عادي
القاضي خالد الحوسني رئيس محكمة الأحوال الشخصية في دبي لـ الخليج:

80 % من القضايا يتم حلها بالتراضي في «التوجيه الأسري»

04:14 صباحا
قراءة 9 دقائق

حوار: إيهاب عطا

قال القاضي خالد الحوسني، رئيس محكمة الأحوال الشخصية في دبي، إن مبنى المحكمة الحالي صمم خصيصاً ليتناسب مع الطبيعة الخاصة لقضايا ونزاعات الأسرة، بحيث تنظر الدعاوى بشكل سري، والتي يكون فيها عرض الصلح إلزامياً من قبل القاضي في بعض القضايا.
وكشف في حوار مع «الخليج» عن أن وقوع الطلاق حتمي بنص القانون ما دامت الزوجة طلبته، حتى لو لم تستطع إثبات الضرر الواقع عليها من قبل الزوج، في الوقت الذي يكون فيه الطلاق هو الحل الأفضل في بعض القضايا، ويكون أيضاً بداية جديدة لمرحلة جديدة من المشاكل الأسرية، وأن من يظن أن بالطلاق ينهي القضية فهو واهم.
وأعلن رئيس المحكمة أنه تم الوصول إلى 18 يوماً معدل إسناد للقضايا في 2017، وأن ما نسبته 10% من القضايا يصدر فيها حكم، والبقية تنتهي بالتراضي، وأن فحص DNA ليس جازماً بنسبة 100% في قضايا إثبات النسب، مستنكراً تضخيم الإعلام لمؤشرات الطلاق رغم انخفاضها بنسبة 30%.. وتالياً الحوار:

- إذا بدأنا من مقركم الحالي واستقلالكم عن مبنى المحاكم الرئيسي، ما الضرورة التي دعت إليه؟

دعنا نقر بأن الكل يجمع على أن لمحكمة الأحوال الشخصية طبيعة خاصة، من حيث النزاعات التي تنظر فيها، ولكونها أسرية تتعلق بشؤون الأسرة الواحدة، وقد تكون بين الزوج وزوجته، أو بين الأخ وأخيه، فطبيعتها تختلف عن النزاعات الأخرى، ففيها جانب نفسي واجتماعي، وأيضاً ما يتعلق بالطفل، وحتى القضاة الذين ينظرون دعاوى الأحوال الشخصية لهم طبيعة خاصة لأنه عندما يجلس على المنصة، إضافة لكونه قاضياً يمثل العدالة، يقوم بدور المرشد الأسري أحياناً، والمصلح في أحيان أخرى، والموجه في بعض الأحيان وبدور المعالج النفسي أحيان أخرى، لأن طبيعة القاضي وعمله في تلك القضايا متنوعة، ويكيف دوره بحسب مقتضيات كل قضية، ووجود مبنى مخصص لقضايا الأحوال الشخصية أمر تفرضه الضرورة والمفترض أن يكون هذا معمولاً به في محاكم مختلف دول العالم.

طبيعة القضايا

- إذاً، الاختلاف في طبيعة القضايا هو سبب الفصل عن مجمع محاكم دبي؟

نعم.. وكذلك حجم وسعة، أو ربما مساحة محكمة الأحوال الشخصية، تعتبر أكبر محكمة من حيث تنوع التخصصات الموجودة فيها، فعندنا، على سبيل المثال، الدعاوى الأسرية المعروفة، المتعلقة بين الزوج وزوجته وأولاده، وهناك دعاوى التركة بين الورثة والإخوة والنزاعات بينهم، وهناك الإشهادات مثل عقود الزواج وإثباتات الحالة التي تقدم أمام الجهات الأخرى، وهي ليست نزاعات عادية، أيضاً دعاوى أحوال المال، كأن يكون هناك شخص محجور عليه لأنه سفيه.

مراحل سير الدعوى

- وماذا عن مراحل سير الدعوى؟

في البداية يستقبل قسم التوجيه الأسري الطرفين، أو أحد الأطراف، ونجد أنه في حدود 80% من القضايا يتم حلها في التوجيه الأسري، سواء بالصلح والعودة للحياة الزوجية، أو بالتسوية والاتفاق على الطلاق، و20% من الدعاوى تحال إلى المحكمة وتسمى بدعاوى النفس، وينظرها القضاة ويصدر فيها أحكام، و50 % من القضايا التي ينظرها القضاة ويتم تداولها، يتم فيها الصلح، من قبل القاضي، إما على الطلاق وإما العودة، و10 % فقط يصدر فيها حكم.

