عادي
مساحة للتفاعل والحوار بين الفنانين والجمهور

«عروض الشارقة» تبرز النضال الفلسطيني

20:15 مساء
قراءة 4 دقائق
1
فرقة تاو ييه للرقص المعاصر

كشفت مؤسسة الشارقة للفنون عن عودة الموسم الثاني من برنامج «عروض الشارقة»، في الفترة بين شهري يناير/ كانون الثاني، وفبراير/ شباط، بعد تأجيله مسبقاً، تضامناً مع أهالي غزة، حيث جرى تعديل البرنامج ليستهل عروضه بعمل يبرز النضال الفلسطيني، ساعياً لخلق مساحة للتفاعل والحوار بين الفنانين والجمهور.

يقدم هذا الموسم ثمانية عروض أدائية معاصرة تبدأ على خشبة مسرح أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية، مع عرض نتائج ورشة عمل متخصصة للمحترفين (ماستر كلاس) في التمثيل، تقام تحت إشراف الممثلة والكاتبة المسرحية جليلة بكار، التي تعتبر علامة بارزة في المسرح العربي، وبمشاركة ممثلين شباب من الشارقة ومنطقة الخليج العربي لقراءات من نصها الأول «البحث عن عايدة»، والذي تم تقديمه لأول مرة في بيروت عام 1998، بمناسبة مرور خمسين عاماً على ذكرى النكبة، كعرض لممثلة واحدة تشارك فيه الجمهور رحلة بحثها عن صديقتها الفلسطينية عايدة، وتتناول فيه مراحل المأساة الفلسطينية، حيث إنها لا تتخفّى وراء أي شخصية مسرحية، بل تدخل إلى الخشبة وحيدة، وفي يدها ملف من الأوراق، وتشارك الجمهور قصة بحثها عن صديقتها.

مع استمرار المأساة وتفاقمها، وبعد مرور خمسة وعشرين عاماً على العرض الأول للنص، وخمسة وسبعين عاماً من احتلال فلسطين، تشارك بكار نصها مع ممثلين شباب، ليتم تقديم نتاج الورشة إلى الجمهور، في مقاربة معاصرة لنص تأسيسي في تاريخ المسرح العربي.

جليلة بكار

وفي اليوم نفسه على مسرح الأكاديمية أيضاً، تقدم فرقة تاو ييه للرقص المعاصر عرضها الذي يحمل اسم «4»، ويتمحور حول أربعة أجساد تبدو كأنها معصوبة العيون، وتتحرك على الخشبة بانسيابية عالية ودقة شديدة، حول نقطة مركزية تظهر كأنها هي التي تتحكم في الأجساد، حيث يؤدي الرباعي الحركات نفسها بلا هوادة، كما لو كانت هناك رغبة في تحقيق التوحد، كما يحافظ المركز على تجمع الأجساد معاً من دون أي خرق للمسافة المرسومة فيما بينها.

يستكشف عمل تاو ييه إمكانات الجسد البشري الذي يتحول إلى عنصر بصري ينطلق خارج ما يمكن أن يرسمه السرد، أو العرض من حدود، فتصميم الحركات تجريدي للغاية، والأجساد تؤخذ إلى مستوى لا يمكن معه التعامل معها إلا كعنصر يدرك بالحواس وحدها.

وتتطور الحركة بمهارة وحرفية شديدة، وتتصاعد ببطء كأنها نوع من التأمل الصوفي، بمصاحبة موسيقى من أصوات رشيقة مملوءة بالحيوية، تصطدم بتأوهات آلة وترية مولدة طاقة لا تقاوم، كأنها تحرّض الأجساد على الحركة فوق خشبة المسرح البيضاء اللامعة. ويستكشف العرضان الافتتاحيان للبرنامج، الطرق المبتكرة لتفاعل الفن المعاصر في مجالاته المتنوعة مع التراث، سواء المادي أو المعنوي، في عملية إبداعية معقدة تتطرق إلى موضوعات الهويات، والخصوصيات الثقافية، والنظم المعرفية الخاصة بالشعوب والجماعات والأقليات.

