يحافظ على وحدته. وبعد 20 عاماً، لا يزال العراق يعاني تبعات الغزو، ولم يعد العراق هو العراق، ولم تعد المنطقة هي المنطقة. وبعد 20 عاماً من كلمة سموّه، لا تزال القضية الفلسطينية هي القضية الأكثر سخونة في المنطقة والعالم، ولا تزال تأثيراتها في الشعب الفلسطيني والمنطقة والعالم في تصاعد مستمر».
وأضاف «بعد 20 عاماً أيضاً من الحديث عن التأثيرات الإيجابية للعولمة، واجتماع المنظومة الدولية على قيم ثقافية وأخلاقية واقتصادية مشتركة، أصبحنا في مرحلة باتت فيها قيم إنسانية أساسية كحماية الإنسان وحماية الأطفال وحقهم في العيش بأمن وأمان، محط اختلاف وانقسام وتشكيك، وأصبحت قيم الإنسانية تناسب شعوباً أكثر من غيرها، وتنطبق معاييرها على بشرٍ دون غيرهم وبحسب الخطط الدولية».

تحالفات جديدة
وأكد القرقاوي أن «هذه الدورة تأتي بعد أكثر من عقدين على انطلاق المنتدى عام 2001، وشهدت خلالها الساحة الدولية تغيرات جيوسياسية واقتصادية متسارعة، وبروز تحالفات جديدة، وتصاعد في الاستقطاب الدولي الذي يهدد مكتسبات «العولمة»، وتداعيات طالت المناخ وأمننا الغذائي والمائي. ونجتمع اليوم لمحاولة رصد الاتجاهات الجديدة، وما يخبئه لنا العقد القادم في عالم يعيش ثورة دائمة في التكنولوجيا، أصبحت محط تساؤل عن مخاطرها المستقبلية، عالم يعيش تحالفات اقتصادية جديدة، وصراعات تجارية لا تنتهي، ومفارقات تبدو أحياناً غريبة».
وقال «ليست كل التطورات سلبية، بل العكس أغلب تطوراتنا العالمية إيجابية لو نظرنا لها من ناحية القيمة الاقتصادية التي تم خلقها، والدول التي تقدمت تنموياً وانتشلت الملايين من الفقر، وتأثيرات الذكاء الاصطناعي في مضاعفة الإنتاجية، والتطورات الطبية، والاستقرار الاجتماعي والاقتصادي والسياسي الذي تنعم به الكثير من دول العالم. نحن نرى الخير أكثر من الشر، والسلم أطول من الحرب، والأمل أبقى وأدوم من اليأس، ولكننا نطرح أسئلة في هذا المنتدى، والهدف فهم أوضح لسير الأحداث من حولنا.. لبناء عالم أفضل لنا ولأجيالنا القادمة».

تطورات القضية الفلسطينية
وعن التحولات الثلاثة التي يمكن أن تشكل ملامح المنطقة والعالم في المرحلة المقبلة، قال محمد القرقاوي: إن التحول الأول والأبرز في منطقتنا تطورات القضية الفلسطينية والحرب في غزّة، التي راح ضحيتها إلى الآن نحو 22 ألفاً، وأصيب فيها أكثر من 57 ألف جريح، ودمّر 60% من البنية التحتية في غزة وتهجير 90% من السكان.
وأكد أنها «كارثة بشرية وإنسانية غير مسبوقة منذ عقود، ورغم بشاعة هذه الحرب، وسعي أغلب دول العالم لإيقافها، فإن المشهد يستدعي الكثير من التأمل، حيث إن هذه الحرب لم تكن بين الفلسطينيين وإسرائيل فقط، بل شهدنا حرباً دبلوماسية عالمية، واستقطاباً دولياً حول الحرب، وشهدنا حرباً إعلامية عالمية حول القضية أيضاً، ومن يملك القصة الأقوى، لأن الحروب لا تكسب في الميدان، وإنما أصبح ميدانها الجديد هو ساحات الإعلام، وشهدنا استقطاباً بين الأجيال المختلفة للقضية نفسها، وشهدنا صراعاً فكرياً في المبادئ الإنسانية والمعايير المزدوجة في تطبيقها».
وتساءل «هل ستكون حرب غزة هي الدافع والسبب الرئيسي لسلام دائم في المنطقة، وإقامة دولة فلسطينية، أم ستكون بداية حرب ممتدة في جبهات جديدة مختلفة في المنطقة؟ هل ستكون الحرب الأخيرة أم بداية لحروب جديدة؟».

