6 تريليونات دولار تحد من انتشار السيارات الكهربائية

03:10 صباحا
قراءة 4 دقائق
أنجاني تريفيدي *
 
اشترى المستهلكون أكثر من مليون سيارة كهربائية في العام الماضي، أي بزيادة تقارب 60% عن عام 2016  ألن يكون رائعاً لو استطعنا القيادة دون أن نفسد الهواء الذي نتنفسه؟ لا شك، لكن اقتناء سيارة كهربائية ليس في متناول الجميع.
لعل ما يبعث على التفاؤل هنا هو أن المحرك الانفجاري يقترب من نهايته، وأن مبيعات السيارات الكهربائية في تصاعد دائم، ولدى البلدان التي تمثل معا أكثر من 10% من مبيعات السيارات العالمية خطط مفصلة للتخلص التدريجي من السيارات التي تعمل بالوقود التقليدي، وفي حال انضمت الصين إليها ترتفع النسبة إلى 40%.
وقد تطور القطاع بحيث صار من الممكن للسيارات الكهربائية أن تقطع مسافات أطول وأن يتم شحنها بسرعة أكبر. وبدأت شركات صناعة السيارات التقليدية في إنتاج طراز واحد على الأقل من السيارات الكهربائية ليبلغ عددها أكثر من 100 طراز كلها تعمل بالبطارية وتدخل الخدمة بحلول العام المقبل، فهل يعني ذلك أن سيارة المستقبل باتت في متناول اليد؟.
 
تشير أرقام المبيعات إلى أنها تقترب منا أكثر، فقد اشترى المستهلكون أكثر من مليون سيارة كهربائية في العام الماضي، أي بزيادة تقارب 60% عن عام 2016، حتى مع انخفاض الطلب العالمي على السيارات، وتستهلك السوق في الصين التي تتمسك بقوة بسياسة السيارة الخضراء، أكثر من نصف مبيعات السيارات الكهربائية في العالم، ومما ساعد على ذلك الانتشار انخفاض متوسط سعر بطاريات الليثيوم، التي تستهلك نصف تكاليف السيارة تقريبًا، من 599 دولارًا لكل كيلوواط ساعي إلى 208 دولارات لكل كيلوواط خلال السنوات الخمس الماضية، وتوفير نحو 600 ألف منفذ شحن عالميًا، أكثر من نصفهم في الصين، وقد ارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية في الصين بنسبة 55% الشهر الماضي رغم تراجع مبيعات السيارات عموما.
وتفرض حوافز الصين وقوانينها الصناعية بشكل أساسي، شروطا على شركات صناعة السيارات، منها: أن يكون جزء من السيارات المباعة فيها كهربائية، ولا شك أن قلة عدد القطع الداخلة في تركيب السيارة الكهربائية مقارنة مع السيارة التقليدية يعطي هذه الصناعة دفعا قويا. لكن المشكلة هي أن أرقام المبيعات لا تعكس مدى جودة السيارات الكهربائية وتقنياتها، في وقت سابق من هذا العام، أجرى محللون من مجموعة «يوبي إس» المصرفية الأمريكية متابعة لبطاريات السيارات الكهربائية في آسيا المطلة على المحيط الهادي، وكشفت المتابعة عن تباين بين الواقع والحقائق التسويقية المعلنة، وأفاد خبراء في القطاع بأن أداء البطاريات المحلية الصنع في الصين ضعيف في درجات الحرارة المنخفضة، وأن الشركات لديها مشاكل تصنيع أخرى. وقال آخرون إن أرقام المبيعات كانت في الغالب محاولة تسويقية تعكس ضغطاً من الحكومات المحلية التي تسعى لاتباع النهج الصيني في هذا المجال.
وفي أغسطس/آب، أرجأت شركة جنرال موتورز طرح سيارة «بويك في إلايت 7»، بسبب ضعف فاعلية البطاريات، وكان من المقرر إطلاقها في أيلول/ سبتمبر، ثم تأخر إصدارها حتى العام المقبل.
وأيا كانت فرص النجاح، تلوح في الأفق مشكلة أخرى تتعلق بقدرة المستهلكين على شراء السيارة، إذ إن دخل الأسرة التي تريد اقتناءها يجب أن لا يقل عن 300 ألف دولار سنويا طبقا لدراسة «يو بي إس» التي شملت 10 آلاف شخص في ستة أسواق سيارات رئيسية في العالم، وقالت نسبة 41% من المشاركين في الاستطلاع أن الأسرة التي يتراوح دخلها بين 150 و200 ألف دولار لا تفكر في أن تكون سيارتها التالية كهربائية، والعائق الأساسي هو السعر.
أما تكلفة الاعتماد على السيارات الكهربائية بشكل كامل فتبدو فلكية حيث تتطلب شبكة البنى الأساسية مثل محطات الشحن وشبكات توزيع الطاقة وغيرها 6 تريليونات دولار طبقا لدراسة أعدها بنك «جولدمان ساكس»، أي ما يعادل 7.5% لا من الناتج الإجمالي العالمي، وقد أظهرت الدراسات أنه يجب تخفيض تكاليف الانتقال من خلال الدعم الحكومي خاصة أن مبيعات شركة «تسلا» تراجعت بعد رفع الدعم في كل من هونغ كونغ والدنمارك.
وتواجه الشركات صعوبات في تحقيق التوازن بين القدرة الشرائية للمستهلكين وتحقيق الربح، فقد تراجعت أرباح شركة «أمبر إكس تيك» الصينية الرائدة في صناعة البطاريات، والتي من بين عملائها «بي إم دبليو» وتستحوذ على 40% من سوق البطاريات الصيني، بنسبة 5% في الربع الثالث رغم زيادة عائداتها ومبيعاتها، والسبب هو الفارق بين أسعار البيع وتكاليف المواد الأولية.
ورغم تطور التقنيات لا تزال التكاليف العقبة الأكبر، وسوف تجني شركات السيارات الفاخرة مثل «جاغوار» و«لاند روفر» و«بورشه» هوامش أفضل من سيارات الدفع الرباعي الكهربائية ذات الأسعار الأعلى، ولكن حتى تصبح مثل هذه الطرازات في متناول الجميع، يجب أن تنخفض تكلفة البطارية إلى 100 دولار لكل كيلوواط ساعي.
خلاصة القول، إننا لا زلنا على بعد خمس سنوات على الأقل من تخفيض سعر السيارة الكهربائية الجيدة إلى مستوى سعر السيارة التقليدية المماثلة، دون الأخذ بعين الاعتبار الإعفاءات الضريبية والإعانات، وهذا يعني أن على المتشوقين لها التحلي بالصبر قليلاً.

بلومبيرج
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

​* كاتبة مقال في "بلومبيرج"

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"