خريطة الشرق الأوسط بعد عام 2017

03:03 صباحا
قراءة 3 دقائق
سلطان حميد الجسمي

اليوم هو اليوم الثاني من السنة الجديدة لعام 2018. بينما العالم يحتفل برأس السنة الميلادية الجديدة تشهد بعض مناطق الشرق الأوسط صراعات ونزاعات وقرارات غير شرعية ومؤامرات وأحداثاً مؤسفة من شأنها أن تخلق توازنات جديدة وتعيد رسم خريطة الشرق الأوسط من جديد. ولعل أبرز اللاعبين الدخلاء في الشرق الأوسط هم الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وإيران وتركيا.
لعل أخطر قرار من شأنه أن يغير مجرى تاريخ المنطقة ويعيد رسم خريطة الشرق الأوسط هو اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأن القدس عاصمة «إسرائيل»، وتوقيعه على قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس الشريف في تحد صارخ للمجتمع الدولي، وبهذا القرار تعترف الولايات المتحدة بأن إدارتها تقدم مصلحة دويلة «إسرائيل» على باقي دول المنطقة، ما يزيد القلق والتوتر والأحداث الإرهابية في منطقة الشرق الأوسط، وربما أيضاً في الولايات المتحدة ذاتها.
وعلى الصعيد الخليجي توقع القطريون بأن اجتماع مجلس التعاون سوف يكون بمثابة إنهاء للخلافات بين الدوحة وبين الدول الأربعة المكافحة للإرهاب، وأن هذه الدول ربما تتخلى عن شروطها ومطالبها لعودة قطر إلى الحضن الخليجي، وتعود المياه لمجاريها وتمتنع قطر عن التدخل في شؤون الدول الأربع ودعم التنظيمات الإرهابية من جديد. وفي الحقيقة إن أزمة قطر انتهت مداولتها سياسياً بين قادة الدول الأربع عندما وصفوا الأزمة معها بأنها صغيرة جداً، وأن المنطقة لها تحديات أخرى أكبر من هذه الأزمة معها.
أما إيران وبسبب توجه الخامنئي في تصدير الثورة ونشر الإرهاب في الشرق الأوسط والتدخل في شؤون دول المنطقة، فإن أصابعها تخرب كل بقعة تدخلت فيها، فجعلت من اليمن من خلال جماعة الحوثي معسكراً تحارب فيه جيرانها العرب بمشاركة الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، وحولت اليمن إلى منطقة إرهابية يسودها الفساد والمجاعة والتفجيرات والقتل وعمليات تهجير المواطنين الذين رفضوا الخضوع للمطالب الحوثية، ولولا التحالف العربي لتحول اليمن إلى معقل للإرهاب يهدد الدول العربية كما فعلت إيران في سوريا والعراق، وبفضل إيران فإن الشعبين العراقي والسوري يعيشان أسوأ أيامهما، وكذلك الأمر في لبنان، حيث يتواجد حزب الله. وللأسف فإن الشعب اللبناني هو الخاسر الوحيد نتيجة التدخل الإيراني في الشؤون اللبنانية الداخلية.
الشعب الإيراني الحر يرفع في كل الشوارع والمدن الإيرانية شعارات مناهضة للخامنئي وتطالب برحيل روحاني بسبب الفساد ونهب أموال الشعب وإهدارها في الحروب غير الشرعية في اليمن والعراق وسوريا ودعم المنظمات الإرهابية.
أما روسيا ومن بوابة سوريا فقد كرست وجودها ونفوذها في المنطقة رغم قرار الرئيس فلاديمير بوتين في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2017 ترحيل الجزء الكبير من قواته، فيما عزز وجود القوات العسكرية في قاعدتي حميميم وطرطوس.
«داعش» المنظمة الإرهابية تم الانتصار عليها في عام 2017، وبفضل الجيش العراقي تم دحرها في العراق بالكامل، وفي سوريا تم استئصالها من معظم الأراضي السورية، بعدما مارست كل ما يخطر على بال من قتل وذبح واعتداء وتدمير للبشر والحجر، وجعلت من آلاف الشباب وقوداً للإرهاب في دولهم، وتحولوا الآن إلى خطر داهم يهدد كل المجتمعات العربية والغربية.
ولا يزال الصراع الأبدي بين خفافيش الإرهاب وقوى السلام مستمراً، والجهود العربية لمواجهة الإرهاب ومنع التدخلات الإقليمية في شؤون الدول العربية مستمرة، وفي قلب كل هذه الأحداث لا يزال الأمل باقياً في أن ترفرف حمائم السلام في المجتمعات المنكوبة، ويعود السلام والاستقرار للشرق الأوسط.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"