«المطبخ العالمي».. من يحقق ومن يحاسب؟

00:55 صباحا
قراءة دقيقتين
افتتاحية الخليج

إن اعتراف إسرائيل بارتكاب جريمة قتل طاقم «منظمة المطبخ المركزي الدولي» لا يعفيها من المسؤولية، ولا يحميها من العقاب، ولا يبرئها. فرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أقرّ بارتكاب الجريمة، ولكن ب«الخطأ» وأنه «غير مقصود»، كما وعد بإجراء تحقيق بالجريمة. فكيف وقعت الجريمة ب«الخطأ» رغم أنه تم التنسيق مع الجيش الإسرائيلي قبل توجه الفريق الإنساني إلى رفح وهو يرفع شارة المنظمة على السيارات التي كان يستخدمها؟

يقول القانون «إن الاعتراف سيد الأدلة»، وهذا يعني أن الجريمة باتت ثابتة، وأن المجرم يجب أن يدان. لكن ورغم الغضب الدولي العارم والإدانات التي صدرت، والمطالبة بإجرء تحقيق عاجل ومستقل وشفاف من جانب العديد من الدول، وخصوصاً الدول التي ينتمي إليها الضحايا، إلا أن التعويل على تحقيق إسرائيلي، لا يفيد، لأن إسرائيل وعلى مدى سنوات الصراع لم يصدر عنها أي حكم بحق جيشها، إضافة إلى أنها لا تسمح لأية جهة أو منظمة دولية بالتحقيق في الأحداث التي تقع حتى في المناطق التي تحتلها.

إن القبول بأن تقوم إسرائيل بالتحقيق في أحداث ارتكبها جيشها أو المستوطنون أو المتطرفون أو حتى الأجهزة الحكومية غير مفيد، لأن نتائجه معروفة ولا تقدم أو تؤخر.

لنقرب الصورة أكثر.. في 11 مايو/ أيار 2022 تم اغتيال الصحفية شيرين أبوعاقلة الفلسطينية التي تحمل الجنسية الأمريكية في مخيم جنين برصاص جندي إسرائيلي، وقد رفضت إسرائيل مشاركة أية دولة في التحقيق، لكن وزارة العدل الأمريكية أبلغت نظيرتها الإسرائيلية آنذاك بأن مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) فتح تحقيقاً في الحادث. وبعد ذلك فإن الجيش الإسرائيلي خلص إلى نتيجة مفادها أن الصحفية «لم تقتل عمداً» من دون تقديم أية تفاصيل أخرى، في حين أن تحقيقات ال (إف بي آي) ما زالت مجهولة المصير بعد مضي عامين على وقوع الجريمة.

الركون إلى التحقيق الإسرائيلي هو تغطية على الفاعل، ومشاركة في تجاوز القانون الدولي الإنساني والاتفاقيات الدولية التي توفر الحماية لعمال الإغاثة والمستشفيات والمدارس والمدنيين، والتي يعتبر انتهاكها جريمة حرب، كما تفعل إسرائيل في قطاع غزة. وتمثل هذه الاتفاقيات قواعد للحفاظ على الإنسانية في أسوأ الظروف التي شهدتها البشرية.

الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي الإنساني، كما حدث مع فريق «المطبخ المركزي الدولي» الإنساني تعتبر جرائم حرب، وعلى هذا النحو، فإن جميع الدول ملزمة بتجريم تلك الأعمال والتحقيق فيها ومقاضاة مرتكبيها من خلال المحكمة الجنائية الدولية التي تتمتع بسلطة قضائية بشأن مثل هذه الانتهاكات، للحؤول دون إفلات مرتكبي الجرائم من العقاب.

ورغم حجم الفاجعة التي طالت سبعة من أعضاء «المطبخ المركزي الدولي»، ورغم الممارسات الإسرائيلية التي تهدف إلى الضغط على الدول والمؤسسات الإنسانية لوقف دعمها للشعب الفلسطيني، إلا أن الإصرار على القيام بهذا الواجب الإنساني ومضاعفته يمثل أفضل رد على الممارسات الإسرائيلية. فقد أعلن وزير الخارجية القبرصي كونستانتينوس كومبوس المضي في إعمال الإغاثة، وأوضح أن قافلة ثانية من السفن، بالشراكة مع دولة الإمارات تحمل ما يزيد على 300 طن من المساعدات، غادرت الجزيرة مطلع الأسبوع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/29enppta

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"