أكد جمال بن سيف الجروان، الأمين العام لمجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، أن الاستثمارات الإماراتية في الخارج حققت أداء متفوقا، في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية والمشهد الاستثماري غير المستقر، وهي تتزايد بشكل ملحوظ، ما يعكس توجه الدولة نحو توسيع محفظتها الاستثمارية، لتكون صمام أمان تستفيد منها الأجيال المقبلة، ولتتضمن مشروعات ذات قيمة مضافة للاقتصاد ومجدية تعبر عن حسن إدارة الوفر الاقتصادي والالتزام بتعزيز التنمية الاقتصادية والتعاون عبر الحدود.
وقال الجروان: «عززت الإمارات مركزها على صعيد الاقتصاد العالمي؛ إذ تقدر قيمة الأصول الإجمالية للاستثمارات الإماراتية في الخارج سواء حكومية أو خاصة بنحو 2.5 تريليون دولار، حتى مطلع عام 2024، وقد احتلت المركز الأول في المنطقة عربيا وعلى مستوى غرب آسيا والـ15 عالميا، والثاني عالميا في الاستثمار في الفرص الجديدة.»
- البعد القاري
وردا على سؤال حول البعد القاري وبؤر التمركز حول العالم، أوضح الجروان: «صفقات الاستثمار الخارجي هي محفظة استثمارات قوية في أركان المعمورة، لا يحدها افق، وتتوزع على قارات العالم الست، حيث استطاعت الإمارات عقد عدد من الصفقات الكبيرة والمهمة، نتج عنها الاستحواذ على العديد من المؤسسات والشركات المهمة والمشاريع العملاقة حول العالم».
وبيّن أن الاستثمارات الإماراتية، ترتكز بشكل رئيسي في عدة دول، لكن الولايات المتحدة تستحوذ على النصيب الأكبر، وتأتي في المقدمة من حيث السندات والأسهم حيث تبلغ قيمة الاستثمار في السندات 65 مليار دولار، بينما يبلغ الاستثمار المباشر 50 مليار دولار (115 مليار دولار)، تليها مصر باستثمارات قيمتها 65 مليار دولار، ثم المملكة المتحدة والهند بـ40 مليارا لكل منهما من حيث الاستثمار المباشر، ثم المغرب بإجمالي 30 مليار دولار، لافتا إلى أن أوروبا ككتلة تمثل بعدا استراتيجيا، نظرا لاستقرار العملة فيها، ما يشجع على ضخ استثمارات إضافية هناك.
وتابع: «نعمل حاليا في 90 دولة، وأتوقع أن تكون الهند وإندونسيا ودول الآسيان ومصر والمغرب ودول وسط آسيا وبريطانيا وفرنسا والمانيا وأمريكا وكندا وبعض دول شرق أوروبا خاصة صربيا واليونان وتركيا محل تركيزنا».
- أصحاب رأس المال
وحول تفصيل الملاك وأصحاب رأس المال، أوضح أمين عام المجلس، أن الاستثمارات الإماراتية في دول العالم مقسمة بين استثمارات الصناديق السيادية بنسبة 72%، حيث يقوم جهاز أبوظبي للاستثمار «آديا»، بالدور الأساسي، وكذلك شركة مبادلة للاستثمار، ومؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية، وجهاز الإمارات للاستثمار، وأبوظبي القابضة «ADQ». منوها بأن دولة الامارات تمتلك 7 صناديق سيادية، يفوق حجم الأصول الاستثمارية فيها تريليوني دولار، تليها الشركات الحكومية وشبه الحكومية بنسبة 18%، والبنوك الإماراتية بنسبة 2.5%، بالإضافة إلى نسبة 7.5% للشركات العائلية والخاصة.
وأردف الجروان: «لا ننسى الدور الريادي لصندوق أبوظبي للتنمية في توسيع نطاق أعمال الشركات الوطنية، وتمكينها من دخول أسواق جديدة، وتمويل المشاريع التنموية والاستثمارات المتنوعة، التي استفادت منها الكثير من دول العالم».
وحول نشاط وتعاون الملاك وأصحاب رأس المال مع الجهات والشركاء الدوليين، قال الجروان: «هناك مجموعة من الصفقات، التي تمت وكانت أبرزها صفقة شركة إدارة الأصول الأميركية «أبوللو غلوبال مانجمنت» وجهاز أبوظبي للاستثمار للاستحواذ على شركة «يونيفار سوليوشنز»، التي يقع مقرها في الإمارات مقابل 8.2 مليار دولار».
وأشار الى صفقة مؤسسة «كيس دي ديبو إي بلاسمان دو كيبك» الكندية، التي استحوذت على 22% من ملكية شركة موانئ دبي العالمية في كل من المنطقة الحرة في جبل علي ومجمع الصناعات الوطنية وميناء جبل علي، مقابل 5 مليارات دولار.
وذكر أن من بين أهم الصفقات في هذا المجال استحواذ مجموعة «إي آند» والوحدة التابعة لها «أطلس 2022 هولدنجز»، على حصة قدرها 9.8% من مجموعة «فودافون» البريطانية مقابل 4.4 مليار دولار، واستحواذ شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك» على 24.9% من شركة النفط والغاز النمساوية «أو إم في OMV AG» من صندوق ثروة سيادية محلي تابع لشركة مبادلة مقابل 4.1 مليار دولار، مضيفا: «مع تنامي شعبية الصفقات العابرة للحدود، تظهر صفقة رأس الحكمة بقيمة 35 مليار دولار».
