عادي
تستهدف واحداً من كل 8 أشخاص في العالم

الضغوط النفسية.. اختلالات تضعف قوة التحمل

22:57 مساء
قراءة 5 دقائق
1
الضغوط النفسية.. اختلالات تضعف قوة التحمل

تحقيق: راندا جرجس

تنطوي الاضطرابات النفسية على اختلالات جسيمة في التفكير أو ضبط المشاعر أو السلوك، وتستهدف واحداً من كل 8 أشخاص في العالم، وتنجم في الأغلب عن جميع أنواع المواقف العصيبة والأحداث المجهدة، وزيادة أعباء العمل، التي يمر بها الإنسان، وتكون جزءاً من الحياة اليومية، وتؤدي إلى تأثير تراكمي للضغوط غير الطبيعية بطرق عدة، جسدية وعاطفية وبدرجات متفاوتة، وفي السطور القادمة يستعرض الخبراء والاختصاصيون مجموعةً من المشكلات النفسية وطرق التعامل معها.

الصورة
1

يقول د.مايكل عوض، اختصاصي الطب النفسي: إن المناعة النفسية طاقة وقوة احتمال الإنسان لضغوط الحياة التي يواجهها، وتختلف من شخص لآخر، بحسب عوامل وراثية، ونوع الشخصية، وماهية الاضطرابات، التي يتعرض لها، ولكن هناك ما يسمى ب «نقطة الانكسار»، التي تحدث عندما ينهار الجسم والمناعة النفسية، عندما تفوق المشكلات القدرة على الاحتمال، ويبدأ الجسم بالمعاناة العاطفية والجسدية.

ويتابع: إن الضغوط النفسية هي رد فعل الإنسان على المواقف والمتطلبات والاحتياجات اليومية مثل المسؤوليات، وأخذ القرارات، والأزمات، والمعاناة من المرض، وتنقسم إلى نوعان:

1- الضغوط النفسية الخارجية، وهي: الأزمات المالية، الزواج والطلاق، الحمل والولادة، الوفاة والفقدان، المرض والأوبئة، المواقف المزعجة، الازدحام التلوث، ضغوط العمل، الدراسة، البطالة، العلاقات،..... إلى أخره.

2- الضغوط النفسية الداخلية، مثل: الإحباط، التفكير السلبي، القلق والتوتر النفسي، الانتقاد المستمر، اللوم من المحيطين، البحث عن الكمال، التعرض للعنف، الخوف من المستقبل.

يشير د.عوض، إلى أن التعرض للضغط النفسي يزيد من معدل هرمون الأدرينالين المسؤول عن ارتفاع ضغط الدم، ونسبة السكر بالدم، وضربات القلب والتنفس، وكذلك ارتفاع هرمون الكورتيزول، وبالتالي يتعرض المريض للعديد من الأثار السلبية والمشاكل الصحية والنفسية، مثل: اضطرابات القلب والأوعية والجلطات، ارتفاع ضغط الدم، الذبحة الصدرية، داء السكري، السمنة، أمراض الصدر، وزيادة معدل التدخين، أمراض الجهاز الهضمي، تقرحات المعدة وارتجاع المريء، القولون العصبي، الصداع المزمن، ألم العضلات والمفاصل، انخفاض المناعة، ومعدل الخصوبة واضطرابات الدورة الشهرية، والأمراض الجلدية، حبوب الشباب وسقوط الشعر، بالإضافة إلى الاضطرابات النفسية كالقلق والتوتر، الاكتئاب، واضطرابات النوم.

يلفت د.عوض، أن بعض الأشخاص يبحثون عن طرق غير صحية للتأقلم مع الضغط النفسي مثل: التدخين، إدمان المخدرات، تناول العقاقير المهدئة، إدمان الإنترنت، الأطعمة غير الصحية، العصبية والتوتر، ولكن يجب استبدال هذه العادات بالسلوكيات الإيجابية التي تتمثل في:

* الابتعاد عن العلاقات السامة والأشخاص الذين ينشرون الأفكار السلبية في المجتمع.

