عادي
طريق المعدن الأصفر إلى 2500 دولار

المخزونات تحرم الذهب من اقتفاء «تجربة الكاكاو»

22:37 مساء
قراءة 5 دقائق
دبي: «الخليج»

يقول أولي هانسن، المحلل في ساكسو بنك، إن سلوك الذهب اللافت من دون وجود محفزات واضحة لهذه التحركات، يستدعي اهتماماً كبيراً، لأنه يُشير إلى استمرار قوة الطلب الأساسي على المعدن الأصفر.

ويرى هانسن أن تألق الذهب يأتي من دون خفض أسعار الفائدة، الذي من شأنه أن يضعف الدولار، ويزيد الطلب على صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة، وبدلاً من ذلك، ارتفع الذهب بدعم من صناديق التحوط، التي استفادت من الزخم القوي الذي أحدثه الطلب العالمي المتزايد على المعدن الأصفر، نتيجة للتوترات الجيوسياسية المتصاعدة والنمو الاقتصادي الممول بالديون.

ويشير هانسن إلى أن زخم الارتفاع القوي، الذي يشهده الذهب لا يواجه أي تحديات، مذكراً بأن التصحيح الذي حدث منتصف مارس/ آذار، لم يتجاوز 50 دولاراً، ما يشير إلى قوة الزخم.

رجح هنسن أن يشهد الذهب فترة استقرار، على المدى القصير. ومع اقتراب موعد خفض أسعار الفائدة المتوقع أن يؤدي إلى تحسن آفاق الدولار والعائد، توقع أن يواصل ارتفاعه ليصل إلى 2500 دولار.

في المقابل، يسلط «ساكسو بنك» الضوء على أكبر التهديدات للأسعار، وهي انخفاض غير محتمل في حدة التوتر الجيوسياسي، وتوقف البنوك المركزية عن موجة شراء الذهب لديها، بينما تتكيف مع الأسعار المرتفعة، وكذلك قيام صناديق التحوط بتخفيض جزء من حيازاتها الكبيرة من العقود الآجلة للذهب، والتي بلغت تقريباً 300 طن الشهر الماضي.

وباستخدام مستويات «فيبوناتشي» دليلاً، يرى هانسن أن أي تصحيح محتمل إلى 2245 دولاراً، أو حتى 2225 دولاراً، قد لا يكون كافياً لزعزعة المراكز الطويلة. حيث من الممكن، بعد فترة من الاستقرار المتوقع، أن يؤدي احتمال خفض أسعار الفائدة، واستئناف مشتريات البنوك المركزية، إلى ارتفاع سعر الذهب إلى 2500 دولار، في وقت لاحق من هذا العام.

وأبقى هانسن مستوى الدعم الرئيسي للذهب عند 2075 دولاراً.

  • التوترات الجيوسياسية

تعتقد رانيا جول، محلل أسواق لدى (XS.com)، أن ارتفاعات الذهب في الأسعار الفورية فوق 2350 دولاراً، يأتي على الرغم من تخفيف التوترات الجيوسياسية في غزة، وانخفاض التوقعات على خفض سعر الفائدة من قبل الفيدرالي الأمريكي في يونيو/ حزيران، ما يعني أنه من الأرجح أن يواصل سعر الذهب ارتفاعه القياسي بشكل أساسي، بسبب تقارير عن مشتريات قوية محتملة منه من قبل البنوك المركزية العالمية.

وتقول جول: «من اللافت أن سعر الذهب انخفض إلى ما يقرب من 2310 دولارات في بداية تعاملات الأسبوع، قبل أن يعود للارتفاع».

وتضيف: «لقد كانت التوقعات بأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي، سيبدأ في النهاية بخفض أسعار الفائدة، عام 2024، إلى جانب حركة الشراء من البنك المركزي الصيني، هي المحرك الرئيسي لارتفاع المعدن الثمين، خلال الأسبوعين الماضيين. لكن الظروف المبالغ بها للغاية على الرسم البياني اليومي، قد تمنع ارتفاع الأسعار لمستويات جديدة، وسط تخفيف التوترات الجيوسياسية ونغمة المخاطرة الإيجابية، والتي تميل للضغط سلباً على الذهب كملاذ آمن».

  • توظيف متفائل

كما أشارت تفاصيل التوظيف الشهرية المتفائلة في الولايات المتحدة، والتي صدرت يوم الجمعة الماضي، إلى أن الفيدرالي قد يؤجل خفض أسعار الفائدة، ويجبر المستثمرين على خفض توقعاتهم من ثلاثة تخفيضات في أسعار الفائدة، عام 2024 إلى اثنين. وتحافظ هذه التوقعات على ارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، وتعمل بمثابة قوة للدولار، ومن وجهة نظر رانيا جول «تأتي بدورها لتسهم بشكل أكبر في الحد من الاتجاه الصعودي لسعر الذهب، الذي لا يدر عائداً. فقد يفضل المستثمرون أيضاً التحرك على الهامش، قبيل صدور أرقام تضخم أسعار المستهلكين الأمريكية لشهر مارس هذا الأسبوع ومحضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الأربعاء المقبل».

