التخصص نصف النجاح

أنهى أو ينهي خلال أيام طلبة الثانوية العامة امتحاناتهم الأخيرة، ويقفون حالياً على أبواب عتبة جديدة من عتبات الحياة، تعتبر أساس تشكّل مستقبلهم، وكل تفصيلة من تفاصيل حياتهم القادمة.
التخصص الجامعي الذي يختاره الطالب الآن، يكاد يكون مفتاح الحياة ل «من أنت غداً»، حياتك، أسرتك، دخلك، مستوى معيشتك، زملائك وأصدقائك، هو بالتأكيد بدء رسم مسار ما تبقى من الحياة، إلا من وُفّق إلى عمل حرّ أو لم يحظَ بالعمل بتخصصه فذهب إلى مجالات أخرى.
للأسف كثيرون، من طلبة الثانوية، لايحسمون أمرهم تجاه ما يحبذون دراسته في الجامعة، وإذا سألت أحدهم وهو في فترة الامتحانات أو قبلها عما يحب أن يكون عليه، لوجدته متعدد الخيارات، والمجالات، وقد يفاجئك، بقوله «كله خير وبركة».
الحياة حالياً وأمام صعوبات العمل، وندرة الوظائف، والتخوف الحاصل من إلغاء الكثير من الوظائف وإحلال الذكاء الاصطناعي محلها، يجب أن يزيد من وعي الأهالي والأبناء، في أولوية التخطيط المسبق والمدروس، لما يريد أن يكون عليه ولدهم، لا أن يدرس، ليجد نفسه في طابور الانتظار.
الجامعات هذه الأيام تحتاج إلى ثروات حتى يتخرج فيها الطالب، وتجد فرحة ولي الأمر بتخرج ابنه أكثر من فرحة الابن نفسه، لأن حملاً ثقيلاً قد أزيل عن كاهله، ولكن هل الحل بعد ذلك كله أن ندخل في مرحلة جديدة من الانتظار، والبحث في دفاتر العلاقات القديمة لأجل إيجاد وظيفة للابن.
خبراء تحدثت إليهم «الخليج» أكدوا أن المرحلة الأنسب لاختيار التخصص الجامعي تبدأ من الصف العاشر أو الحادي عشر، وليس في السنة الأخيرة من المدرسة، وأنه كلما بدأ الطالب مبكراً في استكشاف ميوله الحقيقية، أصبح قراره أكثر وعياً وملاءمة لقدراته، بعد الاستناد إلى ميول الطالب وبرامج الإرشاد الأكاديمي التي توفرها المدارس.
برامج الإرشاد هذه تساعد الطلاب بلا شك على اتخاذ قرارات مدروسة، من حيث اختيار التخصص الجامعي المناسب، بعيداً عن ضغط المجتمع أو القرارات العشوائية، ويأتي بعدها دور الأهل مع الابن في اختيار الجامعة ومكانها.
الأمر يزداد تعقيداً إذا طرح على الطالب مسألة الدراسة في الخارج، ليبدأ بعدها في مسألة البحث عن الدولة والجامعة، وهذا يزيد الطين بلّة، إذ يجب أن يعد لهذا الأمر قبل سنوات، وأن يتم اختيار الدولة والمدينة والجامعة وفقاً لاعتبارات عديدة بعضها أكاديمي، وبعضها أمني على المستويات كلها، حيث من غير المعقول أن يرسل الأهل أولادهم للدراسة في مدن ودول غير مستقرة.
التخصص الجامعي، بداية مشوار الحياة، فيجب أن نحسن اختياره.
[email protected]