هشاشة مؤسسة الرئاسة في إيران

03:37 صباحا
قراءة 4 دقائق

منذ إعلان قيام الجمهورية الإسلامية في إيران تعاقب على منصب رئيس الجمهورية الإسلامية كل من: أبو الحسن بني صدر، ومحمد علي رجائي، وسيد علي خامنئي، وعلي أكبر هاشمي رفسنجاني، ومحمد خاتمي، ومحمود أحمدي نجاد . ومن المعلوم أنه بحسب دستور الجمهورية الإسلامية تعرف رئاسة الجمهورية بأنها أعلى سلطة في البلاد بعد القيادة، وهي المسؤولة عن تطبيق الدستور، وتمثل أعلى سلطة في الهيئة التنفيذية إلا في ما هو من اختصاص منصب القيادة . وينتخب الرئيس من قبل الشعب لأربع سنوات، ويحق له تولي الرئاسة بشكل متتال مرتين فقط . ومن المؤهلات المطلوب توافرها في شخص الرئيس هي: الأصل الإيراني، والجنسية الإيرانية، والقدرة الإدارية، وأن يكون سجله نظيفاً، وأن يكون متديناً وموثوقاً به، والإيمان بالمبادئ الأساسية لجمهورية إيران الإسلامية ومذهبها الرسمي الإسلام الشيعي .

ويشرف على الانتخابات الرئاسية مجلس الأوصياء حسب الدستور . وتجرى الانتخابات في إيران قبل شهر من موعد انتهاء مدة الرئيس الحالي، ويتحمل الرئيس الذي أوشكت ولايته على الانتهاء التزامات الرئاسة حتى انتهاء الانتخابات واستلام الرئيس الجديد للرئاسة . ويفوز بالانتخابات المرشح الحاصل على الأغلبية المطلقة التي يحددها قانون الانتخابات، وفي حال فشل أي مرشح من الحصول على الأغلبية المطلقة، تنطلق جولة ثانية من الانتخابات في أول جمعة من الأسبوع التالي، ويتنافس فيها مرشحان فقط هما الحاصلان على أعلى معدل أصوات في الجولة الأولى . وبعد إعلان النتائج والفائز بمنصب الرئاسة يتم عقد جلسة في مجلس الشورى (البرلمان) تحضرها الهيئة القضائية وأعضاء مجلس الأوصياء، ليتلو فيها الرئيس المنتخب القسم الدستوري الذي يركز فيه على حفظ مبادئ الثورة والعمل بالشريعة الإسلامية، وتطبيق الدستور وحفظ حقوق المواطنين .

ويتمتع الرئيس بصلاحيات مقيدة منها: اختيار وزراء حكومته وتقديمهم إلى مجلس الشورى لإجراء تصويت الثقة على تعيينهم . غير أن الرئيس ليس في حاجة إلى الحصول على ثقة مجلس الشورى ليشكل الحكومة، كما له حق إقالة الوزراء من دون الرجوع إلى المجلس؛ المصادقة على القوانين وتطبيقاتها بعد المصادقة عليها من مجلس الشورى؛ المصادقة على الاتفاقيات والمعاهدات والعقود الخارجية، بعد مصادقة مجلس الشورى؛ اعتماد أوراق السفراء الأجانب لدى إيران، والمصادقة على تعيين السفراء الإيرانيين؛ إدارة ميزانية الدولة، وتنفيذ خطط التنمية بعد مصادقة مجلس الشورى . ورئاسة اجتماعات مجلس الأمن القومي . ويتولى الرئيس أو نائبه رئاسة اجتماعات مجلس الوزراء .

ويجب على رئيس الجمهورية أن يجيب عن أسئلة مجلس الشورى إذا طلب المساءلة ربع عدد أعضاء المجلس، وللتصويت على سحب الثقة من الرئيس يجب أن يوقع على طلب السحب ثلث أعضاء مجلس الشورى لتعقد جلسة خاصة بالتصويت على سحب الثقة، في حين لا تسحب الثقة من الرئيس إلا بموافقة ثلثي عدد أعضاء مجلس الشورى . ويستقيل الرئيس بتقديم الاستقالة إلى المرشد، وفي حال عدم قبولها يستمر الرئيس في منصبه .