دور خليجي مؤثر
وأشار القرقاوي، إلى أن التحول الثاني هو بروز دول الخليج قوةً اقتصاديةً كبرى وشريكاً مؤثراً في القضايا العالمية، يمارس دوره في الوساطة لإيجاد الحلول في المسائل السياسية والاقتصادية والمناخية والإنسانية، حيث أكدت أخيراً الاستضافة الناجحة لدولة الإمارات لمؤتمر الأطراف «كوب 28» الدور المحوري لدول الخليج في صياغة الخطط البيئية للعالم. كما أكدت استضافة قطر لكأس العالم 2022، والمملكة العربية السعودية لكأس العالم 2034، دور دول الخليج في صياغة الخطط الرياضة للعالم، ودورها عبر استضافة «إكسبو 2020 دبي»، و«إكسبو الرياض 2030» في صياغة خططه الثقافية.
وأضاف «أصبحت دول الخليج تسهم في تشكيل الخريطة السياسية والاقتصادية وصناعة التوازنات، عبر انضمامها للتكتلات الاقتصادية الكبرى، وباستخدام مبدأ جديد في العلاقات الدولية قائم على الانفتاح على الجميع، وتوسيع دائرة العلاقات الاستثمارية والبناء الناجح للشراكات القائمة على استفادة جميع أطرافها. وتشكل اليوم دول الخليج قوة استثمارية ضخمة في العالم، حيث بلغ إجمالي حجم الصناديق السيادية الخليجية 3.8 تريليون دولار.. الأكبر عالمياً، وهي تمثل 34% من حجم الصناديق العالمية. وشهدنا في 2023 انضمام دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية، إلى مجموعة "البريكس" إلى جانب ومصر، وإثيوبيا، وإيران، وبانضمام هذه الدول يبلغ حجم اقتصادات بريكس نحو 28 تريليون دولار».
وأشار إلى أن دول الخليج أصبحت مركز جذب ديمغرافياً واستثمارياً واقتصادياً وبوصلة للعقول والمواهب، بفضل الرؤى التنموية التي جعلت تحقيق الاستقرار الاقتصادي ورفاه مواطنيها الأولوية الأولى على رأس خطط عملها.
واستشهد القرقاوي، بما قاله صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد «إذا كانت العربة هي السياسة والحصان هو الاقتصاد.. فيجب وضع الحصان أمام العربة».. وهذا بالتحديد ما تفعله دول الخليج، حيث جعلت أولوياتها الوطنية الكبرى، أولويات اقتصادية، ما انعكس على ثقلها الدولي وأدائها السياسي ودورها في خلق توازنات عالمية جديدة.
وطرح تساؤلاً عن كيف سيتطور الدور الدولي لدول الخليج خلال المراحل القادمة؟ وما الفرص والتحديات التي ستواجه هذا الدور؟ وكيف يمكن تعزيز الثقل الاقتصادي والسياسي العالمي لدول الخليج، من دون دفع كلفة عالية أو الدخول في مواجهات واستقطابات مع أي منظومة دولية أخرى؟ وكيف يمكن تقليل الفجوة التنموية والاقتصادية بين دول الخليج ومحيطها بما يضمن مستقبلاً مستقراً للمنطقة كلها؟

تصاعد وتيرة الاستقطاب
وأكد  القرقاوي أن «التحول الثالث هو تصاعد وتيرة الاستقطاب ليس دولياً فقط، ولكن داخل المجتمعات أيضاً، استقطابات فكرية ودينية وسياسية وأيضاً اجتماعية. ونشهد انقساماً بين الشرق والغرب..في القيم والتوجهات السياسية.. وفي القضايا الدولية، وانحساراً للعولمة الاقتصادية لمصلحة الشعبوية والحمائية؛ نشهد انفجاراً معلوماتياً، وفوضى وبالأخص في الإعلام ترسخ هذه الانقسامات، ورأينا كيف صعد أقصى اليمين في دول مثل الأرجنتين وبولندا إلى سدة الحكم، ونعلم أنه في العام الحالي سيتجه أكثر من 4 مليارات شخص إلى انتخابات برلمانية ورئاسية في أكثر من 75 دولة».
وتساءل هل سيكون 2024 عاماً تتزايد فيه انقسامات المجتمعات وتباعد الدول والثقافات.. أم عاماً تقترب فيه المسافات وتُبنى فيه جسور جديدة من العلاقات؟

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/2hxxzwzm

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"