عادي
تزامناً مع موسم التنقيب الـ 30 في جبلي البحيص والفاية وبتنظيم «الشارقة للآثار»

بُدور القاسمي تشهد الندوة العلمية لعلماء آثار المشهد الطبيعي في المنطقة العربية

12:58 مساء
قراءة 5 دقائق
بُدور القاسمي تشهد الندوة العلمية لعلماء آثار المشهد الطبيعي في المنطقة العربية

الشارقة:«الخليج»
شهدت الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، رئيسة هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق) أعمال الندوة العلمية التي نظمتها هيئة الشارقة للآثار يوم السبت الماضي في مقر الهيئة، بحضور عيسى يوسف، المدير العام لهيئة الشارقة للآثار، والدكتور صباح عبود جاسم، مستشار الهيئة ومبارك إبراهيم الناخي، وكيل وزارة الثقافة وعدد من الضيوف من خارج دولة الإمارات من المملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان، بمشاركة مكتب «يونسكو» لمصر والسودان، ونخبة من مسؤولي الهيئة والأكاديميين علماء الآثار والباحثين من داخل الدولة، وألمانيا وبريطانيا وفرنسا والسودان.
وجاءت الندوة بالتعاون بين الهيئة وجامعة «توبنغن» الألمانية وجمعية «سينكنبرغ للتاريخ الطبيعي»، تخليداً لمرور أعمال موسم التنقيب الثلاثين في جبل البحيص وجبل الفاية في الشارقة تحت عنوان «علم آثار المشهد الطبيعي والبيئيات القديمة والتكيفات البشرية والهجرات في المنطقة العربية»، حيث جاءت الجلسات النقاشية البحثية على مدى يومي 24 و25 من فبراير الجاري.

بُدور القاسمي تشهد الندوة العلمية لعلماء آثار المشهد الطبيعي في المنطقة العربية


إثراء النشاط الأثري
في مستهل الندوة، ألقى الدكتور صباح عبود جاسم، كلمة أعرب فيها عن شكره وامتنانه لحضور الشيخة بدور للحدث، ما يعكس اهتمام القيادة الرشيدة بتوثيق المكانة الأثرية لمختلف المناطق في الدولة وحمايتها، ويمثل دعماً نوعياً لدور الهيئة في إثراء النشاط الأثري لإمارة الشارقة والحفاظ عليه، وتعزيز الهوية الأثرية لها، ونشر الوعي بتراثها الثقافي والمادي والحضاري المحلي والعالمي.

بُدور القاسمي تشهد الندوة العلمية لعلماء آثار المشهد الطبيعي في المنطقة العربية


تاريخ عريق
وأكد عيسى يوسف، أن الهيئة تسعى بإجراء الدراسات العلمية التخصصية في البحث والتنقيب عن الآثار في مختلف المناطق الأثرية في الإمارة، وحصر وتوثيق ما فيها من مكتشفات مهمة ونقوش صخرية وعبر الباحثين وعلماء الآثار المتخصصين في التنقيب والحفظ والتوثيق، وعقد المؤتمرات والندوات العلمية الكبرى في هذا الصدد إلى صون التاريخ العريق للتراث الثقافي لإمارة الشارقة، وهو تاريخ ذو رصيد حافل يتميز بأنه موغل في القدم، إذ يظهر بهذه الدراسات والبحوث الميدانية المتواصلة أن البشر منذ آلاف السنين استوطنوا مواقع عدّة في الدولة بشكل عام، وفي إمارة الشارقة، بشكل خاص، التي تحتضن أقدم موقع بشري معروف في شبه الجزيرة العربية، وهو الموقع الصخري في جبل الفاية في منطقة مليحة الأثري الذي أُدرج أخيراً ضمن القائمة التمهيدية للتراث العالمي في «يونسكو»، بما يسهم في الإضاءة على تاريخ الدولة، تعريفاً بالقيمة الثقافية وأهميتها الأثرية عالمياً، فضلاً عن موقع جبل البحيص، وغيرهما من المواقع الأثرية في الشارقة.

