عن أي مصالح ستحارب أمريكا؟

03:22 صباحا
قراءة 3 دقائق
باتريك بوكانان*

في 7 ديسمبر/كانون الأول، قال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون: «لن نقبل أبداً احتلال روسيا وضمها للقرم. والعقوبات (الأمريكية) المرتبطة بالقرم سوف تستمر إلى أن تعيد روسيا شبه الجزيرة إلى أوكرانيا».
جاء رفض تيلرسون القاطع للسيطرة على الأراضي بالقوة العسكرية - «لن نقبل أبداً» - بعد يوم واحد فقط من اعتراف الرئيس ترامب بالقدس عاصمة لـ «إسرائيل»، وإعلانه عن نقل السفارة الأمريكية إلى المدينة.
وكيف حصلت «إسرائيل» على القدس الشرقية، والضفة الغربية، ومرتفعات الجولان؟ بواسطة الغزو، والاحتلال، والاستعمار، والضم. فهل عوقبت «إسرائيل» بشدة مثل روسيا؟ لا، أبداً؛ بل إن الولايات المتحدة تقدم نحو 4 مليارات دولار سنوياً إلى «إسرائيل»، التي تبني مستوطنات إثر مستوطنات في الأراضي المحتلة.
وبالنسبة لشبه جزيرة القرم، فإن استعادة روسيا لها هي إنجاز رئاسة فلاديمير بوتين. وطوال قرنين من الزمن، كانت القرم حيوية لأمن روسيا وقاعدة لأسطولها في البحر الأسود. وروسيا لن تتخلى أبداً عن القرم، ونحن سوف نتقبل ذلك في النهاية.
وهذه القضية، وغيرها عبر العالم، تؤكد واقع أننا نواجه خصوماًَ، وحتى حلفاء، أكثر استعداداً منا للمخاطرة دفاعاً عن مصالحهم.
وفي أوائل ديسمبر/كانون الأول، وبعد أيام فقط من إطلاق كوريا الشمالية لصاروخ اختباري عابر للقارات، أعلن مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض هربرت ماكماستر، أن الرئيس ترامب «ملتزم بإخلاء شبه الجزيرة الكورية كلياً من الأسلحة النووية»
إذا كان هذا صحيحاً، فنحن ملتزمون بهدف من شبه المؤكد أننا لن نحققه؛ إذ إن كيم جونغ - أون لن يرضخ أبداً لمطالبنا - إلا في حال خضنا حرباً ضد بلده. فبالنسبة لكيم، الأسلحة النووية ضرورة وليست خياراً. فهو يعرف ما كان مصير صدام حسين ومعمر القذافي عندما رضخا وتخليا عن برامجهما لأسلحة الدمار الشامل، وكيم يدرك أنه إذا تخلى عن أسلحته النووية، فلن يكون لديه أي شيء يستطيع أن يردع به الأمريكيين عن استخدام قوتهم المسلحة ضد قواته، ونظامه، وضده شخصياً.
فلنتوقع أن تجد الولايات المتحدة طريقة للتفاهم معه. ولننظر أيضاً في إعلان الصين ملكيتها لبحر الصين الجنوبي، ومشروعاتها لبناء الأرصفة والجزر الاصطناعية؛ لكي تكون قواعد بحرية وجوية وصاروخية. والأصوات المتشددة في أمريكا ترفض ذلك وتقول إنه يجب استخدام القوة الجوية والبحرية الأمريكية إذا اقتضت الضرورة حتى تتراجع الصين عن إعلان ملكية وعسكرة بحر الصين الجنوبي.
ولكن لماذا لن يحدث ذلك؟؛ لأن تلك المنطقة حيوية للصين، ولكن ليس لنا. وبينما تعلن الصين أنها المالك الشرعي لبحر الصين الجنوبي وجزره، فنحن لا نطالب بأي شيء في تلك المنطقة.
وهناك دول أخرى تطالب بأجزاء وجزر في بحر الصين الجنوبي - فيتنام، ماليزيا، سنغافورة، بروناي، الفلبين وتايوان. إلا أن أياً منها لا يمكنه تحدي الصين. فلماذا يجب علينا أن نخاطر بحرب مع الصين لدعم مطالب هذه الدول؟. مصالح الصين في ذلك البحر حيوية لها كما هو البحر الكاريبي بالنسبة لنا.
ونظراً إلى التنامي المطرد لقوة الصين العسكرية، والضعف النسبي للدول الأخرى التي ترفع مطالب في بحر الصين الجنوبي، فإن الصين ستصبح على الأرجح القوة السائدة في بحر الصين الجنوبي، كما أصبحنا نحن القوة المسيطرة في النصف الغربي للكرة الأرضية.
إن ما نشهده في القرم وبحر الصين الجنوبي وشبه الجزيرة الكورية هو أن هناك دولاً أكثر استعداداً منا لتحمل مخاطر وتقديم تضحيات؛ لأن مصالحها أكبر بكثير من مصالحنا في مناطقهم.
وما تحتاج إليه أمريكا هو إجماع وطني جديد حول ما هو حيوي وما ليس حيوياً لنا، وحول ما الذي يستحق أو لا يستحق أن نقاتل من أجله؛ ذلك أن الجيل الحالي من الأمريكيين لن يخاطر بحرب دعماً لفكرة النخبة السائدة في واشنطن عن «نظام عالمي جديد». وبعد الحرب الباردة، دخلنا عالماً جديداً - ونحن بحاجة إلى أن نحدد خطوطاً حمر جديدة؛ لتحل محل القديمة.

*سياسي وكاتب ومعلق أمريكي. موقع «ذا أمريكان كونسرفاتيف»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"