وكما اشتبك الموسم الأول، مع الأماكن العامة، وقام بتقديم عدد من العروض الأدائية في شوارع وساحات المدينة، كذلك يتفاعل برنامج هذا العام مع المشروع الحضري والثقافي والفني المستمر منذ ثلاثين عاماً، لوسط مدينة الشارقة، حيث يقدم معظم عروضه في فضاءات فنية وبيوت وساحات تراثية، كما في عرض «تحولات 2» من إخراج الفنانة آسيا الجعايبي، بالاشتراك مع والدتها جليلة بكار، كتابة وتمثيلاً، والذي يقام في مبنى دار الندوة في ساحة الخط، أيام 19 و20 و21 يناير/ كانون الثاني 2024.

يحمل العرض نظرة نقدية من فنانة شابة لتاريخ عايشته منذ كانت طفلة في الرابعة من عمرها، ويتطرق لعلاقتها الشخصية مع أمها، ومع فن المسرح، والعمل الثقافي، وعلاقة الفن بالسياسة، مشتبكاً مع انطباعات ممثلة وفاعلة ثقافية، تعتبر إحدى أيقونات المسرح التونسي والعربي.. هي رحلة بكار التي تقارب الأربعين عاماً في الفن والمسرح، والتي تتكثف في عمل فني يتداخل فيه الشأن الخاص والعام، في مساحة ملتبسة تتأرجح بين الحقيقة والخيال.

تحتجز الابنة -مخرجة العمل- أمّها الممثلة في قفص زجاجي في كواليس مسرح متخيل، فتضعها أمام الأمر الواقع لتخاطب الجمهور وتتورط في مواجهة، تبدو كجردة حساب عن المسرح والعمل الثقافي، كما عن الذكريات ومكنونات الوجع الذي في داخلها. لقاء بين جيلين ينطلق من المسرح ليتطرق إلى الواقع السياسي والاجتماعي في تونس، مع نظرة نقدية للمنظومة السياسية والبيئية، والصحية، والثقافية، والاقتصادية.

ينتقل البرنامج إلى ساحة بيت عبيد الشامسي، والتي يقدم فيها المخرج ومصمم الرقصات رضوان مريزيغا عرضه «ليبيا» يوم 26 يناير، وهو مغامرة فنية مدهشة يشترك فيها مع الراقصين في استكشاف النظم المعرفية التي تناقلت عبر الأجيال للشعب الأمازيغي وساعدت في الحفاظ على اللغة والعادات.

ويستضيف مبنى الطبق الطائر خلال أيام 27 - 28 يناير، و3 -4 فبراير، عرض «العودة» للفنان ريان تابت، الذي يتتبع تاريخ تمثال على شكل رأس ثور من الرخام، اكتُشف أثناء التنقيب في معبد أشمون الفينيقي في عام 1967 في لبنان.

ويقدم معهد الشارقة للفنون المسرحية، يوم 2 فبراير، عرض «كورال الشبيبة» للفنانة المسرحية جوديت بوروتش والفنان التشكيلي بينس جيوروغي بالينكاس، والمؤلف الموسيقي ماتيه تشيغيتي، والذي يتتبع بشكل فريد كيف تستخدم السياسة الفن والرياضة عبر العصور. ويعود البرنامج إلى بيت السركال في ساحة الفنون لتقديم تجربة فنية جديدة تحت اسم «ربما هنا»، أيام 9 و10 و11 فبراير 2024، والتي يشارك فيها العديد من فناني المسرح والتجهيز الفني الحي، وفناني الفيديو والشعراء والكتاب.

وفي ساحة الخط، يختتم الموسم فعالياته يومي 17 و18 فبراير مع عرض المخرج موهيت تاكالكار «هونكارو»، الذي يتم تقديمه بالتعاون مع مؤسسة إشارة للفنون، ويتألف من ثلاث قصص معاصرة، تتناول تجارب ومحناً إنسانية مختلفة يربط بينها جميعاً أهمية الأمل لاستمرار الحياة، والتي تبدو من دونه جحيماً لا يطاق.

ومنذ انطلاقته، في العام الماضي، يسعى موسم العروض الأدائية لمؤسسة الشارقة للفنون إلى اكتشاف مساحات اللقاء بين الفنانين المعاصرين وجمهور المدينة، واختبار تجارب من الإبداع المعاصر والحيّ في مجال فنون الأداء، والتي ترتبط بشكل وثيق بخصوصية مدينة الشارقة وسكّانها وفضاءاتها الحضرية وتراثها المعماري، وبمشاركة تفاعلية مع الجمهور والفنانين المحليين.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/436ksj2j

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"