وترى رانيا جول، أن «قوة شرائية من قبل البنك المركزي الصيني، إلى جانب التوقعات بأن إجراءات أسعار الفائدة الأمريكية غير واضحة، أدت إلى دفع سعر الذهب إلى مستوى قياسي جديد في اليوم الأول من الأسبوع الجديد».

وتؤكد أن «معنويات المخاطرة العالمية تلقت دفعة قوية، بعد أن سحبت إسرائيل المزيد من جنودها من جنوب غزة والتزمت بإجراء محادثات جديدة، بشأن وقف محتمل لإطلاق النار، ما خفف التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وما سيدعم الدولار، ويحد من مكاسب السلع والذهب في المدى المتوسط».

ويتطلع المتداولون والمستثمرون الآن إلى صدور أرقام التضخم الاستهلاكي الأمريكي لشهر مارس، ومحضر اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة يوم الأربعاء، للحصول على إشارات مؤكدة حول مسار خفض سعر الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، ما سيحدد زخماً اتجاهياً طويل المدى، وربما سيكون هذا الأسبوع بمثابة استقرار وتحديد مصير للأسواق.

  • البنوك المركزية

ويبقى الشائع أن مكاسب الذهب تأتي مدعومة بالتوترات الجيوسياسية وتوقعات خفض معدلات الفائدة، لكن محللين أشاروا إلى أن المشتريات القوية من جانب البنوك المركزية حول العالم كان لها أثر ملحوظ في ارتفاع المعدن.

وفي فبراير/ شباط الماضي، ارتفعت حيازة البنوك المركزية العالمية من الذهب بمقدار 19 طناً، لتواصل صافي المشتريات الموجب من المعدن للشهر التاسع على التوالي. وبلغ الطلب على الذهب من جانب هذه البنوك نحو 1037.4 طن، عام 2023، ما يعد أقل قليلاً من المستوى القياسي المسجل في 2022 عند 1081.9 طن.

وكانت هذه البنوك مشترياً صافياً للذهب، على أساس سنوي منذ عام 2010، حيث راكمت أكثر من 7800 طن، خلال تلك الفترة، بينما جاء أكثر من 25% من هذه الكمية في العامين الماضيين.

ويرى بول وونج، استراتيجي السوق في «سبروت أسيت مانجمنت»، أن البنوك المركزية كانت بين العوامل التي أسهمت في رفع أسعار الذهب. كذلك، يتوقع المحلل المستقل روس نورمان أن تستمر عمليات الشراء القوية من جانب هذه البنوك، لتظل أعلى 1000 طن سنوياً. وأشار إلى سعي بعض الدول لتقليص الاعتماد على الدولار، مع تصاعد القلق بشأن استخدام الولايات المتحدة لعملتها سلاحاً، ما دعم اتجاه دول إلى تحويل احتياطياتها إلى الذهب. ويبدو أن المتداولين يحاولون استباق مشتريات البنوك المركزية الضخمة المتوقعة في وقت لاحق من هذا العام.

  • الكاكاو مقياساً

قالت «نيكي شيلز»، رئيسة استراتيجية المعادن في مصفاة الذهب السويسرية «إم كيه إس»، إن احتمالية تكرار المعدن النفيس لمكاسب الكاكاو في نفس الإطار الزمني، تقترب من الصفر. ففي حين أن صعود أسعار الكاكاو كان مدفوعاً بنقص المعروض، فإن الذهب محمي بمخزونات كبيرة يحتفظ بها الأفراد، إضافة إلى احتياطيات البنوك المركزية والتي تمتلك نحو خُمس إجمالي الذهب المستخرج. لكن رغم استبعاد الصعود الحاد، فإن محللين يتوقعون اختبار الذهب لمستويات قياسية جديدة مع بدء خفض الفائدة، ما سيؤدي إلى تصاعد الطلب من جانب المستثمرين المتحفظين حالياً. وقال محللو «بنك أوف أمريكا»، إنهم يتوقعون وصول أوقية الذهب إلى 2400 دولار هذا العام، حتى في حال تأخر خفض الفائدة.

وتتصاعد الأصوات التي تتوقع استمرار ارتفاع أسعار الذهب، خلال الفترة المقبلة، بدعم نفس الأسباب التي أسهمت في الصعود الحالي. وبحسب بنك «يو بي إس»، فإن توقعات انخفاض معدلات الفائدة الحقيقية لا تزال محركاً مهماً للتوقعات الصعودية للذهب.

ولم تستبعد مؤسسة «روزنبرغ ريسيرش» وصول سعر الذهب إلى 3000 دولار للأوقية، خلال الفترة المقبلة، ولكنها تعتقد أن وتيرة ارتفاع أسعار الذهب ستتوقف على سيناريوهات أداء الاقتصاد الأمريكي، وما إذا كان سينجح في تفادي الركود، إضافة إلى تطور التوترات الجيوسياسية.

لكن على الجانب الآخر، لا يعتقد بعض المحللين أن الذهب قادر على تحقيق مكاسب كبيرة هذا العام، مقارنة بسلع أخرى مثل الكاكاو، التي تضاعفت منذ بداية عام 2024، وتجاوزت 10 آلاف دولار للمرة الأولى بفعل ضعف المحصول في دول مثل ساحل العاج وغانا.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3kpxvzcz

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"