دارفور بين اليوناميد واليوفور

البعد الثالث
01:29 صباحا
قراءة دقيقتين

في الوقت الذي أعلن فيه قائد حركة العدل والمساواة المتمردة في دارفور الدكتور خليل إبراهيم، استعداده للدخول في مفاوضات منفردة مع الحكومة على اعتبار أنه يمثل التنقل في ميزان التمرد، تم الكشف عن إدماج خمسة فصائل دارفورية منشقة عن حركة تحرير السودان وواحد عن حركة العدل والمساواة. وقد اعتبر بعض زعماء تلك الفصائل أن إعلان قائد حركة العدل والمساواة هو نوع من التهميش والإقصاء للآخرين. واللافت في إعلان قائد حركة العدل والمساواة اشتراطه التخلي عن وسيطي الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي يان الياسون وسالم أحمد سالم وتعيين أمين عام الأمم المتحدة السابق كوفي أنان وسيطاً مشتركاً، وهو شرط لا يخص الحكومة السودانية، لكن بالتأكيد أن ذلك الإعلان اقترن باتفاق داكار الأخير بين الرئيس السوداني عمر البشير والرئيس التشادي إدريس ديبي،وما يؤكد أن حركة العدل والمساواة تجد رعاية من تشاد إن لم تكن حليفة لها وآوية، ونتيجة اتفاق داكار الذي ينص على عدم دعم أو إيواء الحركات المعارضة في البلدين، يتبقى الخيار الوحيد أمام حركة العدل والمساواة هو الإذعان للتفاوض مع الحكومة السودانية، وقد رحبت الأخيرة به.. وإذا ما تم ذلك فإن أزمة دارفور تكون قد انتقلت إلى مربع التفاؤل برغم تخلف حركة تحرير السودان (جناح عبدالواحد نور) الذي يبدو أن فتحه مكتباً لحركته في إسرائيل قد سحب أبسطة كثيرة من تحت أقدامه.

الواضح أن أزمة دارفور تلعب فيها أطراف كثيرة من خارج الميدان، بعضها له مصالح خفية وبعضها له أجندة تحت المنضدة، وحسب الرئيس السوداني المشير عمر البشير فإن بترول ويورانيوم دارفور هو أساس الحريق هناك وإن الذين يشعلون النيران من خارج الديار هم الذين ضخموا المشكلة إعلامياً. وحقيقة إن آلة الإعلام في الغرب هي التي أشهرت دارفور بصورة سالبة تارة بتصوير الصراع فيها على أساس إثني ولوني، وتارة بالتركيز على إبادة عرقية تقوم بها الحكومة، وتارة بالترويج للاغتصاب الجماعي.

ونتيجة رفض السودان لنشر قوات دولية في دارفور، تم التوصل لحل وسط بنشر قوات أممية مشتركة من دول إفريقية وغير أوروبية أو أمريكية مما عرف بالقوات الهجين، وحتى هذه القوات لم تكتمل عدة وعتاداً، ولأن الغرب يريد إدخال قوات غربية، فقد تم الالتفاف لتحقيق ذلك بإقناع دولة تشاد المجاورة للسودان من جهة دارفور بنشر قوات من الاتحاد الأوروبي على حدودها مع السودان وأيضاً نشر قوات على حدود إفريقيا الوسطى المجاورة للسودان لجهة دارفور، وهي القوات المعروفة (باليوفور).

وحتى بالنسبة للقوات الهجين (اليوناميد) التي لم يكتمل نشرها في دارفور بعد، فإن ثمة عقبات تواجهها لعلّ أهمها ما أشار إليه مبعوث أمريكا السابق للسودان ناتا سيوس الذي صرح بأن هناك بلداناً تتعمد التباطؤ في نشر قوة حفظ السلام، ومن بين العقبات أيضاً أن مهمة القوات المشتركة (الهجين) تقتصر على حماية المدنيين لكن سقفها الزمني غير محدد الأمر الذي أدى إلى تخوف في الشارع السوداني من بقائها إلى أجل غير مسمى.

إن حل أزمة دارفور هو الذي يحدد موعد انصراف تلك القوات.. وهو ما تراه الحكومة قريباً ويراه المنتفعون من الأزمة بعيداً، وبين الرؤيتين تتكاثر التكهنات أو الاجتهادات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"