المفاوضات بعد وقف إطلاق النار

00:10 صباحا
قراءة 3 دقائق
1

بعد 12 يوماً من الهجمات المتبادلة المدمرة بين إسرائيل وإيران، التي طالت مواقع مدنية وعسكرية ونووية، وبعد أن كادت هذه الحرب تتوسع مع قصف إيران لقاعدة «العديد» في قطر، وتهدد المنطقة بمزيد من الكوارث، بعد كل ذلك تم الإعلان عن وقف لإطلاق النار دخل حيز التنفيذ صباح أمس، ليبعث الأمل بنهاية دوامة العنف التي كادت تجر المنطقة والعالم إلى مصير مجهول.
المهم، أن وقف إطلاق النار تحقق، وكرة النار لم تتدحرج إلى أبعد مدى، بعد أن أدرك المشاركون في هذه الحرب أن الأمور قد تخرج عن السيطرة في أي لحظة، بما يعنيه ذلك من تهديد للأمن والسلم العالميين وما يمكن أن تجرّه من ويلات وكوارث.
لقد انتصر منطق الحكمة والتعقل على منطق القوة، وهو ما دعت وتدعو إليه دولة الإمارات في أكثر من موقف وبيان صدر عن قيادتها، وعن وزارة الخارجية لإيمانها بأن القوة لا تصنع السلام، وأن الحوار والدبلوماسية هما وحدهما ما يؤديان إلى الحلول السلمية التي تضع حداً للأزمات والصراعات، وأن الالتزام بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وبالمقررات التي تصدر عنها تشكل المظلة التي تحمي العالم من الحروب والفوضى، وتوفر الضمانة التي تحول دون انتهاك سيادة الدول، وتحقق العدالة والحرية والمساواة، وتضع حداً للتطرف والإرهاب والعنصرية.
وفي هذا الإطار تلقى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، اتصالاً هاتفياً أمس من الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، أكد سموه خلال الاتصال الترحيب بقرار وقف إطلاق النار، وأعرب عن أمله أن يشكل الاتفاق أساساً لتعزيز الاستقرار والأمن والسلام لما فيه خير جميع دول المنطقة وشعوبها، فيما أعرب الرئيس الإيراني عن شكره لموقف الإمارات وتضامنها مع بلاده تجاه الاستهداف العسكري الإسرائيلي لأراضيها.
وانطلاقاً من هذا المفهوم، أصدرت وزارة الخارجية لدولة الإمارات أمس بياناً رحبت فيه بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، معربة عن أملها أن يشكل هذا التطور خطوة نحو خفض التصعيد، وتغليب الحلول السياسية والحوار، وثمّنت الجهود الدبلوماسية التي بذلها الرئيس الأمريكي، والدور البنّاء الذي اضطلع به أمير دولة قطر الشقيقة في تيسير الوصول إلى هذا الاتفاق.
من المعروف أنه تم الإعلان عن وقف إطلاق النار بوساطة قطرية واقتراح من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد آخر رشقة صاروخية إيرانية استهدفت العديد من المواقع الإسرائيلية، إذ قال ترامب: «وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ الآن، الرجاء عدم انتهاكه»، أضاف: «إنه يوم عظيم للولايات المتحدة والشرق الأوسط»، فيما أعلنت إسرائيل، أنها «حققت جميع أهدافها»، وقالت إيران على لسان وزير خارجيتها عباس عراقجي: «إن إيران أوضحت مراراً أن العدوان جاء من جانب النظام الإسرائيلي، وأن رد طهران كان في إطار الدفاع المشروع عن النفس»، وأعلن أن إيران أوقفت عملياتها العسكرية ضد إسرائيل.
لكن الأهم هو التزام الطرفين بوقف إطلاق النار التزاماً كاملاً وعدم اعتباره مجرد فرصة لالتقاط الأنفاس، ثم العودة إلى طاولة المفاوضات بحثاً عن حلول سلمية.
من المفترض أن تكون المفاوضات في حال حصولها أسهل مما سبق، خصوصاً أن إيران أعلنت أنها مستعدة لاستئنافها في حال توقف الهجوم عليها، كما أن إعلان الولايات المتحدة وإسرائيل أنهما دمرا البرنامج النووي الإيراني، من المنطقي أن يؤدي إلى التوصل لاتفاق يضع حداً للمواجهة.
لكن، من الواضح أن البرنامج النووي الإيراني الذي لا شك أصيب بأضرار كبيرة لم ينته، كما أن مشروعها الصاروخي الباليستي لا يزال فعّالاً، والنظام السياسي لم يُصب بالضعف والوهن، ما يضع أي مفاوضات أمام تحديات جديدة، وذلك يستدعي تقديم تنازلات متبادلة للتوصل إلى حلول مقبولة للطرفين، وهنا لا بدّ من دور للأمم المتحدة والمجتمع الدولي لتثبيت وقف إطلاق النار أولاً، والمساعدة على تحقيق اتفاق يحول دون تجدد الحرب.
إنها فرصة يجب عدم تفويتها لمصلحة الأمن والسلام في المنطقة والعالم.

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"