عن الرق والعبودية والعنصرية

00:12 صباحا
قراءة دقيقتين
2

على الرغم من الإنجازات الحضارية التي حققتها البشرية، إلا أن هناك نقاطاً سوداً لا تزال تلطخ سجلها، وتعتبر وصمة عار على جبينها، مثل الجوع والفقر والحروب والرق والعبودية والعنضرية، وهي آفات قاتلة لا تزال تشكل عبئاً على ضمير الإنسانية.

في اليوم العالمي لإحياء ذكرى ضحايا الرق والعبودية عبر المحيط الأطلسي، التي استمرت بشكل مأساوي لأكثر من أربعة قرون، والذي يصادف الخامس والعشرين من مارس (آذار) من كل عام، وجه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش كلمة بالمناسبة دعا فيها إلى إنهاء ما وصفه ب«إرث هذه الكذبة العنصرية»، وطالب ب«التصدي للعواقب الوخيمة والمستمرة التي خلّفها الرق وتجارة الرقيق عبر الأطلسي»، وأضاف «انتهت تجارة الرقيق عبر المحيط الأطلسي قبل أكثر من قرنين من الزمان، ولكن أفكار تفوق العرق الأبيض التي كانت تقوم عليها ما زالت حية»..

يُذكر أنه خلال الفترة من القرن الخامس عشر إلى القرن التاسع عشر تم اختطاف نحو 12.5 مليون إفريقي، حيث جرى نقلهم قسراً بواسطة البواخر والتجار الأوروبيين وبيعهم كعبيد في الأمريكتين.

ومن ضمن هذا العدد الهائل من الأفارقة الذين سلبت منهم حريتهم، فارق ما لا يقل عن 1.5 مليون إنسان الحياة قبل بلوغهم اليابسة بسبب ظروف نقلهم القاسية والصعبة على متن البواخر.

هذا الماضي البشع وضع الأسس لنظام عنصري عنيف قائم على تفوق العرق الأبيض، وهو نظام لا يزال قائماً حتى الآن في ممارسات بعض الدول، ونشهد مثالاً فاقعاً عليه في فلسطين، حيث تتجلى أبشع صور رفض وجود الآخر الفلسطيني، وإنكار إنسانيته، وحقوقه، وحقه في تقرير المصير، وهو الآن يتعرض لحرب إبادة لإزالة وجوده، من دون أن تحميه قوانين وشرائع دولية أو دول تحمل رايات حقوق الإنسان.

وفق منظمة العمل الدولية، فإن نحو 50 مليون شخص حول العالم عاشوا «عبودية حديثة»، إما بالعمل القسري أو بالزواج القسري، ما يمثل قفزة بنسبة 25 في المئة عما كان عليه الوضع قبل خمس سنوات.

هذا يعني أن العبودية والرق ما زالا في القرن الواحد والعشرين يمثلان إرثاً لم تتخل عنه البشرية جراء الفقر والعوز والحروب والهجرة والعنف المبني على النوع والعرق والدين، وهي ندوب تشوه مجتمعاتنا وحضارتنا وتعيق التنمية، وتشكل عبئاً على العلاقات الإنسانية، وانتهاكاً لكل القيم الإنسانية والأخلاقية.

في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة بالمناسبة قال رئيسها فولكان بوزكير: لقد تم تحويل المستعبَدين إلى ممتلكات، وجُردوا من حرينهم وكرامتهم وهويتهم. وهذا يعني أن العنصرية تشكل أبشع أشكال التعصب والحقد والكراهية، وتؤدي دائماً إلى إلغاء الآخر المختلف عرقاً وديناً وفكراً، وتتسبب بالحروب والكوارث.

على العالم أن يتخلى عن صمته تجاه ما يجري من ممارسات تحدّ من حقوق الإنسان، بالتخلص من إرث العبودية والعنصرية المقيت وعدم السماح لهذا الوباء بأن يتفشى ويجرد الإنسان من إنسانيته، مع كل ما ينجم عن ذلك من عواقب وخيمة.

.. لقد خلق الله الإنسان حراً، ولم يخلقه تراثاً أو عقاراً. واستئصال العبودية والعنصرية جزء من معركة الإنسانية من أجل عالم تسوده العدالة والمساواة والحرية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mun7ypk2

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"