الأولوية لإطفاء الحريق في دارفور

البعد الثالث
03:45 صباحا
قراءة دقيقتين

تزامنت زيارة المبعوث الأمريكي للسودان ريتشاد وليامسون إلى الخرطوم مع حضور وفدي منظمة حماس الفلسطينية وحزب الله اللبناني لمؤتمر الحركة الإسلامية السودانية، وتزامنت أيضاً مع زيارة ثلاثة من قادة حركة العدل والمساواة الدارفورية لأمريكا بدعوة من وكالة الاستخبارات الأمريكية، كما تزامنت مع مغادرة وفد رفيع المستوى من الحركة الشعبية الشريكة في الحكم القائم إلى أمريكا عبر لندن بدعوة أيضاً من الحزبين الجمهوري والديمقراطي هناك.

لابد أن وليامسون قد رفع حاجبيه لتوقيت مؤتمر الحركة الإسلامية، وحضور قوى (مشاكسة) لأمريكا من فلسطين ولبنان ذلك المؤتمر، فهل المقصود إيصال رسالة لواشنطن بأن استهدافها المستمر للحكومة السودانية، وغير المستتر في معظم الحالات، قد يجر إلى ارتماء الخرطوم في أحضان الغلاة والمتشردين، بما فيهم إيران الشرسة؟ وأياً كانت الإجابة، فمن الواضح أن الخرطوم الرسمية تبنت طرحاً دفوعياً في مسألة الجنائية الدولية، تخلت فيه عن التعبئة الشعبية بعدما ضمنت تلاحم الجبهة الداخلية، واتجهت إلى المعالجة السياسية والدبلوماسية من جهة والمعالجة القانونية من جهة أخرى.

ولعل أبرز ما قامت به الخرطوم هو إيفادها مبعوثين إلى العديد من الدول الإفريقية والعربية والإسلامية وبعض الدول الصديقة الأخرى لشرح موقفها من اتهامات مدّعي الجنائية الدولية.

وربما أهم جزئية في الرسالة التي نقلها المبعوثون إلى تلك الدول أن السودان يرى أن هناك وضعاً عالمياً جديداً يكرس هيمنة القوي على الضعيف بأسلوب جديد وبوجه استعماري غير مألوف، ويشتمل على خطة يمكن أن يكون السودان أول ضحاياها، لكن بالتأكيد أن الزحف على ضحايا آخرين وارد جداً إن لم يكن مؤكداً جداً. ونقل المبعوثون كذلك إلى زعماء تلك الدول التزام الحكومة السودانية بالتحرك لإرساء دعائم السلام في ربوع دارفور واستعدادها للحوار مع كل الفصائل والحركات الدارفورية حاملة السلاح، من دون استثناء، للتوصل إلى صيغة سلام عادل وشامل ومستدام، وربما ما لم تقله الحكومة التي أبرمت اتفاق سلام لأطول حرب في القارة الإفريقية في جنوب السودان في الخامس من يوليو/ تموز ،2005 أن ترتيبات وخطوات تحقيق ذلك السلام استمرت عشر سنوات لتكتمل، ومن ثم فإن الترتيبات الخاصة بسلام دارفور تلزمها فسحة وقت لتتحقق بالكامل وتستوفي مستحقاتها.

ومثلما وقفت المعارضة في خندق واحد مع الحكومة تجاه مسألة المحكمة الجنائية الدولية كأمر حتمي، فإن إشراك كل الفعاليات السياسية في عملية سلام دارفور شأن قومي، وأجدني متفقاً على ضرورة منح السلام في دارفور فرصة، وذلك بتأجيل أو تعليق أو تجميد طلب مدعي محكمة الجنايات الدولية بوساطة مجلس الأمن الدولي وفقاً للمادة 16 من ميثاق الأمم المتحدة. وهذا ما طالب به رسمياً الاتحاد الإفريقي وجامعة الدول العربية ومجموعة الدول الباسيفيكية الإفريقية الكاريبية وكتلة عدم الانحياز والمؤتمر الإسلامي، ولا أعتقد، كما أشار بعض رموز الحكومة، أن التأجيل يعني الاعتراف بالمحكمة أو بتهم مدعي الجنايات الدولية، لأنه أمر سياسي بالدرجة الأولى، ويأتي من بوابة مجلس الأمن الدولي، فالمهم أن تتحرك الحكومة السودانية، وسريعاً جداً، لاحتواء أزمتها في دارفور، والخيار واضح أمامها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"