الأطعمة والكوليسترول

د. محمد زيدان *

كثير منا لا ينتبه إلى مستوى الكوليسترول في الدم بالقدر الكافي، وعند عمل فحوص طبية عامة يتجاهل طلب فحص الكوليسترول وفحص الدهون الثلاثية بالدم نتيجة للاعتقاد السائد بأن من في عمر الشباب وما قبل الخمسين عاماً يجب ألا يقلق بخصوص مستوى الكوليسترول في الدم، وهذا اعتقاد خاطئ.

ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم وارتفاع نسبة الدهون الثلاثية في الدم قد يسببهما طفرة أو خلل في الجينات، وبالتالي لا يرتبطان بعمر محدد ونجدهما حتى في الأطفال. الكوليسترول مطلوب في الجسم بشكل طبيعي؛ لأنه يدخل في تصنيع الهرمونات المهمة لوظائف الغدد الصماء، ولكن إذا ارتفع عن كمية محددة يبدأ حدوث الضرر الذي يصعب عكسه.

ارتفاع الكوليسترول وارتفاع الدهون الثلاثية غالباً لا يسببان آلاماً في الجسم، وبالتالي لا يستحثان الشخص على الذهاب للطبيب والتحقق من نسبتهما في الدم، وهذا يعتبر نعمة ونقمة في الوقت ذاته. في بعض الأحيان، الشعور بالألم يمكن الطبيب والمريض من الكشف المبكر عن المشكلة وعلاجها قبل تفاقمها، وهذا لا يحدث عادة مع ارتفاع نسبة الكوليسترول أو الدهون في الدم.

للتبسيط، يمكننا القول إن الكوليسترول والدهون الثلاثية يسببان تراكمات وانسدادات على البطانة الداخلية للأوعية الدموية، وبالتالي يسببان ما يعرف بتصلب الشرايين، بمعنى أن الشرايين اللينة والمطاطية تصبح صلبة قليلاً ولا تتمدد جيداً حسب حاجة الجسم إلى ذلك وتسبب مجموعة من الأمراض نتيجة لذلك، وأيضاً تصبح ضيقة ولا يكفي قطرها لتوصيل الدم والمغذيات والأكسجين للأعضاء الحيوية، وبالتالي تؤدي تلك الأعضاء وظيفتها في قصور، وهذا ما نسميه قصور وظائف الأعضاء.

لكي نتخيل الصورة بشكل أوضح، يمكننا ضرب مثال بماكينة حديثة وسليمة تماماً، ولكن الأنبوب الذي يغذيها بالوقود يضيق ولا يمدها إلا بنصف حاجتها من الوقود، وبالتالي سيكون أداؤها نصف قوتها وقدرتها على الإنتاج. قم بالقياس على الأعضاء مثل القلب والكلى والعينين والمخ إذا لم تتلق المغذيات والأكسجين الكافيين لحاجتها.

وأهم الأطعمة والوجبات المحتوية على الكوليسترول والدهون الثلاثية هي: الكبدة، القشريات البحرية، وصفار البيض، واللحوم الحمراء، والطعام المقلي في الزيت، والألبان كاملة الدسم.

يجب أيضاً أن نذكر أن النباتات والفواكه والمكسرات خالية من الكوليسترول بنسبة كبيرة وصحية جداً في غياب أي موانع أخرى لتناولها.

لتقليل نسبة الكوليسترول بالدم، وتوسعة شرايين الجسم لتعويض الضرر الحادث من ارتفاع الكوليسترول سابقاً، ينصح بممارسة الرياضة 30 دقيقة يومياً بمعدل خمسة أيام في الأسبوع، وهذا طبقاً لأحدث الأبحاث والمعارف الطبية المعتبرة مع الأخذ في الاعتبار أن الرياضة تستلزم بذل مجهود وحدوث تسارع في ضربات القلب والتنفس لتحقق النتيجة المرجوة ولا يحسب المشي البطيء رياضة.

الكوليسترول والدهون الثلاثية يمكن اعتبارهما قاتلاً بطيئاً للإنسان؛ فبادر بالتحقق من مستواهما في الدم قدر المستطاع.

* مختص طب الأسرة- مستشفى إن إم سي رويال - الشارقة