التوقعات الاقتصادية لعام 2024

23:01 مساء
قراءة 3 دقائق

عدنان أحمد يوسف*
تحدثنا في مقال لنا في مطلع العام الماضي عن أبرز المخاطر التي تواجه الاقتصاد العالمي في العام 2023، والتي تمثلت في البيئة الجيوسياسية وأسعار الفائدة وارتفاع كلف المعيشة مع ارتفاع معدلات التضخم والديون السيادية والتحديات المناخية، حيث شهدنا بالفعل في العام 2023 كيف أثرت هذه العوامل في أداء الاقتصاد العالمي، في حين نرى أننا دخلنا العام 2024 محملين بكافة هذه المخاطر.

لذلك، يتوقع صندوق النقد الدولي أن يتباطأ النمو العالمي من نسبة 3% في عام 2023 إلى 2.9% في عام 2024، محذراً من أن احتمالات تشديد شروط الائتمان لفترة طويلة وارتفاع تكاليف الاقتراض تمثل «رياحاً معاكسة قوية» للاقتصاد العالمي المثقل بالديون، خاصة في البلدان النامية الأكثر فقراً، والتي تحتاج إلى الاستثمار لإنعاش النمو.

بحسب التقرير، من المتوقع أن ينخفض معدل التضخم العالمي، الذي كان عند 8.1% في عام 2022، إلى 5.7% في عام 2023، ومن المتوقع أن ينخفض أكثر إلى 3.9% في عام 2024.

بينما يتوقع «بنك أوف أمريكا» أن البنوك المركزية سوف تنجح في العام 2024 بتحقيق الهبوط السلس رغم يقينها بأن المخاطر تفوق الإيجابيات. ويتوقع أيضاً تراجع معدلات التضخم حول العالم، ليسمح للبنوك المركزية بتخفيض معدلات الفائدة خلال النصف الثاني 2024، متوقعاً أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي في يونيو خفض معدلات الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في كل مرة وفق التقديرات.

وعلى صعيد الاقتصادات العربية، من المتوقع أن يبلغ معدل نمو الاقتصادات العربية نحو 2.2 بالمئة في عام 2023، في حين يتوقع أن يرتفع إلى 3.3% في العام 2024. ويقول صندوق النقد العربي إن الدول العربية تبنت برامج إصلاح اقتصادي ورؤى واستراتيجيات لتنويع اقتصاداتها وزيادة متانتها النسبية، وإصلاح بيئات الأعمال، وتشجيع دور القطاع الخاص ودعم رأس المال البشري، لمواجهة الصدمات.

وفي ما يخص الاقتصادات الخليجية، يرى صندوق النقد الدولي أن التوقعات قصيرة المدى لدول مجلس التعاون الخليجي في العام 2024، تحمل الكثير من الإيجابية، نظراً للنمو القوي في قطاعاتها غير النفطية، وذلك رغم أن التوقعات تميل إلى تباطؤ النمو في معظم دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا خلال 2023، قبل أن تعود إلى التحسن بشكل طفيف في 2024، إضافة إلى مؤشرات على وصول التضخم إلى ذروته العام الماضي في معظم دول المنطقة ليعاود الانخفاض بعد ذلك، مع وجود بعض الاختلافات بين الدول.

وفي ما يتعلق بالقطاع المالي، يلاحظ أن أسعار الفائدة استمرت في الارتفاع في المنطقة في عام 2023، وإن كان بوتيرة أبطأ مما كانت عليه في عام 2022. بينما يتوقع أن يتم البدء في خفض أسعار الفائدة خلال النصف الثاني من العام 2024.

وعلى الصعيد المصرفي والمالي، اضطر القطاع المصرفي لأن يرسم مساراً مليئاً بالتحديات على مدى الأعوام القليلة الماضية التي واجهت فيها المؤسسات ازدياداً في الرقابة والابتكار الرقمي والمنافسين الجدد.

وعلى الرغم من ازدياد أرباح القطاع المصرفي كنتيجة مباشرة لارتفاع أسعار الفائدة، إلا أنه يتحتم على المؤسسات المالية على مستوى العالم تغيير طريقة عملها التقليدية في مواجهة التحولات الهيكلية والاقتصادية الكلية الكبرى.

وتبرز الأولويات أمام الاقتصادات العربية في العام 2024 على صعيد السياسات في ضرورة الاستمرار في إحراز التقدم المنشود على صعيد تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي، وتبني التدابير التي من شأنها تعزيز الحيز المالي اللازم لدعم مواصلة النمو، ومواصلة الإصلاحات الهيكلية الهادفة إلى زيادة مستويات المنعة الاقتصادية وخلق الوظائف للمواطنين. علاوة على تبني سياسات كفيلة بمواجهة المخاطر المشتركة التي تواجه الاقتصادات العربية حالياً ممثلةً في دعم قدرة معظم الحكومات على تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والوفاء بالالتزامات الدولية في إطار خفض انبعاثات الكربون، ومواجهة المخاطر المرتبطة بارتفاع مستويات المديونية والهشاشة المالية.

كما يتطلب تحفيز النمو في اقتصادات الدول العربية، خصوصاً تلك التي تعتمد في دخلها على عائدات صادرات الطاقة، وزيادة وتيرة التنويع في الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل وموارد الميزانيات العامة.

كما أن هناك مؤشرات كثيرة على أن الاستثمار في التكنولوجيا الرقمية والتحول الرقمي سيكون النهج السائد في الفترة المقبلة. لكن يجب ألا يقتصر الأمر على تكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي فحسب، على أهميتهما. بل تحتاج منطقتنا لاستثمارات ضخمة، حكومية وخاصة، في مجالات البحث والتطوير في كل فروع العلم من هندسة وبيولوجيا وغيرهما.

*رئيس جمعية مصارف البحرين رئيس اتحاد المصارف العربية سابقاً

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/5s3xwpkc

عن الكاتب

رئيس جمعية مصارف البحرين، رئيس اتحاد المصارف العربية سابقاً

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"