التوجيه الأسري

- من أين تأتي أهمية التوجيه الأسري؟

التوجيه الأسري له طبيعة مختلفة، وهو عصب العمل في المحكمة، فليس هناك قاعات تنظر فيها الدعوى، أو يصدر فيها أحكام بالشكل المألوف، لكن يؤدى فيها دور سام للصلح بين الأطراف المتنازعة في الأسرة الواحدة، فهناك أصحاب نزاعات لا يريدون أن تصعد الأمور بينهم إلى أن تصل إلى قاعات المحكمة، اللهم إلا التفاوض مع الزوج لإنهاء المشاكل بينهما، وهم أغلبية الشاكين والمتعاملين مع محكمة الأحوال الشخصية، لا يريدون أن تصعد الأمور، ويعلم بها الناس، لأن ساحات المحاكم تنظر فيها القضايا بشكل علني، ومبنى المحكمة تم إنشاؤه بشكل يتناسب مع سرية القضايا، وكذلك مع تعدد وتنوع القضايا والأقسام، فهناك التوجيه الأسري له ممر خاص، ولهم غرف خاصة، ومواعيد مناسبة بحيث نراعي الخصوصية، وألا يكون هناك عدد كبير من المتواجدين في المحكمة فينتشر أمر المتنازعين، ويكون الدخول بسرية على الموجه الأسري، ويتم عرض الصلح بين الطرفين بكل سرية وأريحية، وأيضاً قاعات المحاكم مهيئة بحيث إن القاضي ينظر القضية في جلسة تحضر فيها الزوجة مع زوجها والوكلاء إذا كان هناك محامون بكل سرية، وهناك أمور طبيعتها حرجة، كأمور الفراش، وصعب الحديث فيها بحضور أناس آخرين.

- ذكرتم أن هناك اختصاصات تميز عمل المحكمة وتفردها عن غيرها، فأي قسم يمكن القول إنه عنوان العمل في المحكمة، أو أهم قسم فيها؟

العمود الفقري في المحكمة كلها هو دعاوى أحوال النفس التي ترفع من الزوجة على زوجها، أو العكس، كأن يكون هناك طلب النفقة أو الطلاق، أو توفير مسكن الزوجية، أو نفقة الأولاد، أو حضانة الأولاد، أو الطاعة الزوجية، أو حق الرؤية من جانب الأب، هذا هو التخصص الأساسي.

اختيار القضاة

- وماذا عن اختيار القضاة وإعدادهم، هل هناك قدرات معينة يجب أن يتمتع بها القضاة في محكمة الأحوال الشخصي؟

نمط شخصية القاضي هو الذي يشجع على اختياره، وكان يوجد في معهد القضاء مساران، المدني، وآخر شرعي والقاضي يدرس فيه القضايا ويتخصص في القضايا الشرعية، والمواد المتعلقة بالأحوال الشخصية، إضافة إلى المواد القانونية العادية، ومن ناحية القضاة بالفعل يأخذون دورات، ويدخلون ورش عمل، ويتعلمون فيها كيفية إدارة الجلسة، لأنها تختلف في الأحوال الشخصية عن الدعاوى المدنية من ناحية أن يكون عند القاضي سعة صدر، وعندما يتم اختياره للعمل في محكمة الأحوال الشخصية قد يكون عمل قبلها في محاكم أخرى، وطبيعة القاضي تميزه بأن يكون قادراً على التعامل مع الناس مباشرة بشكل قوي، وعنده ملكات في التحكم في الجلسة وإقناع الأطراف بالصلح، وهذا يكون واضحاً أمامنا كرؤساء المحاكم.

- كم عدد القضاة وهل يوجد بينهم قاضيات؟

15 قاضياً، وللأسف لا توجد قاضيات بينهم حتى الآن.

إدارة النزاع

- وهل تجرى لهم اختبارات نفسية أو ما يشبه عند اختيارهم؟

بالنسبة للمحكمة بشكل خاص لا توجد، لكن هناك اختبار يتم للجميع عند القبول للعمل في المحاكم، وسعة الصدر مفترض أنها موجودة عند كل القضاة، والطبيعة المميزة لقاضي الأحوال الشخصية تتمثل في قدرته على احتواء الأطراف، والصلح بينهم، والقاضي في جميع أنواع الدعاوى يسمى «قاض سلبي» من ناحية عدم تدخله في مجريات نظر القضية، ولا يوجه الخصوم في تقديم مقتضيات الدفاع، أو ما شابه ذلك، ولا يسمح بالحوار بين أطراف الدعوى إلا في حدود ضيقة، إلا أنه في الأحوال الشخصية يجب أن يكون دوره إيجابياً، يدير النزاع، ويوقف أي نزاع ممكن يحدث أمامه، ويقرب وجهات النظر، ويعرض الصلح مرة، واثنتين، أو ثلاثاً، وعرض الصلح في بعض القضايا غير إلزامي، وفي البعض الآخر يكون الزامياً بنص القانون، ويكون سعيه بكل ما أوتي من قوة وجهد لعرض التسوية بين الطرفين، فالبعض يظن أنه بحصول الطلاق انتهت القضية، ومن يقول هذا «واهم»، لكن هنا تبدأ مرحلة أخرى من مراحل المشاكل الزوجية، وتتحول إلى مشاكل حضانة، ونفقة، ومشاكل اجتماعية أخرى، وقد يكون قرار القاضي في دعوى حضانة على سبيل المثال، يدمر أسرة، أو طفلاً، أو إلزامه للطفل بالانتقال من حضانة طرف إلى حضانة طرف آخر تكون نتائجه مشاكل، وتعرضه لخطورة، وتكون مشكلة جديدة وآثارها ليست مباشرة.

