«عرب 48» أثبتوا وجودهم

02:39 صباحا
قراءة دقيقتين
عوني صادق

انتهت الجولة الثالثة من انتخابات الكنيست ال (23) من دون أن تحدث تغييراً جوهرياً في موازين القوى السياسية في «إسرائيل».
وكان واضحاً في الأثناء أن التنافس كان على الصوت العربي، بين الليكود والقائمة المشتركة. ولأسباب عدة أهمها خطاب الكراهية والعنصرية الذي اعتمده نتنياهو، استطاعت أطراف «القائمة المشتركة» أن توحد مواقفها، وتدفع بالناخب العربي إلى صندوق الاقتراع، فجاءت النتيجة غير مسبوقة، محققة لأول مرة (15) مقعداً، وهو ما أدى إلى نتيجتين، الأولى أثبتت أن العرب قادرون على توحيد مواقفهم، والثانية أن «القائمة» قد تستطيع أن تلعب دوراً أكبر في اللعبة السياسية، طالما أنها تصر على ذلك.
لقد كانت حصة القائمة المشتركة من مقاعد الكنيست في هذه الانتخابات تمثل ما نسبته 12.5% من أعضاء الكنيست، وبهذه النسبة استطاعت أن تجعل تكليف شخص آخر غير نتنياهو أمراً ممكناً. لكن هذه النسبة وما تتيحه من حركة يمكن أن يكونا مصيدة تغري الأعضاء العرب من دون أن تخدم أهدافهم التي يسعون إليها من خلال مشاركتهم في اللعبة «الديمقراطية» المزعومة في الكيان.
وفي حوار أجراه موقع «عرب 48» (4/3/2020) مع الدكتور محمد أبو سمرة حول هذه المسألة، يوضح الأخير: «الميزة الأساسيّة للانتخابات (الإسرائيليّة) بطبعاتها الثلاث، إن صحّ التعبير، هي هيمنة المرجعية اليمينية على الخطاب والممارسة لدى السياسيين، حيث تتنافس جل القيادات والأحزاب (الإسرائيليّة) في ما بينها على أرضية يمينية في جوهرها، تتمحور حول يهودية الدولة، ومرجعيتها القومية والدينية، وتعزيز مصلحة اليهود، وتفضيلها في جميع مجالات الحياة».
معنى ذلك أنه بات محكوماً سلفاً على من يريد أن يشارك في «اللعبة» من العرب أن يقبل الشروط والقواعد «الإسرائيلية» الصهيونية، كما كان دائماً. وهذا يهمش، في رأي أبو سمرة، خطاب المواطنة وما يشمله من مزاعم المساواة والشراكة بين جميع المواطنين؛ ويخلق هرمية في الحقوق بين المواطنين، تبعاً لهويتهم الإثنية.
كما ويُشرْعِن هذا الخطاب إقصاء غير اليهود، أي العرب من مواطني الدولة، كمصدر للسلطة، وينفي مشاركتهم في العملية السياسية، وفي تحديد هوية الدولة، وهوية مؤسساتها وقراراتها، حتى ولو في دعم مرشح ما لرئاسة الحكومة، كما نلاحظ في الجولات الانتخابية الأخيرة. ويتابع أبو سمرة: «كما يركز هذا الخطاب اليميني على واجب الدولة في تعزيز الاستيطان لليهود؛ وعلى القدس الموحدة» عاصمة الدولة اليهوديّة؛ ويرفض أيّ «هجرة» غير يهودية، حتى في الحالات الإنسانية مثل توحيد العائلات الفلسطينية.
ولكن الجديد في الخطاب والممارسة، كما يرى أبو سمرة، هو خلع قناع المُوَارَبة والمُجَاملة، والتصريح بحقيقة الأهداف «الإسرائيلية» الرافضة لحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني في دولة مستقلة في حدود ال 67.
ولا شك أنه ليس من حاجة إلى التذكير، كما لا داعي للشعور بالمفاجأة، إذا ما تبين تمسك القيادات الصهيونية «الإسرائيلية»، وساندتها القوى الإمبريالية الإنجيلية، بمنطلقات مشروعها الاستعماري الصهيوني، الاستيطاني الإحلالي، ما دامت ترى أنها نجحت حتى الآن في تحقيق الجزء الأكبر من المشروع. ويبقى أنه مثلما تتمسك تلك القيادات بمنطلقاتها، فعلى الفلسطينيين، والعرب إن شاؤوا، أن يعودوا إلى منطلقاتهم الأولى التي أثبتت السنوات التي انقضت صدقيتها، أن «ما أخذ بالقوة، لا يسترد بغير القوة»!

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"