* ترتيب الأولويات بحسب الأهمية، ووضع الأهداف المنطقية والواضحة، ممارسة تمارين اليقظة الذهنية مثل: اليوجا، والاسترخاء.

* الالتزام بالنظام الغذائي الصحي، والحرص على ممارسة الرياضة.

* التوجه للطبيب النفسي عند الاحتياج إلى المساعدة والإرشاد أو العلاج.

أنواع الاكتئاب

ترى د.عايدة سهيمي، أخصائية نفسية سريرية، أن الاكتئاب من الاضطرابات النفسية الأكثر شيوعاً عند البالغين، وينشأ عادة نتيجة لعدة عوامل من بينها الاستعداد الوراثي، اختلالات في كيمياء الدماغ، وقوع أحداث مأساوية، وتجارب مؤلمة في الحياة مثل: الصدمة أو وفاة أحد المقربين، الذين يعانوا من التوتر الدائم، وأصحاب الأمراض المزمنة، كما يستهدف الاكتئاب النساء بسبب التغييرات الهرمونية (فترة ما بعد الولادة أو أثناء انقطاع الطمث)، وكذلك مدمني المخدرات، ومن يتناولون أدوية معينة.

وتضيف: تشتمل الأعراض في أغلب الحالات: الحزن المستمر، فقدان الاهتمام بممارسة الأنشطة، الوهن والضعف العام، التغيرات في النوم، فقدان الشهية، التهيّج، صعوبة في التركيز، التفكير في إيذاء الذات أو الانتحار، وربما تتشابك هذه الأسباب والأعراض، وتؤثر في الأداء، سواء العاطفي أو المهني أو الاجتماعي أو على صعيد العلاقات.

تلفت د.عايدة سهيمي، إلى أن الاكتئاب عند البالغين يشتمل على أنواع متعددة ومختلفة الأعراض، من بينها اضطراب الاكتئاب الشديد، الذي يتسم بالحزن المتواصل وانعدام الاهتمام، والاضطراب النفسي الموسمي، وهي حالة تحدث على الأغلب خلال موسم الشتاء، أما الاضطراب الاكتئابي المستمر فينطوي على تدني الحالة المزاجية، في حين أن اضطراب ثنائي القطب تتعاقب فيه نوبات من الاكتئاب مع نوبات من الهوس، ويصيب اكتئاب ما بعد الولادة الأمهات الجدد، بينما ينطوي الاكتئاب الذهاني على الهلوسة أو الأوهام إلى جانب الاكتئاب.

وتضيف: يؤدي الاكتئاب عند البالغين إلى مضاعفات ومخاطر متعددة، ومشكلات صحية متفاقمة، وتدني الكفاءة في العمل، وعدم الاستقرار الوظيفي، وضعف الروابط الاجتماعية للمريض، والانسحاب والعزلة، وربما يتطور الأمر للتفكير بإلحاق الأذى بنفسه، وزيادة إمكانية تناول المخدرات، ما ينجم عنه في نهاية المطاف إلى تعطيل الحياة اليومية بشكل كبير، والتأثير في العافية الشاملة.

تشير د.عايدة سهيمي، إلى أن طرق علاج الاكتئاب عند البالغين تعتمد على إعادة تأهيل الحالة النفسية، مثل: العلاج المعرفي السلوكي الخط الأول في إدارة مستويات المرض الخفيفة إلى المعتدلة، أو العلاج بالقبول والالتزام، إلى جانب الأدوية عند الضرورة، وتشجيع المريض على إجراء تغييرات على نمط حياته كممارسة التمارين الرياضية، واتباع حمية غذائية متوازنة، والنوم لفترات كافية، والحد من التوتر، كما تؤدي شبكات الدعم، والمشاركة المجتمعية دوراً مهماً في هذا الإطار، وتعدّ الرعاية الشخصية والمراقبة والتعديلات عاملاً رئيسياً في خطط إدارة الاكتئاب بطريقة فعّالة وتعزيز التعافي.

