سوريا وطريق الحل

04:48 صباحا
قراءة دقيقتين
تزامناً مع زيارة وفد الائتلاف السوري لواشنطن "بشّرت" الولايات المتحدة كل المعنيين بالشأن السوري إيجاباً أو سلباً، أن المكاتب التمثيلية للائتلاف في الولايات المتحدة ستحظى بوضع بعثة أجنبية، وأنها ستزيد من دعمها العسكري ل "المعارضة" من دون أن توضّح أو تحدّد من هي هذه المعارضة، وهل تشمل جماعات اعتادت واشنطن أن تصنّفها ك "إرهابية" .
يستطيع أي مراقب سياسي أو إعلامي، أو مواطن عربي، أن يعرف بالضبط قيمة القرار الأمريكي بتسمية مكتب تمثيلي ما في واشنطن "بعثة أجنبية" باعتماد القياس والنموذج، فواشنطن سبق لها أن اتخذت قراراً، قبل عشرين عاماً، ب "ترقية" مكتب منظمة التحرير الفلسطينية إلى "بعثة أجنبية"، وبالإمكان قراءة ما حصل للقضية الفلسطينية خلال هذه الفترة، أو يسأل مسؤولين فلسطينيين عن حصاد تلك "الترقية" .
وإذا كان من الطبيعي والمنطقي ألا يغلق حزب سياسي أو حركة تحرر وطني باب العلاقات مع الولايات المتحدة، إلا أن من غير الطبيعي التصديق أن هذه الدولة يمكن أن تكون داعمة للحرية والديمقراطية في أي بلد، بقدر ما تبحث عن مصالحها وحماية أعز حلفائها .
قد ترفع الولايات المتحدة شحناتها من الأسلحة "القاتلة" إلى المقاتلين المتقاتلين هناك، بدلاً من الأسلحة "الباذنجانية" غير القاتلة التي تتحدّث عنها، ولا نفهم ماذا تعني ب "غير قاتلة" . لكن أقل الخبراء خبرة يؤكدون، كما الوقائع، أن هذا السلاح لن يغيّر موازين القوى، إلا إذا اعتبر ارتفاع منسوب بحيرة الدم تغييراً . وليس سوى نوع من النكتة أن تتحدث الإدارة الأمريكية عن "ضمانات" بعدم وصول السلاح إلى "متطرفين"، فهل احتكار هؤلاء "المتطرفين" القادمين من شتى أصقاع الأرض للسلاح والقتال في سوريا كان "تحت السيطرة"، أم أن منطق الأشياء يفرض نفسه، كما حدث في أفغانستان؟
الولايات المتحدة زارها مسؤولون فلسطينيون، مئات المرات، بعد أن حولتهم عملية "السلام" إلى "مسؤولين رسميين"، وكفّوا عن كونهم قادة وثواراً في حركة تحرر وطني، بل إن السلطة أعلنت بنفسها، قبل بضعة أيام، أنها التقت وزير الخارجية الأمريكي جون كيري، خلال أقل من سنة، أربعين مرة، وكانت النتيجة طحن ماء وحصد هواء . أليست هذه دروساً مجانية لمن يريد أن يفهم حقيقة مواقف أمريكا ودورها؟ ثلاث سنوات من الصراع الدامي في الشام كفيلة بحصد الاستنتاجات المنطقية الصارخة في وجه جميع أطراف الصراع أنْ لا حل عسكرياً لهذه المأساة المدمّرة، وأنْ لا حل سياسياً مركّباً على شروط تعجيزية مسبّقة، لأن موازين القوى هي التي تحدّد المسار وليست الأمنيات وأعمدة الصحف وألاعيب الصورة والصوت في بعض الفضائيات . لذلك، كان الحوار وما زال، هو الحل، واليوم يتّضح هذا الاستنتاج أكثر، إلا لمن يتكسّبون من الصراع ويعتبرونه نوعاً مجزياً من "البزنس" .

أمجد عرار
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"