الطلاق الحتمي

- هل للقاضي سلطة إجبار الطرفين على استمرار الحياة الزوجية منعاً للضرر على الأطفال، بمعنى آخر يرفض دعوى الطلاق؟

هناك لوم دائم للمحاكم والقضاة بأنهم يتساهلون في موضوع الطلاق والقاضي ليس شخصاً يختار الحكم على هواه، والحقيقة أن قانون الأحوال الشخصية الحالي فيه نص صريح أن الطلاق يكون حتمياً، بمعنى أنه إذا جاءت المرأة وادعت أن الزوج يضربها، أو يسبها، أو يهجرها، وطلبت الطلاق، وحتى إذا لم تستطع إثبات الضرر تُطلق، كان في السابق ترفض الدعوى باعتبار أن البينة على من ادعى، لكن الآن لا تُرفض الدعوى وإنما تحال إلى حكمين مهمتهما الإصلاح بينهما، فإذا لم يتم الصلح على الحكمين تقصي أسباب النزاع بين الطرفين، والوصول إلى المخطئ والمسيء في حق الأخر، ولكل حالة وضع القانون أحكاماً، فمثلا إذا كان الضرر من قبل الزوجة تُطلق بمقابل تدفعه إلى الزوج، وإذا كان من قبل الزوج تُطلق من دون مقابل، وإذا كان الخطأ مشتركاً فينظر الحكمان إلى نسبة الإساءة، والبدل الذي يتم الاتفاق عليه لتتم عملية الطلاق، أو أحياناً يكون السبب غير معروف لكن في النهاية يكون القرار بالطلاق.

الطلاق والخلع

- وما الفرق بين هذا النوع من الطلاق وبين الخُلع؟

يختلف الأمر في حالة الخُلع، لأنه يكون بالتراضي بين الطرفين على الطلاق، وهناك قوانين تلزم الزوج بالطلاق في مقابل مبلع تدفعه الزوجة إذا رغبت في الطلاق، والمحكمة لها أن تقدر هذا المبلغ، وفي هذه الحالة لا تدعي الزوجة الضرر لكن تقول إنها كارهة للزوج، ولا تسطيع أن تقيم حدود الله معه، وهذا موجود بشكل مختلف في القانون الإماراتي، بحيث يُلزم الزوجة إثبات التعنت في الطلاق من قبل الزوج، ولا يُقبل من الزوج رفض عرض الزوجة بالطلاق لكن يقبل منه أن يناقش في هذا المبلغ الذي يدعيه، وهو ما رعاه القانون لأنه لا يمكن للزوج إجبار الزوجة الحياة معه غصباً عنها، وإذا تعنت فإن حكم المحكمة يكون هو الفيصل في تلك المسألة والقاضي يقدر المبلغ، وقد يزيده، أو يخفضه.

تحليل DNA

في قضايا إثبات النسب، هل يتم استخدام التقنيات والأساليب الحديثة مثل تحليل DNA؟

يجب أن نفرق هنا بين إثبات النسب، ونفي النسب، ففي الإثبات نستعين بالطرق الحديثة، وهذا وارد في قضايا التركات، كأن يظهر شخص ويدعي أنه ابن فلان، فطبعاً نستعين بفحص DNA وأيضاً في القضايا التي يكون فيها تزوير، كأن تُثبت المرأة الولد لمطلقها، وهي لم تعلن طلاقها، أو تكون على ذمة زوج آخر بعد الطلاق، فيأتي المطلق ويعترض ويقول هذا ليس ابني، ولا توجد أوراق ثبوتية، المحكمة تقع وقتها بين حلين، فهو إما أن يكون ابن المطلق، أو ابن الزوج الحالي، خاصة أنه ليس هناك شهادة ميلاد، فالمحكمة هنا تستعين بالتقنيات للإثبات، وهناك حالات أخرى يدعي الزوج أن الطفل ليس ابنه، فعليه أن يثبت أنه ليس ابنه في مدة معينة هي مدة «اللعان»، فيرفع دعوة بنفي النسب لأن الشرع يتشوف لإثبات النسب والله لا يرضى للطفل أن يكون من دون أب، أو نسب، وحتى فحص DNA بحسب الحالات العملية التي تداولتها المحكمة ليس جازماً، الفحص يضع احتمالات بأن يقول يحتمل أن يكون من هذا، ولكن يقطع ألا يكون من ذاك، فليس قاطعاً بنسبة 100% والترجيح يكون للقاضي.

