الأمل العربي من جديد

04:25 صباحا

اجتماع العرب على كلمة واحدة دعماً لحق الدولة الفلسطينية في العضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدة، يبدو كالحلم العربي الذي لا يتحقق مهما جاءت النتائج غير مرضية للعرب . . فهذه تكاد تكون المرة الأولى التي يتفق العرب فيها على مصلحة الشعب الفلسطيني، والدولة الفلسطينية أمام القوى التي ظلت ولا تزال تقود الأمم إلى مصائر يضعون سيناريوهاتها ويجبرون هذه الأمم على اتباعها، موحين لهم بأن خططهم هي المنقذ الوحيد بينما الحقائق تظهر غير ذلك تماماً .

لا شك في أن موقف القيادة الفلسطينية لن يمر على التاريخ من دون أن يحتفظ به في صفحاته، خاصة بعد المواقف التي أخفقت فيها ومعها الدول العربية خلال عقود من الزمان في التوحد على مطلب الحفاظ على كرامة شعب يطالب بالحرية، وينتفض من أجل حقه العادل، فها هي السلطة الفلسطينية اليوم تقف إلى جانب شعبها لإعلاء حقه غير راضخة للضغوط الدولية وخاصة الأمريكية، التي مورست ضد السلطة وهي في الواقع ضد الحق العربي - بقيام الدولة في فلسطين، بل إنها مارست ضغوطها على الدول العربية التي يبدو أنها بدأت تفقد هي وأمريكا بريق علاقاتهما الجيدة على المستويين السياسي والاقتصادي التي كانت في أفضل صورها وهي تحقق المصالح المشتركة لهما ولسنوات طويلة، حتى بدأنا نشهد انقشاع هذه الغمة المهينة لنا بالرفض العربي وبالوحدة في مواجهة ضغوط منع وصول الدولة الفلسطينية إلى مكان مستحق لها وللشعب في هذه المنظمة العالمية، مما استنفر الإدارة الأمريكية للتحرك في ممارسة ضغوط دبلوماسية تصب كلها في مصلحة إسرائيل لتطويق هذا الرفض المتفاقم، خاصة في دول مجلس التعاون الخليجي وبالأخص في المملكة العربية السعودية التي أبدت رفضاً في صيغة تحذير لأمريكا من تأثر العلاقات الثنائية القائمة بينهما على المصالح بشكل سلبي ليست في مصلحة استمرارها .

ولا نستبعد كمواطنين من الإمارات أن تكون هناك محاولات مشابهة تعرض لها الموقف الإماراتي للضغط عليه لتغييره من أجل بقاء إسرائيل بغض النظر عن المطالب العادلة للشعب الفلسطيني، إلا أننا على ثقة بقيادتنا الحكيمة الرشيدة التي لها تاريخ طويل مشهود في الوقوف إلى جانب حق الأشقاء في فلسطين، وفي الدعوات المتكررة لإعادة الحق إلى أصحابه، والرضوخ للمطالب الأمريكية مستحيل وإن جاءت تحت غطاء تأثر العلاقات العربية الأمريكية بسبب هذا الموقف العربي .

إن تناقض المواقف في الولايات المتحدة الأمريكية ليس بغريب عنها، فهي تهدد باستخدام حق النقض الفيتو إذا ما صدر قرار أممي بالموافقة على إعطاء الدولة الفلسطينية شرعيتها، وحقها في العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، في الوقت الذي تشيد فيه بحركات التحرر ومطالبات الشعوب العربية بالديمقراطية وحق حرية التعبير، ومحاربة الديكتاتوريات . وهو ما لا يتفق مع واقعية موقفها من القضية الفلسطينية في مشهد الكيل بمكيالين . إن ما نراه من دعم وموافقة دولية على هذا الحق للدولة الفلسطينية ليوسع باب الأمل بأن الشعوب كلها تؤمن بحق بعضها بعضاً في أن تعيش في سلام وأمان .

ولكن الأمل الجديد حقاً بدأ يبزغ في مواقفنا العربية تجاه قضايانا في العالم ولا نريد أن نفقده في لحظة تراجع أو انهزام، لقد اكتفينا والله، وآن لنا أن نثبت على رأي واحد وموقف واحد، فالحق لنا ومعنا، علينا أن نستمر طالما بدأنا، نستمر في دفع عملية الوجود الفلسطيني بشكل رسمي معترف به في هيئة الأمم مهما مرت السنون وتغيرت القيادات الفلسطينية وسارت خطوات تحقيق العدالة والمطالبة بالحق على طرق طويلة وشائكة، ولكن يبقى الأمل بالله سبحانه أولاً ثم بأبنائنا المؤمنين بأحقيتنا في فلسطين والمسجد الأقصى .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"