شهر القراءة الإنسانية

00:48 صباحا
قراءة دقيقتين

في الحادي عشر من مارس/ آذار 2024 نكون قد بلغنا المرحلة الثانية من «شهر القراءة الوطني» لدولة الإمارات، وفي التاريخ نفسه نكون في ضيافة المرحلة الأولى من الموسم الرمضاني لسنة 1445 ه، بما يعني أننا في مرحلة قرائية تتناسب وخصوصية الشهر الفضيل، بما تعنيه الكلمة من معنى يذهب عميقاً نحو القراءة بمفهومها الثقافي الديني الإسلامي، والثقافة الإنسانية بعمومها وعوالمها، وبفصولها وتفاصيلها.

شهر رمضان، شهر القرآن الكريم بلا منازع، ومن دون أدنى شك في ذلك.. قال تعالى (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى للنَّاسِ وبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى والْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ومَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ ولَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ولِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ ولِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَدَاكُمْ ولَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) [البقرة:185].

في رمضان يأخذ القرآن في السطوع وإحاطة الكون بأثره النوراني الذي يتجاوب معه القاصي والداني، الصغير والكبير، المرأة والرجل، الغني والفقير، الحاكم والمحكوم. ورمضان هو شهر القراءة الدينية بامتياز؛ قرآن، وأحاديث، وسِيَر، وقصص من التراث الإسلامي والإنساني العام. وهو شهر العلاقات البشرية المسلمة على نطاق واسع من الجغرافيا الإسلامية العالمية، في شرق الأرض ومغربها.

في رمضان، يستوجب الأمر قراءة الأحوال المادية لمجموعة من الفئات البشرية، على اختلاف أجناسها. ويستوجب السؤال عن المحتاجين من الناس، الذين هم من خاصتنا، أو من عموم المسلمين، دون الحاجة إلى أن يلجؤوا بأنفسهم إلى البحث عن ضالتهم من المال والغذاء لدى الناس، من أقاربهم كانوا أم من غير الأقارب.. الذين ربما يُساء فهمهم وفهم سؤالهم، بما يُظن أنهم يمارسون التسول على نطاق ضيق عبر سؤال خاصتهم من الناس.. فعزة النفس تمنعهم من السؤال الذي هو لغير الله سبحانه وتعالى مذلة للنفس البشرية المفطورة على الحياء، ومصدر قلق للقلوب المرهفة الحس والاعتداد بالنفس؛ يقول تعالى (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيماهُمْ لا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وما تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ) [البقرة:273].

إذاً؛ استرشاداً بالفعل النبوي النبيل، بسؤاله صلّى الله عليه وسلّم عن المساكين، وعيادتهم، والسعى في حاجاتهم، وتفقّد أحوالهم رحمة ورفقاً بهم، فإن ما يجب فعله هو قراءة المشهد الاجتماعي العام، بالبحث عن ضالتنا المعنية بالبذل والعطاء الإنساني الإسلامي في شرائح المجتمع المختلفة؛ أقارب، وجيران، وجاليات من كل جنس، ومن كل صنف ولون، ففيهم البائس الفقير، وفيهم المضطر (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ ويَكْشِفُ السُّوءَ ويَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ)[النمل:62].
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5tkw7phc

عن الكاتب

أديب وكاتب وإعلامي إماراتي، مهتم بالنقد الأدبي. يحمل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال، من جامعة بيروت العربية. وهو عضو في اتحاد كُتّاب وأدباء الإمارات، وعضو في مسرح رأس الخيمة الوطني. له عدة إصدارات في الشعر والقصة والمقال والدراسات وأدب التراجم

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"