متى تتوقف أحاديث «الصفقة»؟

03:09 صباحا
قراءة 3 دقائق
عوني صادق

حتى اليوم، لم تتوقف الأحاديث المتعلقة بما سماها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب «صفقة القرن»! حتى اليوم وبعد أن تبينت أغراض «الصفقة» وما ترمي إليه، لا تزال إدارة ترامب تنظر إليها وتعتبرها «عملية سلام» غرضها «إنهاء الصراع في الشرق الأوسط»، و«إحلال السلام» فيها، ليكون ترامب الرئيس الأمريكي الذي حقق وعود من سبقه من الرؤساء الأمريكيين، ولم يستطيعوا تحقيقه! لذلك ما زال حديث هذه الإدارة يصّر على شرح قرار يتعلق ب «الصفقة» هنا، وتوضيح إجراء يخصها هناك، وهو ما يجعل أحاديثها تتواصل ولا تنقطع!
في الوقت نفسه، هناك من يرى أن ما قيل وكتب عن «الصفقة» وحولها حتى الآن تجاوز الحاجة إلى شرحها، وتفسير بنودها وفهم أغراضها، وهو ما يجعل استمرار الحديث عنها وحولها زائداً عن الحاجة، خصوصاً أن القضايا المهمة كثيرة تحتاج إلى التناول والمعالجة، وهذه وجهة نظر تستحق الاهتمام.
هنا يصبح من الضروري لفت الانتباه إلى أن هذه «الصفقة» ليست كغيرها من الصفقات، لأنها تستهدف تصفية قضية وطنية لشعب مضى على نضاله من أجل حريته قرن من الزمان، وما زال يناضل، وهي تصنف منذ سنين طويلة كأهم قضية تحرر وطني، ويأتي هذا تجاوزاً لكل الشرائع والقوانين الطبيعية والوضعية، وما يسمى «الشرعية الدولية»، التي يعتبرها أصحاب الصفقة أرقى ما توصل إليه ما يسمى «المجتمع الدولي»!
إن ذلك يكفي لاستمرار الجدل حول ما تم تنفيذه حتى الآن من «الصفقة»، وما لم يتحقق بعد، خصوصاً أن «الصفقة» برمتها لم تطرحها إدارة ترامب للنقاش، بل للقبول والتبني، وهي حتى الآن لم تعرض على مجلس الأمن لاعتمادها، وحتى لو تم ذلك، فإنه أمر يتجاهل رأي الشعب صاحب القضية الذي رفض «الصفقة» جملة وتفصيلاً.
يذكر أن منظمة التحرير الفلسطينية كانت قد كشفت في بيان صادر عن مكتب أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات عن 300 خرق للقانون الدولي في «صفقة القرن»، موضحة أنها «تحتوي على العديد من الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي، بما فيها انتهاكات للقانون الدولي الإنساني، وحقوق الإنسان، والقانون الجنائي الدولي، والقانون العرفي الدولي، إضافة إلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية».
وفي الوقت الذي اعتبرت فيه الإدارة الأمريكية «الصفقة» عملية سلام لإنهاء الصراع في الشرق الأوسط، قال مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وصهره، جاريد كوشنر: «إن (صفقة القرن الأمريكية) لا تهدف إلى إحراز تقدم نحو حل الصراع العربي / الفلسطيني (الإسرائيلي)، جاء ذلك في تصريحات أمام لجنة في مجلس الشيوخ الأمريكي، نقلتها (القناة 13 الإسرائيلية)».
وجاءت تصريحات مهندس خطة الإملاءات الأمريكية لتصفية القضية الفلسطينية، خلافاً لما كان يدعيه في جولاته الخارجية التي نظمها للترويج لخطة الإملاءات الأمريكية «الإسرائيلية»، بأنها وضعت للتوصل إلى السلام في الشرق الأوسط.
من جانبه، أدلى رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بما كذب مزاعم كوشنر، وأظهر الاتفاق بين الطرفين. فعلى الرغم من مزاعم كوشنر، فإن الحكومة «الإسرائيلية» تلوح منذ الإعلان عن الخطة الأمريكية بضم مناطق بالضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك منطقة الأغوار وشمال البحر الميت، وذلك استنادا إلى «صفقة القرن» التصفوية، حيث أعلن نتنياهو، قبل أسبوع، عن تشكيل لجنة أمريكية - «إسرائيلية» مشتركة، تعمل حالياً على رسم خرائط الضم «الإسرائيلي» بالضفة الغربية، توطئة للاعتراف الأمريكي بهذا الضم. وكرر نتنياهو وعده بضم غور الأردن والمستوطنات «الإسرائيلية» في الضفة الغربية المحتلة، بعد إعلان النتائج الأولية للانتخابات، مشدداً: «سنفرض سيادتنا على غور الأردن وسنضم المستوطنات».
إن الصفقة ما زالت على الطاولة، ولن يتوقف الحديث قبل أن تسقط عنها، سقوطاً ينهي الحديث بالفعل الناجز. ويبقى أن يتذكر الجميع أن سقوط الصفقة التصفوية لن يكون بالكلام، ولا بالتجاهل وعدم الكلام. الفعل وأساليبه وأشكاله هي الجديرة بالاهتمام والتفكير.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"