جريمة تربوية

كلمات
05:08 صباحا
قراءة دقيقتين

لم يمر عليًّ في تاريخ عملي التربوي وجود قانون يسن عقوبة اسمها قص شعر طالبة لم تتجاوز التاسعة من عمرها أمام زميلاتها ومدرساتها، ولا حتى أكبر عمراً من ذلك . الطامة الكبرى أن هذا العقاب سنته مديرة مدرسة، والخبر ينزل على المجتمع الإماراتي كالصاعقة .

بناء عليه، تحرك مجلس أبوظبي للتعليم بقرار إنهاء خدمة مديرة المدرسة، والتحقيق الذي أجراه المجلس يكشف عن أمر غاية في الخطورة، وهو أن مديرة المدرسة اعتادت تهديد الطالبات باستخدام قص الشعر كعقوبة تربوية . وقد أقرت المديرة بدورها بارتكاب هذا العمل . والمجتمع يشكر مجلس أبوظبي للتعليم على قراره الصائب .

لكن، لا بد من وقفة متأنية في حقيقة الفعل ورد الفعل، والقانون والعقوبة والنتائج المترتبة عليها . وإن سنّت المديرة هذه العقوبة من دون أن نعرف على أي سند قانوني اعتمدت في اتخاذها وتنفيذها، فلا بد من أن تعرف أن العقوبة كانت أقبح بكثير من ذنب الطالبة .

في حيثيات الحادثة أن الطالبة التي لم تتجاوز التاسعة من عمرها، تركت غرّتها تطول حتى أخذت تغطي عينيها وتشغلها عن التركيز في الفصل، فما كان من المربية الفاضلة إلا أن تأتي بالمقص وتقص غرتها أمام زميلات الطالبة ومدرساتها، ولا يوجد هناك أي فرق بين مديرة مواطنة أو وافدة أو أجنبية، المؤسسات التعليمية عليها أن تعزز في الطالب إنسانيته وكرامته وكبرياءه، وعقوبة قص شعر الطالبة هي النار التي تحرق وتشوه كل ما ذكرته سابقاً .

حادثة أو على وجه التحديد جريمة يرتكبها مربٍّ أول ما يوصف به أنه مربٍّ فاضل، لكن في الفترة الأخيرة، وربما بسبب تمرد الطلبة وعنفهم واستفزازهم للمدرسين تحول بعض التربويين إلى بلطجية بمعنى الكلمة .

المديرة قصت شعر الطالبة بالأمس، وقبلها مدرس يصفع طالباً على أذنه ويفجر طبلة الأذن، ولم تغب عن ذاكرتنا جريمة مدرس في بلد عربي يفقأ عين طفل بسبب رشفة ماء، والأمثلة كثيرة .

قص شعر، صفع، فقء عين، كسر ضلع، ضرب رأس في الحائط، جروح لا تلتئم، سب وشتم ولعن، هذه أصبحت أهم المهارات التي يجب أن يوثقها بعض المدرسين في سيرهم الذاتية هذه الأيام، ولا بد من توثيق هذه المهارات بالصور وشهادة موثقة من جهة أمنية ومستشفى واثنين شهود .

هل كان العقاب درساً للمديرة ورادعاً لباقي التربويين كي لا تتكرر هذه المآسي مرة ثانية؟ قد تكون في أنظمة المؤسسات التعليمية هذه عقوبة لمصلحة المؤسسات التربوية أو ما نسميه الحق العام ويجب أن يحفظ، لكن لم يكن كذلك للطفلة وكان لا بد من عقوبة صارمة لتحقيق القصاص الذي يحقق الكبرياء والحياة الكريمة للطالبة . قال الله تعالى: وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالعَيْنَ بِالعَيْنِ والأنف بالأنف والأذن بالأذن وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ .

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"