قصة سبع إمارات

01:47 صباحا
قراءة دقيقتين

أتسمحون لي إخوتي وأخواتي أن أقص عليكم حكاية؟ حكاية المدن السبع .

منذ أربعين عاماً، كان هناك سبع إمارات تعيش كتفاً إلى كتف، متلاحمة متحابة . وفي أحد الأيام، فكّر حاكم إحدى تلك الإمارات أن يحقق حلماً راوده منذ زمن، وهو توحيد الإمارات السبع تحت راية الحب والوفاق، لتزيد من ترابطها وتعزز من تكاتفها .

كان الحاكم بعيد الرؤية، يرى ما لا يراه الآخرون بفضل حكمته وتبصره . وعمل الحاكم الحكيم بكل جد وصبر، علّه يأتي يوم على قومه يفهمون ويدركون ما كان يصبو إليه .

وجاء هذا اليوم، وأدركنا معنى ذلك الحلم تماماً، ولمسناه بأيدينا واقعاً متجسداً أمام أعيننا .

هذه حكايتي باختصار، لم أقرأها في كتب الأساطير، ولم أبتكرها من مخيلتي . . إنها قصة بابا زايد، رحمه الله .

الحاكم الحكيم والرجل الرشيد، هو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، اسمه يجسّد معنى القيادة، وذكره يوحي بكرم وعطاء بلا نهاية .

كان يسعد بنا عندما نناديه بابا زايد، فهو والدنا وقائدنا الأول، وهو الرجل الذي أفهمنا ما معنى عبارة المؤسس الأول .

اليوم نحتفل بالعيد الوطني الأربعين، عيد لما كان ليزيّن حياتنا بالفرح والحب والبهجة لولا الشيخ زايد، رحمه الله، وطيّب ثراه . والإمارات العربية المتحدة تحتفل اليوم من دون أدنى شك بالاتحاد جبهة موحّدة لا تعكس القوّة في العدد والعتاد فحسب، بل في الانسجام أيضاً .

فرحتنا اليوم لا توصف، لكنها فرحة ممزوجة بالدموع، فروح الشيخ زايد مازالت ترفرف فوق الاتحاد، ومازلنا نشعر بوجوده بيننا، إنه الفخر المصهور بلوعة الفراق .

نفرح ونفتخر لأننا أمة قوية بإنجازات بدأت مع اسم الدولة برؤية صائبة، إنجازات سبقت فيها بأشواط دولاً في العالم قامت قبلها . ونحزن، والحزن يعصر الفؤاد ونار فراق القائد والوالد تحرقنا، بابا زايد الذي نبكيه كل يوم، بل كل لحظة .

لكن عزاءنا في الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، حفظه الله، وفي كل قادتنا، الذين حملوا ويحملون الشعلة منيرين دربنا، درب المستقبل .

أتضرع إلى الله أن يحفظ لنا خير خلف لخير سلف، وأن يجعل روح الشيخ زايد مع الشهداء والصديقين في جنات النعيم .

الشيخ زايد زرع البذور، وكفّل إنماءها أيادي أمينة لترعاها بكل حكمة وحب، ويمشي الرعاة على خطى الوالد، وقد ورثوا منه الحكمة والدراية والحنكة، للنهوض بالأمة وبناء صروحها على قواعد من التميز .

ولعلنا في هذا اليوم نتذكر أقوال والد ينطق بالحكمة مع كل كلمة فيقول:

إن الإنسان هو أساس أية عملية حضارية، اهتمامنا بالإنسان ضروري لأنه محور كل تقدم حقيقي مستمر، مهما أقمنا من مبان ومنشآت ومدارس ومستشفيات، ومهما مددنا من جسور وأقمنا من زينات، فإن ذلك كله يظل كياناً مادياً لا روح فيه، وغير قادر على الاستمرار . إن روح كل ذلك الإنسان، الإنسان القادر بفكره، القادر بفنه وإمكاناته على صيانة كل هذه المنشآت والتقدم بها والنمو معها .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​رئيس تحرير صحيفة Gulf Today الإماراتية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"