الأسرة الإيجابية

00:08 صباحا
قراءة دقيقتين

ما يحلم به الأهل دائماً، اكتمال فرحتهم بتجاوز أولادهم كل مرحلة من مراحل نموهم بنجاح، ويشعرون غريزياً وتلقائياً، أن الفرحة الكبرى تكون بالزواج وتأسيس أسرة، فيلتقي هذا الحلم «الكبير» مع حلم كل شاب وفتاة، ويكون التركيز في الأغلب على إيجاد عريس (أو عروس) مناسبين؛ لكن هل يتحصن هؤلاء الأبناء بما يؤهلهم لتأسيس أسرة سليمة معافاة، والعيش باستقرار وتفاهم بين الزوجين ومع أبنائهما؟ وهل يجيد كل الآباء، أصلاً، تقديم نموذج صحي لتكوين الأسرة، والعيش بتفاهم وسعادة واستقرار، فيمشي الأبناء على دربهم باطمئنان. وينتقل هذا المشهد الإيجابي من أسرة إلى أخرى ومن بيت إلى بيت، ومن جيل إلى جيل فيشمل المجتمع بأكمله؟

بناء أسرة سليمة سعيدة ليس من البديهيات، بل هو مسؤولية ومهمة لا ينجح فيها كل المتزوجين، خصوصاً حين يتعلق الأمر بالأبناء، حيث تكبر المسؤوليات وتتضاعف، لتشمل أجزاء أساسية قد لا ينتبه إليها كل أب وأم، مثل التواصل معهم وخلق مساحة حوار قابلة لمناقشة كل أمورهم بوعي، والتحلّي بالصبر والتفكير بمنطق يناسب طريقة تفكير تطور العصر وأبناء هذا العصر، وعدم المقارنة بين ما نشأ عليه الآباء وما ينشأ عليه الأبناء، لأن الفرق أصبح شاسعاً بحكم تطور الوسائل والتقنيات ولغة العصر وأساليب التعليم والتربية.

بناء أسرة سليمة يحتاج إلى زواج سليم وسعة صدر واستعداد للتأقلم مع التطور وإيجاد نقاط التقاء بين الآباء والأبناء؛ برنامج «الأسرة الإيجابية» الذي أطلقته «مؤسسة دبي لرعاية النساء والأطفال»، يأتي في هذا الإطار والهدف منه «تعزيز أواصر التواصل والحوار والتفاعل الإيجابي بين أفراد الأسرة»، ولاشك أن الإيجابية داخل البيوت وانعكاسها على نفسية الآباء والأبناء وطريقة تعامل بعضهم مع بعض، وطريقة تفكيرهم، تنعكس بالتأكيد على تعاملهم مع الآخرين في محيطهم وفي عملهم وفي الشارع، وتنتقل كالعدوى من بيت إلى بيت ومن أسرة إلى أخرى، ونلمس ذلك في كل مكان وفي المجتمع.

نعم الأسرة شريك أساسي في التأثير في نهضة المجتمع، وبرنامج «الأسرة الإيجابية» سيشمل كل من يتولّى مسؤولية والعمل في رعاية الأطفال، فيتشارك الجميع في تشكيل وعي الأطفال وفق مفاهيم إيجابية وحضارية وأخلاقية، نلمس أثرها الإيجابي في المجتمع ونجني خير ثمارها في المستقبل. الإيجابية تنعكس على أساليب حياة البشر وطرائق تفكيرهم، كما تنعكس على ازدهار الحياة الاجتماعية وإمكانية الإنسان وقدرته في العمل والتخطيط.. قد تبدو مجرد نظرة تفاؤل للحياة، لكنها نظرة مهمة وخطوة تسهم في تحقيق السعادة لكل بيت.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/3k72pbp6

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"