وتتابع: يعدّ تجنّب العزلة عن طريق المشاركة الاجتماعية أمراً محورياً للوقاية من الاكتئاب، كما ينبغي التقليل من الحديث السلبي عن الذات واجترار المشكلات، مع تجنب أنماط الحياة المُتسمة بقلة الحركة وعادات النوم السيئة لكونها تؤثر في الحالة المزاجية، والإقلاع عن تعاطي المخدرات، والاستهلاك المفرط للكحول، وعدم اتباع آليات مواجهة غير صحية، يمكن أن تؤدي إلى تدهور الصحة العقلية، في حين أن الانخراط في ممارسات الرعاية الذاتية، وطلب الدعم والحفاظ على أسلوب حياة متوازن أمر أساسي لدرء الاكتئاب.

إصابات النساء

توضح كارلا خليل، أخصائية علم النفس العصبي، أن النساء يواجهن العديد من التحديات النفسية على مدار حياتهن، من حيث العمر والمراحل الحياتية، والظروف الشخصية، وتلعب العوامل البيولوجية والاجتماعية دوراً مهماً في تلك الاضطرابات، خاصة في مرحلة المراهقة والشباب، حيث تتعلق هذه المشكلات ببناء الهوية والضغوط الاجتماعية، وتشمل ضغوط النجاح المدرسي والمظهر الجسدي والتعامل مع التغيرات الهرمونية، وتزيد في سنوات الشباب مع تحمل المسؤوليات الأكثر تعقيداً، مع بناء العلاقات الاجتماعية، واتخاذ قرارات مهمة بشأن المستقبل.

وتضيف: وجدت الأبحاث أن التعامل مع التحديات النفسية التي تعاني منها النساء، تحتاج إلى أهمية فهم عميق لهذه الإضرابات وتقديم الدعم اللازم، فيجب توفير بيئة داعمة وفرص للبحث عن المساعدة والعلاج النفسي عند الضرورة، والاهتمام من الأصدقاء والعائلة والمهنيين في مجال الصحة النفسية، والتقليل من الوصم المرتبط بقضايا الصحة النفسية وزيادة الوعي حول هذه المشكلات، لتخفيف الضغوط وتعزيز بيئة داعمة للمرأة خلال مراحل حياتها المختلفة.

اكتئاب الحمل والولادة

تؤكد كارلا خليل، أن اكتئاب الحمل والولادة واضطرابات سن اليأس من التحديات النفسية الجسيمة التي تواجهها النساء، حيث يظهر الأول بشكل أساسي بسبب التغيرات الهرمونية والعوامل النفسية والاجتماعية المرتبطة بالتجربة الإنجابية، بينما يرتبط اضطراب سن اليأس بتغيرات في الوظائف الهرمونية، التي تحدث عادة في منتصف إلى أواخر الأربعينيات، وقد يسبب تأثيرات على الصحة النفسية والجسدية، بشكل عام،

وتضيف: يكون اكتئاب الحمل والولادة محدوداً زمنياً لفترة، بعد الولادة، في حين يستمر اضطراب سن اليأس على مدى فترة طويلة ويتميز بتغيرات هرمونية، تؤثر في الحالة النفسية والصحية بشكل شامل، كما تُشكل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية مصدراً للضغوط النفسية للنساء، بما في ذلك مواجهة الصعوبات المالية، وتحمل المسؤوليات الأسرية، والتعامل مع التمييز والعنف الجنسي، كما تُعد التحديات المرتبطة بالعلاقات العاطفية مصدراً للتوتر والاضطرابات النفسية، بما في ذلك صعوبة التواصل وحل النزاعات الزوجية، والتحديات المرتبطة بالانفصال أو الطلاق.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/4dbup8pv

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"