عادي

مؤسسة «كلمات».. وطن الأطفال

16:35 مساء
قراءة 3 دقائق
خلال إحدى فعاليات المؤسسة
آمنة المازمي
الشارقة: الخليج
ليس من باب الصدفة أن تختار دولة الإمارات العربية المتحدة شهر مارس/ آذار شهراً للقراءة، فهذا التزامن يحمل الكثير من الجماليات والمعاني المشتركة بين مارس، من ناحية، والقراءة من ناحية أخرى، فقد وُصِف مارس في ثقافات العالم أجمع، بأنه موسم التجدد وولادة الجمال، واكتساب الأرض حلة بديعة متنوعة، بألوانها ووظائفها، وليست القراءة إلا ذلك وأكثر، فهي تجديد للنفس والحياة، وثراء وتنوع بديع للفكر والرؤى، إنها كما وصفها الأديب والمفكر عباس محمود العقاد بقوله: «القراءة وحدها هي التي تعطي الإنسان الواحد أكثر من حياة واحدة».
وفي رحلة التجدد هذه، يبرز دور «مؤسسة كلمات» كمثال حي على الأثر الذي يمكن أن تحدثه القراءة في حياة الناس، ففي أحد مخيمات اللجوء بهولندا، يعيش ساهر عبد الله مع عائلته؛ لاجئاً، مثل مئات الأشخاص العرب الذين يبحثون عن ملاذٍ آمن، ولكن هذا اليوم ليس عادياً بالنسبة إلى ساهر وعائلته، فقد سمع بوصول دفعة جديدة من الكتب عبر مبادرتها العالمية «تَبَنَّ مكتبة».
وكما يعلن شهر مارس عن بداية فصل جديد، فتح ساهر وعائلته فصلاً جديداً، عندما وصلت المكتبة إلى المخيم، فلم يستطع الانتظار لحظة، حيث اصطحب ابنته ماسة، وابنه أحمد، لأخذ روائع الكتب باللغة العربية التي تعزز تواصلهم مع هويتهم ولغتهم الأم، ويقول: «لا يمكننا التعبير عن فرحتنا بالكتب العربية التي تجعلنا نشعر بأننا أقرب إلى وطننا، حتى إن كنا بعيدين عنه جغرافياً».
لم تكن ماسة وأحمد وحدهما من استفادا من هذه المبادرة، فالأطفال العرب في الكثير من مخيمات اللجوء في العالم؛ وكذلك الأطفال الذين يعانون ظروفاً صحية خاصة من المكفوفين وضعاف البصر، وجدوا في «مؤسسة كلمات» ملاذاً لهم، من خلال مبادرة «أرى»، التي مكّنتهم من قراءة الكتب الميسرة المناسبة لحالاتهم، ووصلتهم بالمعارف، وعزّزت شغفهم بالقراءة، وهكذا، تترابط أهداف مبادرتي «تَبَنَّ مكتبة» و«أرى» مع غايات شهر القراءة، فكما يعطي مارس الأرض حياة جديدة، تعطي مبادرات «كلمات» الأمل للباحثين عن النور في ظلمات الغربة أو فقد البصر.
  • *أمل
ومع الاحتفاء بشهر القراءة، تتجلى روح العطاء الذي توفره مبادرات «مؤسسة كلمات» على مدار العام، من دون انقطاع، حيث أضاءت المؤسسة شعلة الأمل في قلوب الأطفال المكفوفين، وضعاف البصر، مانحة إياهم فرصة الإبحار في عالم الكتب، بتبرّعها من خلال مبادرة «أرى» بـ 30 ألف كتاب ميسّر في 11 دولة، مؤكدة أن القراءة لا تعترف بالإعاقات، وتأتي هذه الخطوة تماشياً مع «اتفاقية مراكش»، التي تعزز من حق الوصول إلى المعرفة للجميع.
وفي سياق متصل، تبرز مبادرة «تَبَنَّ مكتبة» في شهر القراءة، مثالاً يحتذى في دعم الأطفال اللاجئين والنازحين، حيث تمكّنت من توزيع نحو 16,700 كتاب في 24 دولة، لتصبح المعارف باللغة العربية وطناً يأوي إليه الأطفال في غربتهم، وتصبح المعرفة سبيلهم لبناء مستقبل أفضل، وهكذا تجسد هذه المبادرة الرؤية الإنسانية لـ«مؤسسة كلمات»، التي تبرعت بموجبها بمكتبات متنقلة تحتوي كل منها على 100 كتاب باللغة العربية، ما يعكس التزامها بنشر الثقافة والمعرفة.
  • *حق طبيعي
وفي هذا الإطار، تبيّن آمنة المازمي، مديرة مؤسسة كلمات أن هذه الاستراتيجية هي تأكيد على أن القراءة ليست ترفاً، بل هي شرط أساسي لنمو المجتمعات ونهضتها واستقرارها، وأنها حق طبيعي أساسي، كالحق في الغذاء، والمسكن، والأمن، واحترام الكرامة، مشيرة إلى أن المؤسسة أخذت على عاتقها ضمان هذا الحق للأطفال المحرومين والنازحين في بلدانهم، واللاجئين خارجها، انطلاقاً من اهتمام الشارقة، ودولة الإمارات، بالقراءة كعنصر حضاري يتجاوز نشره حدودها الجغرافية، ويصل إلى المجتمعات المحيطة تجسيداً لرؤيتها حول أهمية القراءة والمعرفة.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"