تعد القهوة العربية جزءاً أصيلاً من التراث والثقافة الإماراتية والخليجية عموماً، فهي ليست مجرد مشروب، بل هي تعبير عن الضيافة والكرم والاعتزاز بالتقاليد ولها مكانة خاصة وتقدم في المجالس والمناسبات الاجتماعية والأعياد كرمز للتقدير والترحيب وإشارة للكرم والاحترام.
هناك اهتمام كبير في مجتمعنا بالحفاظ على هذه التقاليد من خلال الفعاليات والمهرجانات، فهي ثقافة مُتجذرة تعكس قيم الضيافة والكرم التي تميز مجتمعنا، وتحتل مكانة بارزة لدى أهل الإمارات وتعكس طقوسها ومكان تحضيرها مظاهر الفرح والسعادة فهي تعتبرُ منصة لتبادل الأحاديث حول شؤون الحياة الاجتماعية، والعمل على تعزيز روح التسامح والمحبة والأخوة بين الناس ومناقشة الأفكار وفرصة لمد جسور التقارب بين أبناء القبائل من خلال إقامة اللقاءات والمناسبات الاجتماعية، كما كانت وما زالت نافذة على تربية الأبناء والأجيال على المبادىء والأخلاق الحميدة خاصةً من قبل أصحاب الخبرة والحكمة لتعزيزها في نفوس أبناء الوطن، حيث تضم المجالس الكبار والصغار والشباب الذين يستقون الحكمة ممن يكبرهم سنّاً مع أن هذه العادات مستمرة ولن تندثر وتحفظ الموروث لاستدامة العادات والتقاليد، لأنها منحت القهوة مكانة اجتماعية مميزة فهي رمز التسامح والتصالح بين المتخاصمين في المجالس.
فإعداد القهوة يتم على عدة مراحل، حيث توضع في المنحاز أو الهاون لطحنها وتنعيمها ويصاحب هذه العملية صوت جميل يتماهى مع رائحة خاصة تملأ المكان ويوضع البن بعد طحنه في (الزمزمية) وهي إناء من الفخار يُحافظ على حرارتها وطعمها ولونها فإعدادها يتطلب دقة وصبراً، ثم تحميص البن على نار هادئة للحصول على لون فاتح أو متوسط ويغلى البن المطحون في الماء على نار هادئة ويضاف الهيل والزعفران أو ماء الورد لمنح القهوة نكهة مميزة وبعد ذلك يُصفى الخليط داخل الدلة لضمان إزالة الرواسب ثم التقديم، حيث تقدم ساخنة في فناجين صغيرة في ترتيب يراعي كبار السّن أولاً، وتشير كتب الثقافة إلى أن كلمة (coffee) مشتقة من الكلمة العربية (قهوة) وهي بدورها مشتقة من الإقهاء لأنها تقهي أي تقلل شهية شاربها للطعام.
ويعد الموروث الإماراتي مكوناً أساسياً للهوية وعاملاً حاسماً لمد جذور الانتماء وأثمر توجه الإمارات نحو إحياء التراث والحفاظ عليه عن تحقيق الكثير من الإنجازات وأحد هذه المنجزات تسجيل مجموعة من العناصر من تراثها الوطني على قائمة التراث الثقافي غير المادي للبشرية لمنظمة اليونسكو، وإحداها القهوة العربية.
وستبقى القهوة العربية رمزاً أصيلاً يعكس تاريخاً عريقاً وتُراثاً غنياً، فهي قصة تجمع بين عَبق الماضي وأصالة الحاضر واستشراف المستقبل.
https://tinyurl.com/pm8zcex7