مؤشرات الأداء

قال القاضي خالد الحوسني رئيس محكمة الأحوال الشخصية، إنه خلال 2017 تم الوصول إلى معدل إسناد للقضايا 18 يوماً من تاريخ التسجيل حتى نظر أول جلسة، بينما كان المستهدف هو 20 يوماً، وفي تطور ملحوظ في أداء المحكمة تمكنا من الحكم في 2079 قضية خلال 2017 مقارنة ب 1980 قضية في 2016، في الوقت الذي زاد فيه عدد القضايا المسجلة في 2017 ليصل إلى 2291 قضية مقارنة ب 2131 قضية في 2016.


زواج الإماراتيات من أجانب ليس ظاهرة

حول قضية زواج الإماراتيات من أجنبي، ومطالبة البعض بإعادة النظر في القانون للتيسير عليهن، قال القاضي خالد الحوسني: هذه لا تشكل ظاهرة كي نقلق منها، لأنها حالات نادرة جداً أن تتزوج المواطنة من غير الإماراتيين، والقانون لا يمنع أن تتزوج طالما كان أبوها راضياً، والشخص مسلم، اللهم أن يقدم شهادة حسن سير وسلوك لأنه لا ينبغي أن يعيش في الدولة مجرم بحجة أنه متزوج من إماراتية، وحتى قانون تحديد المهور يطبق على الزواج بين الإماراتيين، أما إذا تزوجت من غير إماراتي فلها الحرية في أن توافق على أي مهر كبير، أو صغير، وليس هناك قيود على الزواج من غير المواطنين، أما إذا كنت تتحدث عن الأولاد والتجنيس، فدعنا نطرح سؤالاً عن الولد في النفقة التربية والتعليم وكل شيء، أليست مسؤولية الأب، وليس مسؤولية الأم؟ وما يتعلق بأمور منح الجنسية، وغيره، متروك للجهات المختصة وليس لنا تدخل فيه لأنه متعلق بسيادة الدولة، وهي تقرر وفي أحيان كثيرة تم منح أبناء مواطنات الجنسية الإماراتية، في حين أن الزوج أجنبي، وفي بعض الحالات أبوهم لا يحمل جنسية من الأساس، وقانون الدولة يمنع ازدواج الجنسية للأبناء.وحول مقدار مهر الزواج بين المواطنين، قال: لا يتجاوز 20 ألف درهم مقدم، ولا يتجاوز المؤخر ثلاثين ألف درهم، وليس هناك حد أدنى في المؤخر حتى لو كان مبلغاً رمزياً.

استقرار المجتمع

مؤشر الطلاق انخفض بنحو 30% في 2016 وإن كانت بعض وسائل الإعلام تضخم من نسب الطلاق، والفتاة الإماراتية شخصيتها متوازنة، وعندها من الوعي والفهم ما يدعم استقرار المجتمع، ولا تتأثر بأي أفكار غريبة كانت، أو أجنبية، بأي شكل من الأشكال، لأن لديها ثوابت، وتنطلق من دينها، وعاداتها، وتقاليدها، ولها حرية صنعتها وتستخدمها في إطارها ونطاقها الصحيح، والمرأة الإماراتية خاضت مجالات كبيرة فتبوأت منصب القضاء، وأعلى منصب في المجلس الوطني كرئيس المجلس، أيضاً هناك وزيرات ومديرات إدارات ومديرات دوائر، وتنطلق من منطلق اجتماعي يتماشى مع الدين الإسلامي، فلا نجد أطروحات شاذة كأن تطالب بتعدد الأزواج كما يحدث في بعض البلدان، وهناك من يطالبن بنزع الحجاب والسفور، أو تطالب بأن يشارك الرجل في مسؤولية البيت ويجلس يربي الأولاد، وهي تخرج للعمل، لأن كل هذه مطالب دخيلة علينا ولا تستجيب لها، والمجتمع يمكن أن نلخصه في «المرأة»، لأن المرأة إذا فسدت فسد المجتمع، أما الرجل إذا فسد فقد فسد لذاته، وإذا تأثرت المرأة بتوجهات أو أفكار معينة ستنقلها للأولاد، وبدورهم يتأثرون وهم آباء وأمهات المستقل ومن يبني المجتمع هي الأم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"