بُدور القاسمي تشهد الندوة العلمية لعلماء آثار المشهد الطبيعي في المنطقة العربية


دراسات ميدانية
شملت خطة الندوة العلمية، ورقة تحدث فيها الدكتور صباح عبود جاسم، عن التراث الأثري والمشهد الثقافي للمنطقة الوسطى في الشارقة، تلاها استعراض مشترك بين الدكتور صباح جاسم ونيكولاس كونارد، من جامعة توبنغن الألمانية، تناولا فيه ملاحظات مهمة عن الإرث البحثي للدكتور هانس بيتر إيبربمان، في الشارقة.
جبل الفاية
وأوضح العرض الذي قدمه الدكتور جاسم، أن جبل الفاية يقع في إمارة الشارقة وتحديداً منطقة مليحة، ويعدّ أحد أهم مواقع العصر الحجري القديم في شبه الجزيرة العربية، حيث كشفت عمليات التنقيب الأثري عام 2009، عن وجود استيطان بشري يعود إلى 125000عام، ما جعله أقدم موقع بشري معروف في شبه الجزيرة العربية. وتشير البيانات الأثرية الجديدة من جبل فاية التي نشرت في التقارير العلمية، إلى أن الاستيطان البشري في الجنوب العربي حدث في ظل جملة غير متوقعة من الأوضاع المناخية قبل ذلك بكثير ما كان يعتقد سابقاً. وباستخدام مجموعة متطورة من التقنيات الأثرية والمناخية القديمة وتقنيات التأريخ، تمكن الفريق من إعادة بناء أربع مراحل متميزة من الاستيطان البشري بين 210 آلاف و120 ألف سنة مضت.
ويوضح هذا بشكل حاسم أن البشر قاموا باستيطان الموقع خلال الأوضاع المناخية الجافة والرطبة، ما يمثل تحدياً للأفكار السابقة، عن متى كان بإمكان البشر وما لا يمكنهم استيطان المواقع العربية خلال العصر الحجري القديم، ويفتح إمكانية أن تقدم شبه الجزيرة العربية المزيد من الأدلة على رحلة الإنسان خارج إفريقيا خلال مراحل الجفاف.
الاكتشافات الأثرية
وتضمنت الندوة تناول الاكتشافات الأثرية في جبل الفاية، حيث هناك الكثير من الاكتشافات التي دلت أن موقع جبل الفاية كان معبراً للبشر ومأهولاً بالسكان من مختلف القارات في العصر الحجري، فهذا الجبل محفوف بالكثير من الأدوات الحجرية، حيث برز الكثير من عمليات التنقيب التي خلفت وراءها مجموعة من الاكتشافات في موقع جبل الفاية، فضلاً عن موقع «فاية إن إي 1» الذي يعدّ من أهم المواقع الأثرية في جبل الفاية، لما يضمه من اكتشافات بارزة، حيث أثبتت الاكتشافات أن للموقع أهمية بالغة ليس محلياً فحسب، بل عالمياً أيضاً؛ كونه يوضح تاريخ الهجرة البشرية الأولى التي يدور حولها الكثير من الجدل.
الأحجار والقشور الكلسية
اشتمل العرض أيضاً الكشف عن قشور كلسية بيضاء في المنطقة، ما أدى إلى استنتاج طبيعة المناخ في تلك المنطقة بفضل آثار كربونات الكالسيوم، إذ تم التوصل إلى رطوبة المناخ في العصر الحجري آنذاك، ما دل على أن تكون هذه المنطقة غنية بالمواد الخام التي بفضلها استطاع سكان المنطقة في وقتها صنع الأدوات الحجرية، والكشف عن أحجار الصوان التي كست المنحدر الشمالي الشرقي لجبل الفاية.
جبل البحيص
من جانب آخر، استعرضت الندوة جبل البحيص الذي يقع في القطاع الأوسط من إمارة الشارقة ويرتفع 340 متراً فوق مستوى السهل المجاور، ويتكون من طبقات كلسية ويعود إلى العصر الجيولوجي المؤرخ إلى 60-65 مليون سنة مضت، حيث شهدت سفوح الجبال والمنطقة المحيطة بها سلسلة من التنقيبات الأثرية ابتداء من عام 1995، من بعثة مشتركة من إدارة الآثار في دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة سابقاً، ومعهد الدراسات الأثرية، لما قبل التاريخ والعصور التاريخية والوسطى في جامعة «تيوبنغن الألمانية»، ولقد أسفرت التنقيبات عن مقبرة واسعة تضم قبوراً عدّة تعود بفترات زمنية مختلفة ابتداءً من العصر الحجري الحديث مروراً بالعصرين البرونزي والحديدي، وصولاً إلى العصر الهلنستي.
المشاهد الطبيعية 
كما استمع الحضور إلى نيكولاس كونارد، من جامعة «تيوبنغن» في حديث ثري عن أهمية الجزيرة العربية في فهمنا للتطور البشري. فيما تطرق فرانك بريوسر، من جامعة «فرايبورغ» الألمانية إلى البيئات الطبيعية القديمة في جنوب شرق شبه الجزيرة العربية.
وركزت ورقة أدريان باركر، من جامعة «أكسفورد بروكس» البريطانية على التغيرات الطبيعية القديمة التي شهدتها الشارقة والإمارات. وأما كنوت بريتزكي، المحاضر في جامعتي «يينا» و«تيوبنغن» الألمانيتين فقد استعرض في مشاركته المناظر الطبيعية القديمة في منطقة جبل الفاية بالشارقة، كونها أرشيفاً متميزاً غنياً في مجال العلوم الإنسانية، وتوثيقاً لمظاهر ودلالات التكيف المبكر لسكان المنطقة مع الصحراء.
وفي سياق مقارب، جاءت ورقة لويز بوردو، من جامعة «نيس» الفرنسية، لتضع الإجابة عن ما إذا كان تطور الواحات في دولة الإمارات، هو نتيجة لديناميات بيئية أوأنشطة بشرية. قبل أن يختتم محمد نصر الدين، من السودان الشقيق والمحاضر في جامعة «ود مدني» السودانية و«توبنغن» الألمانية بورقة شيقة ومهمة أضاءت على الحياة، على طول النيل وعلم آثار المناظر الطبيعية، وعلم البيئة القديمة في السودان.
عصور ما قبل التاريخ 
وتمحورت مشاركة نوريا سانز، المديرة الإقليمية لمكتب «يونسكو» لمصر والسودان بمكتب الاتصال مع جامعة الدول العربية، القاهرة) عن المناظر الطبيعية القديمة في عصور ما قبل التاريخ وتغير المناخ في الدول العربية وعمل برنامج HEADS للتراث العالمي لليونسكو.
وتحدثت خلود الهولي السويدي، مديرة إدارة التراث الثقافي المادي في هيئة الشارقة للآثار، عن المشاهد الطبيعية القديمة بجبل الفاية الذي يعدّ أحد الملفات المرشحة للإدراج ضمن القائمة التمهيدية للتراث الثقافي العالمي.
واستمع الحضور في نهاية الندوة العلمية إلى مناقشة عامة شملت ملاحظات ختامية عن الأوراق والموضوعات التي تناولها المشاركون، كما نظمت الهيئة يوم السبت، ضمن أعمال الندوة، رحلة لجميع المشاركين إلى جبل الفاية، وتضمنت عرضاً للمواد الأثرية من الدكتور كنوت بريتزكي.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/499yczke

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"