صفقة مشبوهة

04:41 صباحا
قراءة دقيقتين

أكسب التراجع الذي قام به الرئيس الأمريكي باراك أوباما الأسبوع الماضي من خلال وقف تنفيذ مشروع الدرع الصاروخية في شرق أوروبا، بعض الطمأنينة إلى روسيا ميدفيديف - بوتين، وجاء ليشكل هدية لها، ولكن هذا لم يكن كل شيء، ولا يعقل أن يكون مجانياً، كما أنه لا يمكن أن يكون مجرد تصويب لخطأ ارتكبه الرئيس السابق جورج بوش، ولا أن يكون مستنداً إلى تقييم معدل من جهاز المخابرات بشأن القدرات الصاروخية الإيرانية كما زعم أوباما.

ولم يكن من المنطقي أن يعلن المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت جيبس أن إدارته أكدت على أن قرارها لا يقوم على أي تنازلات متوقعة من روسيا، مضيفاً أن الأمر لا يتعلق بروسيا، فالمشروع يستهدف روسيا بالدرجة الأولى، وقد أعلنت الأخيرة انزعاجها بشدة من احتمال نشر الدرع الصاروخية في تشيكيا وبولندا، ولم يكن من المنطقي أيضاً أن تصر الولايات المتحدة على أن الهدف من نشر الدرع هو الحماية من أي هجوم صاروخي محتمل من إيران.

وبالنظر إلى قصة الدرع نجد أن هناك أربعة عناصر لها: الولايات المتحدة صاحبة المشروع والقائمة عليه، وروسيا باعتبارها الدولة المستهدفة من المشروع، وإيران باعتبارها غطاءً له ولأغراض سياسية وعسكرية أخرى، وشرق أوروبا (تشيكيا وبولندا) المتضرر من وقف تنفيذ المشروع.

ومع الإعلان عن وقف المشروع من قبل صاحبته (الولايات المتحدة)، وترحيب المتضرر (روسيا)، واعتراض المتضررين من وقفه (تشيكيا وبولندا)، والتي عمدت واشنطن إلى امتصاص غضبهما بنشر صواريخ باتريوت، لم يبق في هذه اللعبة إلا إيران، وهنا يمكن فك شفرة موقفها منها من خلال تصريحات عدد من المسؤولين الروس الذين صرح أحدهم لصحيفة كومرسانت أن واشنطن تريد مقابلاً لهذه الهدية بقوله إن الأمريكيين يشددون على مسألتين أساسيتين. يطلبون منا وقف تسليم إيران صواريخ إس-300 يمكن أن يتم نشرها في محيط منشآت نووية إيرانية ودعم قرار في مجلس الأمن الدولي ينص على فرض عقوبات ضد طهران.

إذاً، وقف الدرع الصاروخية من المؤكد أنه جاء نتيجة صفقة مشبوهة أحد عناصرها إيران إلى جانب وقف متبادل لنشر منظومات الصواريخ، لذلك فإنه من غير المستبعد أن تشمل تلك الصفقة تنازلات وتنسيق متبادل في ما يتعلق بملفات أخرى في المنطقة العربية قد تكشف عنها الأيام المقبلة، كما حدث في السابق مع العراق وغيره.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"