أحمر بالخط العريض

02:22 صباحا
قراءة دقيقتين
مارلين سلوم

12 موسماً، وما زال قادراً على إبهارنا بالقضايا التي يختارها والقصص الإنسانية التي يقدّمها. مالك مكتبي، سلك خطاً مختلفاً عن غالبية ما نشاهده على الشاشات العربية، ليكون متميزاً قادراً على خلق مساحة خاصة به، لا ينشغل بالسباق الماراثوني خلف الفضائح والنجومية و«الفقاقيع» الإعلامية.
«أحمر بالخط العريض»، بدأ كبرنامج يتناول القضايا الاجتماعية المسكوت عنها، وجنح في بعض الأحيان نحو تجاوز كل الخطوط الحمر وكسر المحاذير، بهدف إحداث ضجة، مثلما كان وما زال يفعل آخرون في برامجهم حتى اليوم؛ لكنه عرف كيف يطوّر أدواته، ويضع نصب عينيه الهدف الأهم والذي أوصله إلى التميّز الحقيقي، وهو تناول قضايا إنسانية اجتماعية تمس القلب وتحرّك فينا المشاعر والضمائر.
عرف مكتبي كيف يترك كرسي المذيع الباحث عن قضايا تثير الرأي العام، ليسطع نجمه ويصير حديث الناس، فجعل من ضيوفه نجوماً تتسلط كل الأضواء عليهم. نادراً ما يجلس على كرسيه أثناء تقديم الحلقة، بل يقف ويتنقل وينزل على ركبتيه أمام أي طفل، ويمسح دموع أي متألم، ليكون المقدّم وضيفه على المستوى نفسه.
هذه النوعية من البرامج قليلة، ولكنها تملأ المساحة التي نحتاج إليها على الشاشة، من خلال التطرّق إلى القصص الحقيقية والتي تبدو من شدة غرابتها، خيالية أو درامية، مبالغاً فيها لزوم الحبكة. إنها الأكثر شفافية وصدقاً، والأكثر تأثيراً في الجمهور.
المشاهد يملك اليوم وسائل كثيرة وبديلة يلجأ إليها هرباً من البرامج الهابطة والتافهة، والتلفزيون بات هو أيضاً، كسائر الوسائل الإعلامية، يسعى خلف هذا المشاهد لإرضائه، كي يضمن استمراريته في مواجهة المنافسة الشرسة التي يواجهها مقابل شاشات العرض الإلكترونية والقنوات البديلة والمشفّرة، والهجمة القوية من قبل «نتفليكس» والتي ما زالت في بداياتها.
«أحمر بالخط العريض» يستضيف الأطفال، فيتحدثون بأنفسهم عن قضاياهم ومشاكلهم وأحلامهم وطموحاتهم، والحوار يكون جدّياً، ويخصص حلقة للخدم ومشاكلهم، وفي آخر حلقة عرض حالة إنسانية جداً، عنوانها «بين الحياة والموت»، أبكتنا جميعاً، ويمكن اعتبارها صورة مصغّرة عن الفكر العنصري في مواجهة المشاعر الأبوية والأمومة، والصراع بين العقل والقلب.
يقدّم مالك الحلول حين تتوفر، ويفتح أبواب الأمل ويمنح الثقة، خصوصاً للصغار، لأنه يحمل رسالة، يؤمن بها ويتمسك بقناعاته على مر السنين، وفي مواجهة كل التقلبات التي مرّت بها الشاشات العربية. تلك النوعية من البرامج، أصبحت قضية إنسانية مستمرة على الشاشة، وأبواب الأمل فيها دائماً مفتوحة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

كاتبة وناقدة سينمائية. حاصلة على إجازة في الإعلام من كلية الإعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ساهمت في إصدار ملحق "دنيا" لجريدة الاتحاد ومن ثم توليت مسؤولية إصدار ملحق "فضائيات وفنون" لصحيفة الخليج عام 2002 فضلا عن كتابتها النقدية الاجتماعية والثقافية والفنية. وشاركت كعضو لجنة تحكيم في مهرجان العين السينمائي في دورته الأولى عام ٢٠١٩

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"