تُشير الدراسات السوقية إلى تعرض 40% من الشركات الصغيرة لفقدان بياناتها، حيث لا تستطيع استرداها وتتوقف تماماً عن العمل، فيما لا يقوم 21 % من الأشخاص بعمل نسخ احتياطية لبياناتهم، وتتم سرقة 113 هاتفاً نقالاً كل دقيقة وتصاب 30% من أجهزة الكمبيوتر بالفيروسات، كما أنّ 29% من حالات فقدان البيانات عرضية.
قال خبراء في قطاع الأمن الإلكتروني: إنّه من الضروري جداً عمل نسخ احتياطية، لحماية البيانات والاستعداد للطوارئ الرقمية والسيبرانية المتزايدة، ما يوفر للمؤسسات والشركات الفرصة لمواصلة الأعمال، وعدم الوقوع ضحية للابتزاز نظير استرجاع هذه البيانات.أضاف هؤلاء الخبراء ل «الخليج»، أنّ النسخ الاحتياطي للبيانات، لابد أن يبقى عملية روتينية وراسخة للاحتفاظ بنسخ منها بعيداً عن الإنترنت، لضمان عدم فقدها أو سرقتها، ما يوفر السلامة في حالات الهجمات السيبرانية والأعطال التقنية، كما يُعتبر بديلاً اقتصادياً لتقنيات أمان البيانات باهظة الثمن.
- استراتيجيات احتياطية
وقال عماد فهمي، مدير هندسة النظم في الشرق الأوسط لدى شركة «نتسكاوت»: يتعين على المؤسسات تكثيف جهودها الرامية إلى الارتقاء بمستوى الاستراتيجيات الاحتياطية للبيانات، لمواكبة أحدث التطورات التكنولوجية، ووفقاً للتقارير، ستنمو قاعدة البيانات الاحتياطية العالمية من 13.7 مليار دولار 2023 إلى 15.28 مليار دولار 2024، بمعدل نمو سنوي مركب (CAGR) يبلغ 12.6%.
وأضاف، تتضح أهمية برامج النسخ الاحتياطي واستعادة البيانات الفعالة، باعتبار أنّ عملية الاستعادة دائماً ما تكون عملية مجهدة، إلّا أنّها ضرورية لضمان استمرارية العمل، وزيادة الإنتاجية واستمرارية عمل الشركة. فالكوارث الطبيعية والانقطاعات غير المتوقعة والهجمات السيبرانية، تفرض علينا اليوم أن نحرص على وجود نسخ احتياطية فعالة. وعموماً، تتيح الحلول الاحتياطية القائمة على سحابة للشركات، مرونة وأمناً مشدداً، مقارنةً بالحلول القائمة على الاحتمالات، التي تُعد اعتبارات أساسية في الوقاية من الجهات الفاعلة الخبيثة.
- الابتزاز والفدية
ويرى ستيف فوستر، رئيس هندسة الحلول في شركة «نتسكوب» لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، أنّه من المهم التذكير بأهمية الحفاظ على البيانات المهمة آمنة ومحمية، ويُعد النسخ الاحتياطي للبيانات، بمنزلة حماية ضد فقدانها ليس فقط بسبب خطأ المستخدم، بل أيضاً في حالة حدوث الهجمات السيبرانية، حيث يستهدف المهاجمون البيانات الحساسة لمنع الوصول إليها وابتزاز أصحاب العمل، مقابل الحصول على فدية.
وتُشير بيانات مختبرات التهديد في «نتسكوب»، أنّ عدد تطبيقات السحابة، التي يستخدمها الموظفون، زاد بنسبة 19% سنوياً على مدى السنتين الماضيتين، وليس من غير المألوف أن تنظر المنظمات إلى البيانات في السحابة على أنّها شيء له ضمانات احتياطية وأمن كاف، ولكن هذا ليس هو الحال ببساطة، حيث يجب على المؤسسات التأكّد من أنّ لديها رؤية مناسبة للبيانات التي تحتفظ بها.
وقال فوستر: هناك أيضاً حاجة مهمة إلى تثقيف المستخدمين، فمن الأهمية بمكان أن نعلِّم الموظفين، ألا يعتمدوا على الثقة العمياء التي تدعوهم إلى دعم تخزينهم السحابي، لأنّ هذا هو نهج التصيد، الذي تتبعه أحياناً الجهات الفاعلة التي تشكل تهديداً.
- أضرار بليغة
ويوضح حيدر عزيز، المدير التنفيذي لشركة «فاست داتا» في الشرق الأوسط وتركيا وإفريقيا، أنّ البيانات أصبحت أمراً بالغ الأهمية في العصر الرقمي الذي نشهده بقيادة الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن أن يؤدي أي خلل بسيط في البيانات إلى تحقيق أضرار بليغة على سير الأعمال، ما يجعل المرونة السيبرانية أولوية قصوى للشركات. ومع الثورة الكبيرة التي شهدتها صناعة البيانات والزيادة الكبيرة في أحجام البيانات، وظهور تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي، باتت المؤسسات، اليوم، بأمس الحاجة إلى حلول قابلة للتطوير وآمنة وفعالة من حيث الكلفة. كما أنّ هياكل الثقة الصفرية، مع حماية البيانات والتطبيقات متعددة الطبقات، تضمن الممارسات الأخلاقية والفعالة في مجال الذكاء الاصطناعي. ويجب أن توفر الحلول استقرار البيانات بكلفة معقولة، مع الحفاظ على الوصول المستمر إليها لمنع الكوارث. ويعتبر النسخ الاحتياطي فرصة مهمة لتذكير الشركات بأهمية وجود بنية تحتية للبيانات أساساً رئيسياً للنجاح والتميز.
