إرهاب المستوطنين والتحايل الأمريكي

00:40 صباحا
قراءة دقيقتين

مفتاح شعيب

عندما أقدم الرئيس الأمريكي جو بايدن على إصدار مرسوم يقضي بفرض عقوبات على مستوطنين يمارسون العنف والإرهاب على الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، هلل البعض لهذا الإجراء النادر الذي تتخذه الولايات المتحدة واعتبره تحولاً دراماتيكياً في السياسة الأمريكية، لكن الصدمة أن هذه العقوبات تستهدف أربعة أفراد فقط، بينما المتورطون في استباحة الضفة الغربية عشرات آلاف المستوطنين ووزراء، بل الحكومة الإسرائيلية بكاملها.

الرد على مرسوم بايدن، جاء فوراً بإعلان قادة التطرف في إسرائيل عن عقد اجتماع ناقش مخططاً لبناء 7000 وحدة استيطانية والسعي إلى شرعنة بؤر عشوائية في مناطق مختلفة من الضفة المحتلة، بل الإجراء الأمريكي، رغم هزاله، رفع منسوب الحقد والكراهية وإنكار وجود الآخر في أوساط اليمين المتطرف الإسرائيلي، وأحد الشواهد على ذلك، تعرض رجل دين مسيحي للاعتداء والبصق من قبل مستوطنين عند مدخل باب النبي داوود في القدس المحتلة، كما تطاولوا على المسيح، عليه السلام، بألفاظ نابية، وهو أمر ربما لم يسبق له مثيل.

أما العقوبات، التي فرضها بايدن على أشخاص نكرات، فليست إلا صورة من التحايل الأمريكي والغربي على الآخرين، وبالذات على الشعب الفلسطيني، الذي يتحمل هذا الغرب وحده، وزر نكبته ومسؤولية تجرؤ إسرائيل، منذ نشأتها، على المعاهدات والمواثيق وكل النواميس القانونية والأخلاقية.

التصدي الحازم لاعتداءات المستوطنين، ليس بالبيانات أو التحذيرات أو العقوبات الشكلية، بل بتحرك المجتمع الدولي عبر مجلس الأمن، لإجبار إسرائيل على لجم متطرفيها، واتخاذ إجراءات فعلية ملزمة لإنهاء هذا الإرهاب.

أما التلويح الأمريكي البريطاني بالاعتراف المحتمل بالدولة الفلسطينية، فليس هناك ما يثبت صدقيته، بل هو مجرد تنويم لمن يصدق هذا الادعاء، بينما حقيقته أنه يأتي في سياق الضغط على حكومة تل أبيب لكف يدها قليلاً في حربها المدمرة على غزة، من أجل عدم إلحاق أضرار أكبر بالمصالح الأمريكية في المنطقة، والحيلولة دون اتساع دائرة الصراع الذي بدأت بؤر توتره تشتعل بصورة غير مسبوقة منذ نكبة فلسطين عام 1948.

بعد أن ابتلع المد الاستيطاني الضفة الغربية والقدس، يحرض المتطرفون على العودة إلى بناء المستوطنات في قطاع غزة بعد انتهاء هذه الحرب. ورغم أن هناك أطرافاً تعارض هذا التوجه، وتعتبر حكومة نتنياهو الحالية «الأسوأ في تاريخ إسرائيل والأكثر انحطاطاً»، مثلما يصفها زعيم المعارضة يائير لبيد، تبقى أصوات المتطرفين الأعلى، وهناك 12 وزيراً في هذه الحكومة تعهدوا بإعادة بناء المستوطنات في قلب قطاع غزة، والعمل على تهجير الفلسطينيين، وأسوأ من يمثل هذا التوجه وزير الأمن المتطرف إيتمار بن غفير، الذي يزعم أن لديه خطة، ويبحث عن دول تستقبل المهجرين. ولم يكتف هذا المتطرف بذلك فقط، بل هاجم جو بايدن واتهمه بتعطيل المجهود الحربي الإسرائيلي في غزة، وهذه مفارقة أخرى ووجه من وجوه التحايل والخديعة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/mrynye2c

عن الكاتب

إعلامي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"