عادي
بيتر روبنز فنان فلمنكي من القرن السابع عشر

«عائلة جان بروغيل».. الفن مرآة العلاقات الإنسانية

15:21 مساء
قراءة 3 دقائق
1
السير بيتر بول روبنز ( 1577 - 1640) هو فنان فلمنكي، عاش في زمن الجمهورية الهولندية، في مدينة أنتويرب، كان فناناً ودبوماسياً، ويعد الأكثر تأثيراً في تقليد الباروك الفلمنكي، وتشير رسوماته إلى جوانب واسعة من المعرفة بالتاريخ الكلاسيكي والمسيحي. أنتج العديد من اللوحات والصور الشخصية، والمناظر الطبيعية، التي تمزج بين الموضوعات التاريخية والأسطورية وكان مصمماً غزير الإنتاج للرسوم الكاريكاتورية لورش عمل النسيج الفلمنكي وواجهات الكتب للناشرين في أنتويرب.
عرفته الأوساط الفنية والثقافية بكونه ملماً بالمعرفة التاريخية والكلاسيكية من أوسع أبوابها، وقد حصل على لقب فارس من قبل كل من فيليب الرابع ملك إسبانيا، وتشارلز الأول ملك إنجلترا. كانت معظم أعماله التي كلف بها عبارة عن لوحات تاريخية، وتضمنت موضوعات دينية وأسطورية، ومشاهد للصيد. وقد رسم صوراً شخصية خاصة للأصدقاء، وفي وقت لاحق من حياته رسم العديد من المناظر الطبيعية. أشرف على زخارف القصر الملكي في أنتويرب عام 1635. وكتب كتاباً يحتوي على رسوم توضيحية للقصور في جنوة ونشر عام 1622 باسم «قصر جينوفا». وكان للكتاب تأثير في نشر أسلوب القصر الجنوي في شمال أوروبا. كان روبنز جامعاً متحمساً للأعمال الفنية، امتلك واحدة من أكبر مجموعات الفنون والكتب في أنتويرب. كان أيضاً تاجراً فنياً ومن المعروف أنه باع عدداً كبيراً من القطع الفنية لجورج فيليرز، دوق باكنغهام الأول.
من اللوحات الشهيرة لهذا الفنان واحدة بعنوان «عائلة جان بروغيل الأكبر» وهي تصور عائلة محبة وحميمة، تضم صديقه الفنان جان بروغيل، الذي يقف مع زوجته الثانية (كاترينا) وطفليهما، بيتر وإليزابيث. تحتل كاترينا وسط اللوحة، بينما يقف جان بروغيل خلف زوجته، والصورة بحسب نقاد الفن في ذلك الوقت كانت غريبة نوعاً ما، فلم يكن من المعتاد أن تكون المرأة في مركز الصورة لدى العائلات الفلمنكية، ولكن يبدو أن الزوجين كانا أقرب لبعضهما مما كانت عليه الحال في القرن السابع عشر.
ما هو مثير حقاً في هذه اللوحة، أنها على خلاف الصور الشخصية التي تجذب المشاهدين إلى ملامح الشخصيات، وخاصة العيون بوصفها مفتاحاً للتعرف إلى مزاج الشخصيات، فإن اللوحة تجذب المشاهد نحو الأيدي على وجه خاص. الأيدي في هذه اللوحة تقول الكثير عن العائلة والعلاقة بين أفرادها أكثر بكثير مما تقوله الوجوه، وعند التحديق في اللوحة تتجه العين أولاً إلى وجه كاترينا الهادئ، لكنها سرعان ما تنجذب إلى تلك الأيدي المتشابكة في حجرها. تم تصوير 6 أيادٍ بوضوح: أيدي الأطفال ووالدتهم. تمسك كاترينا بيد ابنتها وتضع يدها الأخرى بقوة على كتف ابنها. تضع الابنة إليزابيث يدها بحرية على حجر والدتها. يلمس الابن بيتر سوار والدته بيد واحدة، ويمسك عباءتها باليد الأخرى، وهي لفتة غريبة بالنسبة لصبي صغير، ترتبط الأم والأطفال حرفياً من خلال هذه الأيدي، ما يظهر الحاجة إلى الحنان والحماية.
لا تظهر في اللوحة يدا الفنان بروغيل، وهنا، تجول بنا اللوحة إلى تلك الخلفية الغامضة، هو في الواقع يضع ذراعه حول زوجته- ونوعاً ما، فلا يبدو أنه يلمسها، كما هو واضح في احتضان الأطفال لوالدتهم، بدلاً من ذلك، يبدو بروغيل (الزوج) كما لو أنه يسند يده على ظهر شيء ما، ربما أريكة، أو رف، ويبدو أنه غير مرتاح، ويده الأخرى لا يمكن رؤيتها في أي مكان، على الرغم من أن روبنز كان بإمكانه بسهولة إقناعه بجعلها مرئية، كأن يضعها على كتف ابنته- على سبيل المثال- حتى تكون دائرة العلاقة العائلية متوازنة وحميمية وصادقة، كلما أمعن المشاهد في يد الزوج، بدا الأمر أكثر وضوحاً، وهو أن الأب بعيد أو شارد عن بقية أفراد الأسرة.
*لغة الجسد
من يدقق النظر أكثر، يكتشف أن في اللوحة ما هو (غريب) وعلى النقيض من ترابط الأسرة الظاهري، سواء في تعابيرهم أو في لغة أجسادهم، يمنحنا بيتر نظرة شرسة وشيطانية، فعيونه تحدق في المشاهد بشراسة غريبة.
لا تزال أخته أصغر من أن تنظر إلينا مباشرة، لكنها اختارت أن تنظر إلى والدتها بدلاً من والدها، وفي الواقع فإن الطفلين (بيتر وإليزابيث) يتجاهلان والدهما.
*إضاءة
في هذه الصورة، لا يوجد أي إشارة إلى مهنة بروغيل الفنية، حيث تظهر العائلة في أرقى ملابسها، ويتم تقديمها بوصفه عائلة ثرية في مدينة أنتويرب الكبرى في المدن الفلامنكية في بلجيكا. زوجة بروغل، كاتارينا (توفيت عام 1627)، أطفالهما بيتر وإليزابيث، ماتوا أيضا بالكوليرا عام 1625.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/e6an5fyv

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"