“جيش الرب” وداعاً للسلاح

البعد الثالث
02:39 صباحا
قراءة 3 دقائق

لوساطة بين جيش الرب والحكومة الأوغندية والتي تولتها حكومة جنوب السودان بعد قيامها في العام ،2005 وصفت بأنها وساطة حيادية، وأن الدافع لها هو الافادة من تجربة الحركة الشعبية لتحرير السودان التي كانت تحارب الحكومة المركزية في الخرطوم لأكثر من عقدين من الزمان 1983 ،2005 والمتمثلة في عدم جدوى الاقتتال والاحتراب عبر حرب العصابات، باعتبار أن الحل للنزاع يكون عبر التفاوض والحوار وهو ما نجح في حالة الحركة الشعبية التي يتولى قادتها الآن حكم جنوب السودان.

وحقيقة الأمر أن عمليات جيش الرب ضد الحكومة الأوغندية ظلت متمركزة في شمال أوغندا المحاددة لجنوب السودان وعانى سكان جنوب السودان في مناطق التماس وخارجها من سلبيات حرب جيش الرب وتداعياتها، وهكذا فإن مبادرة حكومة جنوب السودان للتوصل إلى حل له مبرراته التي تضاف إليها العلاقة الحميمية التي ربطت بين الحركة الشعبية والرئيس الاوغندي يوري موسفيني، وقد عولت حكومة جنوب السودان على تلك العلاقة في إنجاح مسعاها ومرماها. ووفقاً للوكا بيونق وزير شؤون رئاسة حكومة الجنوب، فإن الوساطة عبارة عن عملية معقدة ومتداخلة ومستمرة منذ العام ،2006 ويصبح مفهوما دخولها في انفاق ومضبات ومطبات.. وشرح بيونق مايعني أن حكومة الجنوب منذ البداية أوضحت لزعيم جيش الرب، جوزيف كوني، أن خياراته محدودة بمعنى إما أن يقبل بالجنوح إلى السلم أو يرفض ويستعد للمواجهة العسكرية مع جيش حكومة جنوب السودان، وأضاف أن الرئيس الأوغندي نفسه ما كان متحمساً للفكرة، لكنه في النهاية قبل بها وأعلن وثوقه في نزاهة الوسيط، في الوقت الذي كانت مواقف جيش الرب في المفاوضات رمادية وضبابية إلى الحد الذي تخلف فيه زعيم جيش الرب لأول مرة عن الموعد المضروب لتوقيع اتفاق السلام في عاصمة الجنوب جوبا- رغم وصول الرئيس موسفيني، لكن حكومة الجنوب لم تغلق الباب وفضلت أن تتركه موارباً، وصبرت على وساطتها، ومرة أخرى عاد جيش الرب إلى طاولة التفاوض لكن بشروط مسبقة هي إسقاط تهم جرائم الحرب عن زعيم جيش الرب وبعض معاونيه، والتي سبق للحكومة الأوغندية أن رفعتها لمحكمة الجنايات الدولية في (لاهاي) وأصدرت الأخيرة قرارات إيقاف بحق جوزيف كوني وثلة من معاونيه. وكان لا بد من الوصول إلى صيغة مقبولة فاقترح الوسطاء بقيادة الدكتور رياك مشار نائب رئيس حكومة جنوب السودان أن تتم معالجة جرائم الحرب وفقاً للأعراف والتقاليد السائدة عند قبائل (الاشولي) في شمال أوغندا برعاية المحكمة العليا الأوغندية ويتسق ذلك المقترح تماماً مع العهد الافريقي الذي تبنته نيجيريا في عهد الرئيس السابق اولسون ابوسانغو، وطرحته على مجلس الأمن الدولي كمبادرة افريقية تنأى عن محكمة الجنايات في حالة جرائم الحرب وما شابه.

وفي الوقت الذي تم الإعلان فيه عن التوصل إلى اتفاق بين حكومة أوغندا وجيش الرب وتم تحديد موعد توقيعه الذي أعاقه هطول الأمطار ثم تأجل إلى موعد لاحق، فإن مدعي محكمة الجنايات الدولية لويس اوكامبو، صرح بأنه اجتمع مع مدير شرطة الجرائم الدولية (الانتربول) لبحث كيفية توقيف زعيم جيش الرب جوزيف كوني، وكأنما اختار ذلك التوقيت لإجهاض اتفاق السلام بين جيش الرب والحكومة الأوغندية، والذي صار قاب قوسين أو أدنى. وإذا كانت حكومة أوغندا جادة في أن يلقي جيش الرب سلاحه، فإن اسقاط التهم الموجهة لزعيمه ومعاونيه عبر محكمة الجنايات الدولية تسبق التوقيع على اتفاق السلام، ويبدو أن محاولة أوكامبو قد أثمرت لأن زعيم جيش الرب يتهرب من التوقيع على اتفاق السلام.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"