- مسار الاندماج والاستحواذ
وحول مدى رضاه عن نشاط مسار الاندماج والاستحواذ، قال الأمين العام للمجلس: «تشهد الاستثمارات الإماراتية في الخارج طفرة نوعية، ويشهد هذا القطاع نموا هو الأعلى على الإطلاق، من حيث الاندماج والاستحواذ في ترجمة للثقة الكبرى، التي تتمتع بها الإمارات لدى شركائها في مختلف قارات العالم».
وأضاف: «يوجد مسار إيجابي وأكثر من رائع لنشاط الاندماج والاستحواذ، وهذا يسمح للشركات بتوسيع نطاق عملياتها والوصول إلى أسواق جديدة أو تحقيق تكامل أكبر وتحسين الكفاءة، وتحقيق النمو وتعزيز القيمة للشركات والمستثمرين على حد سواء».
وأكد أن متابعة ورصد المجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج، أظهر نشاط دولة الإمارات وتصدرها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ضمن قائمة دول المنطقة المستهدفة بصفقات الاندماج والاستحواذ وقائمة الدول المشاركة في الصفقات، من حيث القيمة، وتصدر القطاع الخاص المشهد، حيث كان التوفيق حليف الصناديق السيادية الإماراتية والشركات الوطنية الكبرى في ذلك، والتي قامت بدور حاسم في تشكيل مشهد إبرام الصفقات ومواءمة استثماراتها بشكل إستراتيجي مع الأهداف الاقتصادية لدولة الإمارات«. مبينا أن الإمارات تمتلك العديد من الشركات والصناديق السيادية الوطنية، التي تشارك في صفقات الاندماج والاستحواذ على مستوى العالم، وتسهم في تعزيز الاقتصاد وتوجيه الاستثمارات بطريقة تعود بالفائدة على الدولة والمستثمرين على حد سواء.
- أهم المؤشرات
وأورد الجروان أهم المؤشرات والإحصائيات، وقال إن الإمارات صدرت استثمارات بقيمة 1.9 مليار دولار، خلال الفترة من 1991 حتى عام 2000، و53.6 مليار دولار، خلال فترة عشر سنوات أخرى من عام 2001 حتى 2010، وصولا إلى 240 مليار دولار إجمالي الرصيد التراكمي للاستثمارات الإماراتية الصادرة إلى الخارج بنهاية عام 2022، مقارنة برصيد عام 2021 البالغ 215 مليار دولار.
وعلى صعيد التدفقات السنوية، أوضح أن تدفق استثمارات الإمارات إلى الخارج، ارتفع في عام 2022 ليبلغ 24.83 مليار دولار بنسبة زيادة 10% عن عام 2021، الذي بلغ فيه 22.54 مليار دولار، كما احتلت دولة الإمارات المرتبة الـ 15 عالميا في تدفق الاستثمارات إلى دول العالم في عام 2022، مقارنة بالمركز الـ 20 عام 2021، وفقا للتقرير الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد».
- القوة الناعمة
وردا على سؤال حول كون الاستثمارات الإماراتية في الخارج واحدة من جوانب القوة الناعمة للإمارات قال: «القوة الناعمة الإماراتية إرث المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، مؤسس الدولة، وعلى نهجه واصل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مسيرة النهضة والتقدم والازدهار، بخطى واثقة نحو مرحلة مقبلة عنوانها (قائد يتطلع نحو المستقبل والتفوق)».
وتابع: «وفق رؤية صاحب السمو رئيس الدولة الشاملة لبناء مستقبل أكثر إشراقا، تستغل الدولة جميع الإمكانيات المتاحة حاليا ومستقبلا من أدوات القوة الناعمة ومصادرها في إطار إستراتيجية متكاملة، وقد احتلت المرتبة العاشرة عالميا والأولى إقليميا في مؤشر القوة الناعمة العالمي للعام 2024». مشيرا إلى أن تعزيز هذا التوجه يجعل من الإمارات شريكا موثوقا به ومرتبطا أكثر من أي وقت مضى بالاقتصاد العالمي، ولاعبا مهما في المشهد الدولي.
- شراكات دولية
وأكد أن لدولة الإمارات شراكات دولية وإقليمية وإستراتيجية وروابط قوية مع العديد من الدول الشقيقة والصديقة، وأن الاستثمارات الإماراتية التي تتواجد اليوم في 90 دولة حول العالم تسهم في دعم الصورة الإيجابية للدولة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، مشددا على أنه لا يمكن النظر إلى تلك الاستثمارات من ناحية تجارية فقط، لأن أغلبها تنموية تستهدف دعم اقتصادات الدول الشقيقة والصديقة وتحسين الأوضاع المعيشية لشعوبها، ودعم الصورة الإيجابية والسمعة الطيبة للدولة ومواطنيها على مستوى العالم، خاصة بعد أن حققت نجاحا متزايدا في تنفيذ مشاريع عملاقة في قطاعات البنية التحتية والاتصالات وتجارة التجزئة والعقارات والزراعة والصناعة في البلدان المستهدفة.
ونوه إلى أن استثمارات الدولة خففت بشكل كبير من الأزمات المعيشية والظروف الصعبة، التي يعيشها سكان العديد من الدول، ولم تغفل مسؤوليتها الاجتماعية، حيث أسهمت في توفير فرص العمل والوظائف للشباب في الأسواق التي تعمل بها، وحسنت مستويات المعيشة لملايين البشر في دول العالم.
وختم الجروان بالقول: «الاستثمارات الخارجية صدرت المعرفة والتقنية الإماراتية إلى دول العالم، ونقلت إليها التجربة المتميزة والرائدة التي حققتها الدولة في مجال الإدارة، ونجحت في تعزيز سمعتها الإيجابية رغم المنافسة القوية في هذا المجال». (وام)