د. لويس حبيقة *
حاولت الولايات المتحدة إضعاف الصين عبر سياستين سابقتين لم تنجح فيهما. في الأولى حاولت إدارة الرئيس أوباما إفشال «المصرف الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية» في فترة 2014-2015، لكن حلفاء أمريكا لم يتعاونوا. وحاول الرئيس ترامب منع الحلفاء من التعاون مع الصين في بناء طريق الحرير الجديد، لكنه لم ينجح أيضاً. سياسة الرئيس بايدن الصينية متأرجحة بين المواجهة والتعاون دون وجود خط مبدئي واضح. الصين قوية ولها علاقات مباشرة وقديمة مع الدول الغربية لا يمكن قطعها.
ما هي نقاط القوة التي يتمتع بها اقتصاد الولايات المتحدة؟ تعتبر الولايات المتحدة مقر النجاح الفردي العالمي ليس فقط في الأعمال وإنما أيضاً في الرياضة والعلوم والآداب وغيرها. توفر الجامعات الأمريكية فرصاً للإبداع والتقدم والتجدد، كذلك الأمر بالنسبة لمعاهد البحوث والتطوير. ما زال النقد الأمريكي الأهم في العالم حيث 41% من المبادلات التجارية والمالية مقيمة بالدولار مقابل 1% للنقد الصيني. ما هي نقاط القوة التي يتمتع بها الاقتصاد الصيني؟ القوة التجارية مدهشة حيث 10% من الواردات العالمية هي إلى الصين و 13% من الصادرات تخرج منها. تنعكس القوة التجارية على السياسة وبالتالي تقوي الموقع الصيني عالمياً. هنالك اليوم أكثر من مئة دولة تتبادل تجارياً مع الصين بضعف ما تتبادله مع الولايات المتحدة. بالنسبة للولايات المتحدة، 13% من الواردات العالمية تأتي إليها ويصدر منها فقط 9% من مجموع الصادرات.
تحتاج أمريكا للصين في التمويل إذ إن الاقتصاد الأمريكي يعاني من العجزين التوأمين أي الخارجي والداخلي مما يفرض الاقتراض الخارجي عملياً من دول الخليج كما من الصين وبعض الدول الآسيوية. يمكن للولايات المتحدة أن تطبع الدولار لتمول نفسها، لكن هذا يضاعف التضخم المؤذي. تحتاج أمريكا للصين في استيراد السلع الجيدة الرخيصة محاربة للتضخم داخلها. كل من الدولتين يريد النجاح في السياسة والاقتصاد وغيرهما وهنالك فرص كبيرة للتعاون المستقبلي علماً أن الخلاف الحالي ليس آيديولوجياً وإنما خلاف نفوذ ومصالح.
تحتاج الصين إلى النمو القوي ليبقى الاستقرار الداخلي مستمراً مع الحفاظ على الحريات الموجودة. ينعكس هذا النمو على النقد في قيمته وامتداده دولياً. أما مشكلة الانحدار السكاني، فهي أصعب ومكلفة أكثر اذ ترتفع نسبة المسنين وتصبح تكلفة العناية الاجتماعية أكبر. هذا يعيق عملية النمو المستقبلي وهنالك مثال عليه هي اليابان مع فارق الوقت والهيكلية الاقتصادية والنظام السياسي.
من مصلحة الدولتين تطوير العلاقات الثنائية وصولاً إلى التفاهم حول مختلف الأمور بينها المناخ. لأن مواقف الرأي العام هي علنية في أمريكا أكثر منها في الصين ولأنها تتخذ بحرية أكثر، من مصلحة الصين الحفاظ على علاقات مباشرة جيدة مع قطاع الأعمال الأمريكي الذي لم يدعمها حتى في أحلك الظروف أي ضد الضرائب الجمركية على الواردات الصينية وضد تقييد الصادرات الأمريكية خاصة المتطورة تكنولوجياً. هنالك ضرورة للتسويق ويجب أن تقوم به الصين عالمياً حماية لمصالحها.
*كاتب لبناني