معجزة حكومة الاتحاد الإفريقي

البعد الثالث
02:06 صباحا
قراءة 3 دقائق

بدا الزعيم الليبي العقيد معمر القذافي متفائلاً في مدينة (سرت) الليبية في 9/9/1999 يوم إعلان مولد الاتحاد الإفريقي على أنقاض منظمة الوحدة الإفريقية، رغم انه كان يبشر بقيام الولايات المتحدة الإفريقية فقد اكتفي يومها بمولد مؤسسة قارية قابلة للتطوير والتجديد، لكن إيماءة بدرت من العقيد خلال شرحه لزملائه القادة الأفارقة لتصوره، فقد حذرهم من طرف خفي بأنه ظل لثلاثين عاماً ينادي بالوحدة العربية ويعمل على تحقيقها حتى يئس منها، واختار أن يجرب الوحدة الإفريقية على أساس نهج جديد، وفي حالة أن إفريقيا خذلته فإنه سيضطر إلى أن يعطيها ظهره وييمم شطر البحر الأبيض المتوسط. الحقيقة أن العقيد القذافي لم يذهب بعيداً، فلما طرح فكرة قيام حكومة الاتحاد كأسبقية في إحدى القمم الإفريقية، تحديداً في (بانجول) عاصمة جامبيا، أحالوها إلى لجنة مصغرة ترفع تقريرها لاحقاً، ورغم غضبه الذي عبّر عنه بأن إحالة أي موضوع إلى لجنة يعني قتله، فقد صبر القذافي حتى جاءت اللجنة بمقترحات كان أهمها أن تتم ضربة البداية لحكومة الاتحاد بإنشاء ست وزارات ليس حول مهامها ومسؤولياتها خلاف مثل البنية الأساسية والطرق والمواصلات والصحة والبيئة والتعليم.. ومع ذلك انتهى المطاف بالكرة في ملعب لجنة ال12 على مستوى الرؤساء تم فيها تمثيل الأقاليم الجغرافية الخمسة للقارة (الشمال، الشرق، الوسط، الغرب والجنوب). وقد اجتمعت هذه اللجنة في أروشا (تنزانيا) 22-23 مايو/ أيار 2008 بحضور خمسة رؤساء فقط، واقتصر تمثيل السبع دول الأخرى على وزراء الخارجية فما دون. وقد توافرت اللجنة خلال اجتماعها على تقريرين الأول من المجلس التنفيذي للاتحاد (وزراء الخارجية) حول تقرير لجنة العشر الوزارية عن حكومة الاتحاد والثاني من الفريق عالي المستوى حول مراجعة الاتحاد الإفريقي. وكان واضحاً أن اللجنة الرئاسية تشعبت بها السبل حول قيام حكومة الاتحاد، إذ تقهقر التقدم الذي أحرز في السابق بالعودة إلى المربع الأول، فهل تقوم تلك الحكومة الآن، أم تنتظر توفر عناصر وظروف موضوعية؟

ولم تثمر مكابدة رئيس اللجنة، رئيس جمهورية تنزانيا، جكايا كيكويتي للوصول إلى حل وسط بين تيارين، عن صيّغة محدّدة أو مقنعة لكن ما يثير الدهشة أن تقرير الفريق عالي المستوى عن مراجعة الاتحاد الإفريقي اشتمل على مقترحات فنية رفضها المجلس التنفيذي، على رأسها اقتصار انعقاد القمة الإفريقية على دورة واحدة في العام بدل الدورتين، وهو تقليد أتى به الاتحاد الإفريقي ولم يكن قائماً إبان منظمة الوحدة الإفريقية وكان يمكن استساغة الرفض لو أن القمة الإفريقية لا تزيد على ثلاث ساعات في يوم واحد مثلما يفعل الاتحاد الأوروبي في قممه.

توقفت عند إصرار الفريق عالي المستوي للإسراع بالتكامل في القارة وبعملية التحول، وضمان حرية حركة الأفارقة عبر الحدود مع بداية العام 2010 على غرار تجربة منظمة دول غرب إفريقيا الاقتصادية (ايكواس)، وعلى تطوير شركات الاستثمار الإفريقية متعددة الجنسيات لتمويل مشاريع التكامل بما فيها البنيات الأساسية، كما توقفت عند مناداة الفريق عالي المستوى بأن تعمل إفريقيا على تحقيق المعجزة الاقتصادية والاجتماعية على خطى النمور الآسيوية.. وما حيرني أن ذلكم الفريق أغفل تماماً حاجة الاتحاد الإفريقي إلى تسويق نفسه عبر الآلة الإعلامية في عصر سيادة الكلمة والتكنولوجيا الاتصالية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"