أوضح طارق الحسيني مدير المبيعات الإقليمي في شركة «ويسترن ديجيتال»: في هذا العصر الرقمي، أصبحت ذكرياتنا الثمينة وحتى بيانات العمل الحساسة في متناول أيدينا بنقرة واحدة. إلّا أنّ سهولة الوصول هذه تُقابلها سهولة الفقدان؛ فحادث بسيط أو اختراق إلكتروني، كفيل بمحو أهم البيانات. لهذا يجب إجراء عملية النسخ الاحتياطي المتكرر وتخزين البيانات في أماكن متعددة. وأضاف، يُشير موقع ( worldbackupday.com)، إلى أنّ 21% من الأشخاص حول العالم لم يقوموا بعمل نسخة احتياطية لبياناتهم على الإطلاق. وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، خلصت دراسة حديثة من «ويسترن ديجيتال» إلى أنّ 49% و31% من السكان خسروا بياناتهم، مرة واحدة على الأقل العام 2023، بل إنّ دراسات أخرى تُشير إلى فقدان البيانات مرتين أو ثلاث مرات في نفس الفترة. ووجدت الدراسة أنّ 37% آخرين في الشرق الأوسط و24% في إفريقيا، قالوا: إنّهم فقدوا البيانات مرتين إلى ثلاث مرات، خلال الأشهر ال 12 الماضية. وتابع الحسيني: تجعل هذه الأرقام من الضروري رفع مستوى الوعي بشأن النسخ الاحتياطي للبيانات، وتعزيز حماية البيانات، وتشجيع الشركات على طرح استراتيجيات قوية لتأمين البيانات في نماذج عملها. ويُضيف أنّه ومن خلال النسخ الاحتياطية سهلة الاستعادة للبيانات، تصبح الملفات الثمينة بمنأى عن هجمات القراصنة والحذف العرضي، ويمكن أن يصبحوا أكثر مناعة ضد الهجمات السيبرانية وأكثر قدرة على استرداد ملفاتهم، وبالتالي تجنب الألم الذي يأتي مع هجمات القرصنة والحذف العرضي وفساد الملفات العام، الذي يؤدي إلى فقدان البيانات بشكل غير متوقع. |
- بديل اقتصادي
فيما قال أليكسي لوكاتسكي، خبير استشاري في مجال أمن المعلومات، «بوزيتف تكنولوجيز»: من الضروري تشديد الخبراء والقادة على أهمية النسخ الاحتياطي، باعتباره الأداة الحيوية لحماية البيانات، سواء على مستوى المؤسسات أو الأفراد، فهو يوفر السلامة في حالات الهجمات السيبرانية والأعطال التقنية، ويُعتبر بديلاً اقتصادياً لتقنيات الأمان الباهظة.
ومع الزيادة الكبيرة في التهديدات السيبرانية، يُعتبر الاستثمار في النسخ الاحتياطي استثماراً ذكياً وضرورياً للحفاظ على البيانات والمعلومات الشخصية. ومن الضروري أن يكون الوعي موجوداً لدى الجميع، بأنّ النسخ الاحتياطي للبيانات ليس مجرد إجراء احترازي، بل هو استثمار حيوي في استمرارية الأعمال وسلامة المعلومات. فالتحديات التي تواجهنا في العصر الرقمي الذي نعيشه اليوم، تتطلب توخي الحذر والاستعداد الجيد لمواجهة أي طارئ. وهنا تكمن أهمية المبادرات الهادفة إلى تعزيز الثقافة المؤسسية للنسخ الاحتياطي، وتبني الاستراتيجيات الموثوقة والفعالة لحماية بياناتنا وضمان استمرارية نشاطنا بكل قوة وثبات.
- شيوع الخروق
ويقول ريموس ليم، نائب الرئيس الأول لشركة «كلاوديرا: في منطقة آسيا والمحيط الهادئ: بالنسبة للفرد، يُعد فقدان البيانات إزعاجاً أو خسارة مؤلمة، إلّا أنّ هذه الحوادث تُشكل كارثة بالنسبة للمؤسسات، ومع تزايد شيوع خروق البيانات وفقدانها أو سرقتها في عالمنا الرقمي المعاصر.
وتُعد استمرارية العمل ومنع الخسائر المالية والامتثال القانوني والحفاظ على ثقة العملاء من العوامل الأساسية، التي تجعل حماية البيانات ضرورة مُلحة للمؤسسات. ورغم شيوع استخدام أساليب حماية البيانات مثل تشفير البيانات والنسخ الاحتياطي، فإنّ تأمين البيانات بشكل فعال، يتطلب استراتيجية شاملة تُدمج السياسات والإجراءات لمعالجة مفاهيم مثل حوكمة البيانات.
ومع توجّه العديد من الشركات نحو اتخاذ القرارات القائمة على البيانات أو الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، يُصبح توفير بيانات متاحة وسهولة الوصول إليها أمراً بالغ الأهمية.
ويمكن للشركات تحقيق فوائد جمة، من خلال الاستثمار في منصات إدارة البيانات الحديثة، التي تُتيح نظرة عامة على البيانات عبر البيئات السحابية المتعددة والأنظمة المحلية في الوقت الفعلي. وتُتيح هذه المنصات المراقبة الفعالة للتهديدات، مع تسريع مبادرات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، من خلال توفير وصول فوري إلى بيانات عالية الجودة.