ضريبة الميثان الزراعي

22:54 مساء
قراءة 4 دقائق

آنغوس كيبيل*

يزداد التدقيق على انبعاثات غاز الميثان من الزراعة وتربية الماشية بشكل كبير، لمساهمتها في أحجام الغازات الدفيئة عالمياً. وفي الوقت الذي بات فيه من الضروري معالجة المخاوف البيئية، علينا توخي الحذر إذا مضينا في طريق فرض ضريبة شاملة لإنتاج غاز الميثان على المزارعين؛ لأن ذلك يتجاهل تعقيدات النظم الزراعية الموجودة.

فمن جهة، سيتحمل المزارع، الذي يعمل في كثير من الأحيان بهوامش ربح ضئيلة، العبء الأكبر من هذه الضرائب. ومن جهة ثانية، قد يؤدي فرض ضرائب على المزارعين مقابل إنتاج غاز الميثان إلى تثبيط الاستثمار في التكنولوجيات المستدامة.

ويواجه المزارعون بالفعل العديد من التحديات، بما في ذلك أنماط الطقس التي لا يمكن التنبؤ بها، وتقلب أسعار السوق، وارتفاع تكاليف المدخلات. وقد يؤدي فرض الضرائب عليهم مقابل انبعاثات غاز الميثان إلى الإضرار بالكثير منهم، ما يهدد قدرة المزارع الأسرية والمجتمعات الريفية على البقاء.

علاوة على ذلك، بدأ العديد من المزارعين بتبني ممارسات مبتكرة، مثل الهضم اللاهوائي لغاز الميثان وتحسين تركيبات الأعلاف، وتطوير علم الوراثة للحد من الانبعاثات. لكن التكاليف الأولية لتنفيذ هذه التقنيات باهظة، كما أن الضرائب ستحدّ من القدرة على الاستثمار في هذه الحلول.

وتمتد الآثار المترتبة على فرض الضرائب على المزارعين بسبب انبعاثات غاز الميثان إلى ما هو أبعد من الاعتبارات الاقتصادية. فالزراعة هي العمود الفقري للأمن الغذائي العالمي، وأي سياسة تقوّض استقرارها ستهدد إمكانية إطعام عدد متزايد من السكان.

وبدلاً من التدابير العقابية مثل الضرائب، ربما ينبغي لصناع السياسات التركيز على تحفيز الممارسات المستدامة من خلال الدعم الموجّه والاستثمار العادل والإقرار بالعمل الجيد الذي تحقق بالفعل في المزارع. ويعترف هذا النهج بأهمية الحد من انبعاثات غاز الميثان، مع ضمان عدم معاقبة المزارعين بشكل غير متّسق بسبب دورهم الأساسي في إنتاج الغذاء.

فماذا عن الأشجار في المعركة ضد تغير المناخ؟ تقف الأشجار كحلفاء أقوياء؛ حيث تقدّم حلاً طبيعياً من خلال عزل الكربون. لكن السؤال الذي يطرح نفسه، من الذي يجب أن يستفيد من هذا المورد؟ هل ينبغي أن تكون شركات الوقود الأحفوري، التي تُسهم ممارساتها بشكل كبير في الانبعاثات، أم المزارعون الذين يمكنهم استخدام الأشجار لتوليد الدخل وتعويض انبعاثاتهم؟

تمتلك الأشجار قدرة ملحوظة على امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، وبالتالي التخفيف من تغير المناخ. ومن خلال زراعتها بشكل استراتيجي على الأراضي الهامشية، يمكن للمزارعين المساهمة في جهود عزل الكربون مع جني الفوائد الاقتصادية أيضاً.

فالمزارعون ليسوا منتجين للأغذية والألياف فحسب، بل هم أيضاً مشرفون على الأرض، ولديهم مصلحة راسخة في الحفاظ على مواردهم الطبيعية للأجيال القادمة. وتسخير الأشجار لعزل الكربون يتماشى مع روح الإدارة البيئية لديهم، ما يسمح لهم بلعب دور نشط في مكافحة تغير المناخ.

كما أن زراعة الأشجار لاحتجاز الكربون تتيح للمزارعين فرصة تنويع مصادر دخلهم. ومن خلال نظام مقايضة الانبعاثات، يجب أن يحصل المزارعون على إيرادات عن طريق احتجاز الكربون في أراضيهم، وتمكين المزارعين من تعويض انبعاثاتهم بشكل فعال، الأمر الذي يقلل أو يزيل تلك الانبعاثات، ويُسهم في الجهود الشاملة لخفضها.

أعتقد أنه من الضروري إعطاء الأولوية للمزارعين على شركات الوقود الأحفوري عند تخصيص الموارد لمبادرات عزل الكربون. وعلى عكس الأخيرة، لدى المزارعين مصلحة خاصة في تبني ممارسات مستدامة تعود بالنفع على سبل عيشهم أولاً والبيئة ثانياً.

وفي السياق ذاته، من شأن السماح لكبار المتسببين في الانبعاثات، وخاصة الشركات التي تعتمد على الوقود الأحفوري، بالتعويض بنسبة 100% من انبعاثاتها، أن يقوض حتمية التغيير الحقيقي في ممارساتها التجارية. وقد يبدو السماح لها بالتعويض عن جميع انبعاثاتها بمثابة حل مباشر لتحقيق الحياد الكربوني. ومع ذلك، فإن هذا النهج أثبت فشله في معالجة السبب الجذري للانبعاثات ولم يقدم حافزاً يذكر للشركات للانتقال إلى ممارسات أكثر استدامة.

عندما تتمكن الشركات ببساطة من شراء تعويضات لتقليل انبعاثاتها بشكل زائف، فإنها تتحرر من الضغوط التي تدفعها إلى الاستثمار في التقنيات المستدامة أو تقليل بصمتها الكربونية بالقيمة الحقيقية. ويؤدي الافتقار للمساءلة إلى إدامة الوضع الراهن، وإعاقة التقدم نحو اقتصاد منخفض الكربون.

علاوة على ذلك، فإن الاعتماد فقط على التعويضات يمكن أن يُحفز ما يسمى ب «الغسيل الأخضر»، وهي ممارسة تطرح صورة إيجابية مضللة عن التأثير البيئي للشركات لإقناع الجمهور بأن منتجاتها وأهدافها وسياساتها صديقة للبيئة، تستخدم من خلالها الشركات والمنظمات تلك التعويضات كأداة للعلاقات العامة، وتُخفي اعتمادها المستمر على الوقود الأحفوري، وتصور نفسها على أنها مسؤولة بيئياً، دون إجراء تغييرات فاعلة أو ذات معنى على عملياتها.

لا ينبغي أن يُنظر إلى هذا على أنه هجوم على كبار المتسببين في الانبعاثات، ولا أن نسمح في المقابل بنشر المعلومات المضللة، مثل أن تكون المزارع المنتجة للغذاء هي المسبب الأساسي للانبعاثات.

* كاتب في موقع «إنترست دوت كو» النيوزيلندي

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/4zn89tc6

عن الكاتب

كاتب في موقع «إنترست دوت كو» النيوزيلندي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"