لطالما كان مفهوم «الفزعة»، جزءاً أصيلاً من التراث الإماراتي؛ إذ تعكس هذه الكلمة قيم التعاون والتلاحم بين أفراد المجتمع في مواجهة التحديات وحل المشكلات، وتقديم العون والمساعدة على مختلف المناسبات.
مفهوم الفزعة، شهد تطوراً ملحوظاً على مدار العقود، فمع التحولات الاجتماعية والنمو الاقتصادي، تطوّرت الفزعة التقليدية إلى مفهوم أكثر شمولية ومنهجية، وتحوّلت تدريجياً إلى شكل من أشكال العمل التطوعي المنظم.
في الماضي، كان المجتمع الإماراتي بسيطاً، يعتمد بشكل رئيسي على موارد الطبيعة والعمل المشترك، وكان نظام «الفزعة» يتجلى في أبهى صوره؛ حيث يلجأ أفراد القبائل والأسر لمساعدة بعضهم بعضاً في مختلف الأعمال، سواء أكان في بناء البيوت، أم الزراعة، أم الصيد، أم حتى خلال الظروف الطارئة كالعواصف والكوارث الطبيعية، فقد كانت الفزعة تجمع الناس من دون تمييز، وهي قيمة ترسّخت في وجدان الشعب الإماراتي منذ مئات السنين.
ومع تطور الإمارات وانفتاحها على العالم الخارجي، أخذ مفهوم الفزعة يتحوّل تدريجياً نحو التطوّع المُنظّم؛ إذ بدأت الدولة في وضع أسس وقوانين تدعم العمل التطوعي، وتؤطّره ضمن إطار رسمي.
وبمرور الوقت، أصدرت الإمارات قوانين وتشريعات تنظم العمل التطوّعي، ما ساعد على تنظيم الجهود وتحقيق نتائج فعالة، لاسيما في مجالات مثل الصحة والتعليم والإغاثة.
واليوم دولة الإمارات واحدة من الدول الرائدة في مجال العمل التطوّعي،.
كما تُوفّر الإمارات العديد من المنافذ والمنصات الأخرى التي تتيح للأفراد والمؤسسات المشاركة في مختلف المبادرات.
تسعى الإمارات إلى ترسيخ ثقافة العمل التطوعي بصفته ركيزة من ركائز استدامة المجتمع؛ حيث أطلقت العديد من المبادرات والمشاريع التي تُعزّز مشاركة أفراد المجتمع في دعم وتطوير المجتمع المحلي. وتأتي هذه الجهود في إطار رؤية الإمارات التي تسعى إلى تحقيق مجتمع متلاحم ومتماسك، يُعزّز هُوية الإمارات الوطنية، ومع كل هذه الجهود، باتت الفزعة أو العمل التطوعي جزءاً لا يتجزأ من ثقافة الإماراتيين، ما يعكس حبّهم للتعاون، والرغبة في رد الجميل للوطن.
ولم تقف الفزعة في الإمارات عند حدود الوطن؛ بل امتدت إلى العمل الإنساني العالمي، فقد أسهمت فرق متطوّعين إماراتيين في إغاثة المتضررين من الكوارث الطبيعية حول العالم، كما قدّموا الدعم اللازم للعديد من المجتمعات المنكوبة، وبفضل هذه المبادرات، أصبحت الإمارات نموذجاً عالمياً في العمل التطوّعي والإغاثة الإنسانية.
وفي الختام، يظل مفهوم الفزعة حياً ومتجدداً في دولة الإمارات، فقد تطوّر من مجرد مساعدة عفوية في الماضي إلى عمل تطوّعي منظم وشامل، يحمل قيم العطاء والمحبة، ويُعزّز سمعة الإمارات بصفته مجتمعاً متكافلاً، يُسهم في نهضة وتقدّم المجتمع محلياً وعالمياً.
https://tinyurl.com/yp86fzpn