عادي
مدن تكتب التاريخ

«دمشق».. واحة الشعر والجمال

00:09 صباحا
قراءة 3 دقائق
الجامع الأ موي

الشارقة: علاء الدين محمود

خلدت مدينة دمشق في أذهان العرب والمسلمين، وظلت القلوب تتلفت إلى تلك الأيام التي شهدت أعظم الحقب في تاريخهم المجيد، وتعد المدينة من أقدم بقاع العالم ذات التاريخ غير المنقطع منذ آلاف السنين، واحتضنت حضارات مختلفة، فقد أطلق عليها الآراميون اسم «درمسق» أو «درمسوق» كما ينطقها السريان، وتعني الأرض المزهرة أو الحديقة المزهرة.

تعد دمشق من أجمل مدن العالم العربي، وكانت عاصمة للدولة الإسلامية، وظلت مضيئة لأكثر من أربعة آلاف عام، حيث جمعت بين كل الثقافات وتميزت بطابع خاص وجعلت كل من فيها يهيم بها عشقاً، وكل من يزروها يتغنى بجمالها، وقد تميزت بالموقع الجغرافي الذي زادها جمالاً، فهي تقع في سهل خصيب يرويه نهر بردى وفروعه العديدة، مشكلاً بذلك غوطة دمشق؛ وأيضاً يتميز موقع المدينة بوجود جبل قاسيون فيها، وقد اقتصرت تسمية دمشق على المدينة القديمة حتى القرون الوسطى، وحين أخذت هذه المدينة بالتوسع، صارت اليوم تتألف من خمس عشرة منطقة سكنية متصلة بمحيطها من الضواحي لتشكل ما يعرف باسم دمشق الكبرى.

ضربت دمشق موعداً مع التاريخ مجدداً، عندما صارت ركناً من أركان الحضارة الإسلامية، عندما فُتحت سلماً على يد خالد بن الوليد عام 635م، الذي منح أهلها الأمان، حسب صكّ التسليم المبرم بينه وبين أسقفها سرجون بن منصور؛ وهو الصك الذي استسلمت بموجبه سائر المدن السورية؛ واستقرّ الولاة في دمشق، وبذلك انتقلت عاصمة البلاد من أنطاكية إليها؛ وبعد أربع سنوات من الفتح عيّن معاوية بن أبي سفيان والياً على دمشق، خلفاً لأخيه يزيد بن أبي سفيان؛ الذي استمر في حكمها إلى لحظة قيام الدولة الأموية في 41 هجرية، لتصبح دمشق هي عاصمة الخلافة، وعاشت أزهى أيامها في فترة حكم عبد الملك بن مروان حيث توسعت وازدهرت.

معالم

اشتهرت دمشق بالعديد من المعالم البارزة التي تعبر عن الهوية الإسلامية والعربية، وأشهرها المسجد الأموي الذي بناه الوليد بن عبد الملك، الذي توسعت المدينة في عهده، حيث اهتمّ بالطرق وربط بين دمشق والبادية، وشيد الأمويون في عهده ما يزيد على عشرين قصراً للتنزه وممارسة الرياضات المختلفة، وشهدت المدينة بالتزامن مع ذلك نهضة ثقافيّة، كما عرفت بطرازها المعماري الفريد، وهو الأسلوب التقليدي المعروف باسم «البيت العربي»، فهو الأساس المعماري في المدينة القديمة، التي تتميز بالشوارع المرصوفة بالحجارة، والأزقة الضيقة، والإسراف في الزخرفة والتطعيم.

ومنذ أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، تطور أسلوب العمارة في دمشق، وانفتح على أساليب متعددة فرضتها تدخلات المعماريين الأجانب في عمارة بعض المنشآت العامة، ثم تسربت اتجاهات العمارة الأوروبية الشائعة بواسطة المعماريين المحليين الذين درسوا في الغرب، ومن أشهر معالم دمشق اليوم إلى جانب المسجد الأموي، «باب توما»، الذي بني على باب روماني يعود تاريخه إلى 5 آلاف عام، و«خان أسعد باشا»، و«التكية السليمانية»، وهي بناء متكامل في دمشق، يعد من أهم الآثار العثمانية في المدينة، ويضم مسجداً ومتحفاً وسوقاً للمهن اليدوية والتراث ومدرسة، وهناك «قلعة دمشق»، و«قصر العظم»، وشيد في القرن الثامن عشر الميلادي، ويقع في النهاية الشمالية لسوق البزورية بدمشق القديمة، وعلى شماله يقع الجامع الأموي الكبير، وتبلغ مساحته الإجمالية 6400 متر مربع، كما تشتهر المدينة بالعديد من المباني الأثرية الأخرى.

عُرفت دمشق بأنها مدينة الثقافة والعلوم والمعارف عبر التاريخ، وذكرت في العديد من الآداب العالمية من قبل الرحالة، والشعراء، والروائيين، بعضهم أجانب مثل الرحالة الفرنسي لامارتين، كما ورد ذكرها بكثرة عند المؤرخين والرحالة العرب مثل ابن خلدون وابن بطوطة، كما تغنى بها الشعراء ومن أشهر الأبيات التي قيلت عن دمشق، تلك التي نظمها البحتري والتي يقول مطلعها:

أما دمشق فقد أبدت محاسنها

وقد وفى لك مطريها بما وعدا

إذا أردت ملأت العين من بلدٍ

مستحسنٍ وزمانٍ يشبه البلدا

و تبارى الشعراء في العصر الحديث في مدح دمشق، ومن أشهرهم: أحمد شوقي، ومحمود درويش، وسعيد عقل، وعمر أبو ريشة، ونزار قباني، وغيرهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2kxa9js5

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"