وتتزامن الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقبلة مع ضغوط دولية متزايدة على إيران بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، من جهة وتحديات إقليمية من جهة ثانية وضغوط أو استحقاقات داخلية من جهة ثالثة .

وقد سجل نحو 600 شخص أنفسهم للترشح لخوض جولة الانتخابات الرئاسية منهم: علي فلاحيان وزير الاستخبارات الأسبق ومحمد غرضي وزير المواصلات والإصلاحي حسن روحاني، كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين في الفترة بين عامي 2003 و2005 . وواعظ صادق زادة المساعد السابق للرئيس الإيراني عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام، ووزير الصحة الإيراني الأسبق كامران باقري لنكراني، ورئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في مجمع تشخيص مصلحة النظام حسن روحاني . والرئيس الإيراني الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني الذي لم يكن الوحيد الذي حسم قرار ترشحه في اللحظة الأخيرة، فخليفة أحمدي نجاد، اسفنديار رحيم مشائي، لم يقم بإدراج اسمه إلا قبل انتهاء المهلة بقليل، وكذلك فعل كبير المفاوضين النوويين الإيرانيين سعيد جليلي .

وتجدر الإشارة إلى أنه وخلال العقود الماضية فشل الذين تعاقبوا على منصب الرئيس في تشكيل مؤسسة قوية للرئاسة -المكونة من الرئيس ومجلس الوزراء والجيش- تنافس المؤسسات المكونة للنظام السياسي الإيراني التي يشرف عليها المرشد ومجلس القيادة . ومن أبرز تلك المؤسسات التي يتداخل فيها السياسي بالديني: مجلس الشورى (البرلمان) ومجلس الخبراء والمجلس الأعلى للأمن القومي ومجمع تشخيص مصلحة النظام .

ورغم أن أحمدي نجاد استهلّ عهده الرئاسي سنة 2005 بإجراء تعديلات هيكلية على بنية الإدارة الحكومية، وأبعد عدداً كبيراً من المديرين والكفاءات المحسوبة على خصومه في التيّار الإصلاحي، أو المقرّبة من هاشمي رفسنجاني .

وحاول في ولايته الثانية أن يتعامل بالأسلوب ذاته مع الأجهزة والشخصيات الأمنيّة المقرّبة من المرشد خامنئي . إلا أنه حصد توترات في علاقته مع المرشد والبرلمان والحرس الثوري، ما أدخل العمل الحكومي في أزماتٍ متكرّرة على مدى الثماني سنوات الماضية . وقد بلغ هذا التأزّم مداه عند استدعاء أحمدي نجاد للمساءلة في البرلمان مارس/آذار 2012 . ثمّ عند استدعاء وزير العمل في حكومته للمساءلة بعد ذلك في فبراير/شباط 2013 . كما صاحب رئاسة نجاد اضطراب كبير تمثّل في كثرة الإقالات التي بلغت 13 وزيرًا في الحكومة، و14 مستشارًا في الرئاسة، واصطدام بشخصيات سياسية ومرجعيات دينية والسلطة القضائية .

وفشل نجاد في تغيير الخيارات الأساسية للنظام السياسي الإيراني، سواءً في الداخل أو الخارج، لكن يُعتقد أنه لن يكون في منزلة غورباتشيف الإيراني بل بوتين الفارسي . ويبرهن على ذلك بدعمه للمرشح الرئاسي رحيم مشائي، وتخطيطه لاستنساخ السيناريو نفسه الذي حدث مع بوتين والنائب ديمتري ميدفيديف . وسبق لنجاد أن قام قبل أربعة أعوام بتعيين رحيم مشائي أول نائب له، وأرسل إليه آية الله خامنئي رسالة مفادها أن يقيل رحيم مشائي من منصبه .

E-mail: [email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"