الإمارات ومحاربة التطرف الفكري

00:22 صباحا
قراءة 3 دقائق

سلطان حميد الجسمي

التطرف الفكري يقوّض المجتمعات، ويجعلها هشة وغير مستقرة؛ لما تخلفه من نشر للكراهية والعنصرية، وتمزيق اللحمة الوطنية. والتطرف يجعل الإنسان قنبلة موقوتة يلجأ إليها ضعاف النفوس والمنظمات والجماعات الإرهابية؛ لخلق الفوضى في المجتمعات، بهدف رئيسي وهو السيطرة على الدول واستنزاف خيراتها وتجنيد أبنائها لصالح مشاريعها المظلمة وأهدافها الدنيئة. والمتطرف هو إنسان نستطيع وصفه بأداة، سواء كانت أداة للقتل أو زرع الفتن والشائعات في المجتمع أو التحريض أو التدمير أو التخريب، أو غيرها من مسببات تفكيك المجتمعات المسالمة، فلا يميز المتطرف الفكري بين الصغير أو الكبير أو النساء أو المدنيين الأبرياء، فالهدف من القتل هو الاستجابة لأوامر الجماعات الإرهابية، وتحقيق الأهداف الشنيعة والإجرامية.

التطرف الفكري داء عضال وآفة خطِرة أوجدتها قوى الشر الخارجية والمنظمات السرية الإرهابية. دعونا نتحدث أكثر بشفافية، لماذا أوجدت قوى الشر التطرف الفكري في المجتمعات؟ التطرف الفكري ليس بجديد على العالم، ولا ينحصر في دين أو عرق معين، فأوروبا عاشت الدمار في القرون الماضية بسبب التطرف الفكري، وبعد سنوات طويلة من محاربة التطرف الفكري تمكّنت من التغلب على التطرف الفكري نسبياً وليس جذرياً، واستطاعت النمو والتطور والتقدم، وتشهد دولها الأمان بشكل نسبي.

وما تشهده منطقتنا اليوم جراء هذه الآفة الخطِرة كان سببه هو إنعاش التطرف الفكري مرة أخرى من قبل قوى الشر الخارجية، بعد فشلها في السيطرة على البلدان بالحروب والوسائل التقليدية القديمة بسبب القوانين الدولية التي تجرم احتلال الدول. فإنعاشه وإعادة تأهيله مرة أخرى هما البوابة الخلفية لتنفيذ تلك الأهداف، وأيضاً إيجاد وسائل لغسل الأدمغة في المجتمع، والحقيقة أن كثيريين ممن التحقوا بهذه العصابات يعرفون تماماً أنهم في ضلالة، ولكن أغرتهم الأموال والمناصب والمظاهر، وغلبوا مصالحهم الشخصية الرخيصة على مصالح أوطانهم، وباختصارٍ هم خونة الأوطان.

إن حماية المجتمعات من التطرف الفكري تحتاج إلى تكاتف الجهود، ووقوف الجميع وقفة رجل واحد للتصدي له، سواء كانت الحكومة أو الهيئات أو أفراد المجتمع، فلا يمكن القضاء على هذا الداء إلا بتكاتف الأيادي معاً، وإن دولة الإمارات مثال حي لمجتمع متماسك يقف كل من فيه وقفة رجل واحد قيادة وشعباً، ولذلك نجح بالفعل في القضاء على منابع التطرف الفكري. فالحكومة الرشيدة لدولة الإمارات أصدرت في عام 2015 قانون «مكافحة التمييز والكراهية»، وهو القانون الرادع للتطرف الفكري، والذي يقضي بتجريم كافة الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان ومقدساتها، ومكافحة جميع أشكال التمييز، ونبذ خطاب الكراهية عبر جميع الطرق والوسائل، بما فيها مواقع التواصل الاجتماعي.

والقانون يعتبر درعاً واقية للمجتمع من المتطرفين، وردعاً لكل من تسول له نفسه ارتكاب هذه الجرائم. وأما دور الهيئات والأنظمة الأمنية والشرطية في دولة الإمارات فبارزٌ ومشهود، وهي اليوم خط الدفاع الأول في القضاء على الخلايا الإرهابية وردع مخططاتها الإرهابية، وتسليم الخونة إلى القضاء الإماراتي والذي بدوره يقضي بإحكام القانون عليهم بكل شفافية وعدالة، وأمام مرأى من العالم، ووفق الإجراءات المعمول بها والتي تضمن حقوق الجميع.

كما يأتي دور أفراد الشعب، وهو دور يدعو للفخر، فالمجتمع الإماراتي مجتمع متلاحم محبّ لوطنه وقيادته، ويؤمن تماماً بأن النمو والتطور والسعادة والسلام والاستقرار الذي يعيشه المجتمع الإماراتي هو بفضل الأمن والأمان الذي تحظى به، فلا تهاون فيه، ومن ثمرات هذا التلاحم الكبير بين جميع أفراد المجتمع وما تحظى به من الاستقرار والأمان هو هذا الرخاء والازدهار الذي تعيشه دولة الإمارات.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/ym6748y5

عن الكاتب

إعلامي وكاتب في المجال السياسي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"