2024 وتحدياتها

21:37 مساء
قراءة 3 دقائق

د. لويس حبيقة*

تحديات كبيرة تواجه العالم هذه السنة بينها جهوزية الحكومات لمكافحة الأوبئة التي تنتشر بسرعة. ينتقل العالم من وباء الى آخر بسبب التلوث كما بسبب سوء الاهتمام الصحي في المناطق الفقيرة. من الصعب حصر الأوبئة في أماكنها ودولها وبالتالي هي مشكلة عالمية خطرة. هنالك تقدم تكنولوجي كبير من أهمه الذكاء الاصطناعي وكافة المشغلات الآلية التي ترفع الانتاجية وتعزز الفعالية لكنها تخيف العامل والموظف إذ يمكن أن يستبدل بها. هنا يكمن دور كبير للحكومات في معالجة القلق وحماية الوظيفة قبل خسارتها كما حماية الموظف والعامل بعدها.

يعاني العالم اليوم من فجوتين كبيرتين في الدخل والثروة تهددان النظام الديمقراطي العالمي حتى في أهم الدول كالولايات المتحدة. أحداث 2021 في واشنطن وتعديات مشابهة على أملاك الدولة والمؤسسات السياسية في عاصمة البرازيل بعد فوز لولا بالرئاسة تؤكد على خطورة تصرفات المتطرفين.

الفوز على هذه التحديات وغيرها يتطلب ليس فقط قدرة مالية كبيرة ربما لا تتوافر في معظم الدول وإنما قدرة تقنية وعلمية مميزة وكذلك رغبة سياسية وإدارية واضحة للمواجهة. مشاكل العرض لا تقل أهمية والإنجازات المحققة عديدة. في التكنولوجيا مثلاً، هنالك تقدم كبير من ناحية الطاقة النظيفة عبر المصادر الشمسية والهوائية والنووية. استعمال الطاقة الشمسية سيتضاعف 3 مرات خلال السنوات الخمس المقبلة وبالتالي تصبح أهم من الفحم كمصدر عالمي للطاقة.

هنالك تطور في تكنولوجيا الصحة ليس فقط في الفاعلية وإنما أيضاً في الكلفة. أما التقدم في قطاعات النقل والاتصالات فهو كبير ويؤثر على فعالية الذكاء الاصطناعي الذي يدهش العالم. يقول البنك الدولي إن عدد الفقراء تدنى في 2022 بالرغم من كل شيء، ولكن بنسب ضعيفة. أما نسبة وفيات الأطفال فهي في انخفاض واضح، وهذا مشجع ويدعو للتفاؤل.

هنالك مشكلة رئيسية تتفاقم هي سوء توزيع الدخل والثروة الذي كتب عنه الاقتصادي الفرنسي توماس بيكيتي. يقول إن عائد رأس المال هو أكبر من النمو الاقتصادي، وبالتالي تتوزع الثروة أكثر فأكثر لمصلحة الأغنياء. ويقترح بيكيتي أن تتدخل الحكومات لمساعدة الفقراء في الصحة والتعليم والضمانات الاجتماعية وتأمين السلع الأساسية للعيش تعويضاً عن خسائرهم.

هنالك تقدم دولي من ناحيتي الذكاء الاصطناعي والاقتصاد الرقمي ما يخيف العمال والموظفين من ناحية البطالة. وتشير التجارب الى أن هذا الخوف غير مبرر إذ يفتح التقدم أسواقاً وفرصاً جديدة، لكن هذا يتطلب تأقلماً من قبل الناس مع المعطيات الجديدة لتحديد فرص عمل مناسبة تبعاً للكفاءات والخبرات.

هنالك ضرورة لاعتماد سياسات جديدة أصبحت أوضح ومبررة أكثر اليوم مع حربي أوكرانيا وغزة. أصبح تدخل القطاع العام في الاقتصاد الحر مقبولًا أكثر لحماية الشعوب إذ إن الأولويات كما الحاجات تغيرت. تحتاج التكنولوجيا دائماً الى الانسان ليرافقها ويستوعبها ويرمم خسائرها ويطورها، وبالتالي لن ترتفع نسب البطالة بالضرورة مع التكنولوجيا الجديدة التي تحسن مع الوقت مستوى المعيشة وتضيف الى الناتج.

هل يمكن للذهب أن يلعب دوراً دولياً يتخطى المعدن والمجوهرات ليعود كنقد، كما كان بعد الحرب العالمية الثانية حيث ربطت العملات خاصة الدولار به؟ هنالك من يرغب بهذه العودة بسبب سوء الاستقرار النقدي العالمي، لكن هنالك صعوبات تواجه الاقتراح أهمها أن الذهب لا يمكن أن يكون سائلًا كالنقد وبالتالي التبادل به أصعب. كما أن العرض محدود، هذا اذا اضطر العالم الى زيادة الكميات في الأسواق لمواجهة الطلب. الذهب ليس وسيلة مرنة سريعة تسمح بإراحة الأسواق. من الممكن أن يؤمن بعض الاستقرار لكنه يضيق الفرص ويمنع عملياً النمو أي لا يلبي حاجات الاقتصاد الدولي خاصة تجارة السلع والخدمات التي تنمو في زمن الازدهار والانتشار.

بسبب محدودية عرض الذهب واحتمال تقلب الطلب بسرعة لأسباب سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية، من الممكن أن يتقلب سعر الذهب كثيراً وبالتالي يسيء الى دوره النقدي.

* كاتب لبناني

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/3jkywz3p

عن الكاتب

​خبير اقتصادي (لبنان)

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"