عادي

جون ستيوارت مل.. السعادة تصادفنا عرضاً

03:37 صباحا
قراءة دقيقتين

أصدرت دار آفاق للنشر والتوزيع، كتاب «جون ستيوارت مل»، وعنوانه «الحرية» ترجمة طه السباعي باشا، وكان «مل» من المتفائلين للإنسانية بالمستقبل الباهر، والمبشرين لها بالرقي العظيم، غير أنه كان قليل الإيمان بمقدرة الأوضاع مهما هذبت، والأنظمة مهما أتقنت، على إصلاح المجتمع، ما لم يرافقها تطور عميق في صفات الأفراد، فكان رأيه الثابت واعتقاده أن الرقي والإصلاح والخلاص والنجاة ستكون في النهاية على يد الأفراد، وقد أفصح عن هذا الرأي وفصّله في كتاب «الحرية» وبلغ من شدة يقينه ورسوخ مكانه بصحة هذا الرأي، وخلود هذه الفكرة، أنه كان يتنبأ بأن كتاب «الحرية» هو الذي سيظل من دون سائر مؤلفاته يقرأ على مدى الأجيال.

ويوضح الكتاب أن هذه النبوءة صحت، فقد نشأت في عالمي الفلسفة والاقتصاد مذاهب عدة، وأزاح العلم النقاب عن حقائق جديدة، وبقي كتاب «الحرية» مناراً يهتدى به ومرجعاً صادقاً يعود الكثيرون إليه.

ولد جون ستيوارت مل في عام 1806 لأسرة عريقة في العلم والأدب، وحين أتم الثامنة من عمره اطلع على جانب من الكتب اليونانية وأخذ يتعلم اللاتينية والجبر والهندسة، وما كاد يبلغ العاشرة حتى كان يجيد قراءة أفلاطون، وفي الثانية عشرة تعلم المنطق ودرس مقالات أرسطو، وفي العام التالي أخذ يتعلم الاقتصاد السياسي ويقرأ مع والده مؤلفات آدم سميث وريكاردو، وكان والده يكلفه بتدوين خلاصة ما يتجاذبان من الأحاديث اختباراً لدقته في التقاط ما ينثر عليه خلالها من حقائق وآراء، ولما بلغ السابعة عشرة عين كاتباً في مكتب المراجعة بشركة الهند التي كانت تتولى آنذاك حكم تلك الإمبراطورية، وما زال يترقى في سلم الوظائف الرسمية حتى عين في عام 1856 رئيساً لمكتب المراجعة.

وأثناء ذلك خطر في باله هذا السؤال: ترى إذا تحقق الغرض الذي ترمي إليه من نشر مذهبك تأييداً للمصلحة العامة، أيؤدي ذلك إلى ما تبتغيه من السعادة العظمى؟ فكان الجواب: كلا، وهنا بدأ ما يسميه في ترجمة حياته «فترة الأزمة النفسية»، فقد كان يكد لبلوغ سعادته الشخصية عن طريق السعي لإسعاد المجموع، لكن التفكير فيها، والسعي وراءها لم يعد يمنحه إليه ما كان يسعى إليه، وكانت نتيجة ذلك أنه أصبح صحيح الاعتقاد، راسخ اليقين بتلك الحقيقة الغريبة، وهي أن السعادة الذاتية لا تنال قط بجعلها غاية وغرضاً، وإنما هي تأتي عرضاً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"