عادي

التسريبات .. هل تُشعل الحرب العالمية الثالثة؟

18:09 مساء
قراءة 21 دقيقة

نبيل عطا

في الماضي كان من يملك الحقيقة أو المعلومة هو السيد، وهو صاحب القرار.. أما اليوم فإن من يملك القدرة على تسريب المعلومات حتى وإن كانت مزيفة، ومن يمتلك وسائل ترويجها فهو القادر على صنع القرار وفرض سيادته محلياً وإقليمياً ودولياً، والعالم الآن أمام حقيقة لا جدال فيها وهي أن الشائعات والاختراقات الإلكترونية والتسريبات تنال من قرارات واستقرار الدول، وتثير القلاقل والبلبلة والاحتجاجات أو ما يطلق عليها «الثورات الملونة» في الدول وتؤلب المجتمعات على الحكومات بهدف تغييرها وتطبيق نماذج ديمقراطية حديثة بما يتوافق مع مصالح دول أخرى والتجنيد الإلكتروني عن بعد من خلال تشكيلات منظمة تدار عبر الشبكة المعلوماتية، حتى الأجهزة المنزلية والتليفزيونات والريسيفرات لم تكن بمعزل عن هذه الحروب التي تهدف إلى السيطرة على عقل الإنسان وتوجيهه.
النموذج الأشهر للاختراقات والتسريبات شاهده العالم وقرأه منذ سنوات وهو «باص التسريبات» أو «ويكيليكس» الذي أسسه «جوليان أسينج» مع عدد من زملائه وهو عبارة عن نافذة إلكترونية لنشر وثائق سرية عن فساد الحكومات والشركات المتعددة الأطراف والأنظمة التي تمارسها على حساب الشعوب من أجل إطلاع الرأي العام، وهذا هو الهدف الظاهري، وما خفي كان أعظم.
وقد دخلت كلمة «WikiLeaks» قاموس اللغة الإنجليزية في 26 كانون الأول/‏‏ ديسمبر 2010 وتمّ الاعتراف بها ضمن قائمة الأسماء الصحيحة التي شاع استخدامها بدرجة كبيرة، مما أهّلها لتكون واحدة من المصطلحات الإعلامية رسمياً، وقد أظهر بحث المركز العالمي لمراقبة اللغة، أن كلمة ويكيليكس استخدمت حتى الآن أكثر من 300 مليون مرة، والمعيار الذي يضعه المركز يقضي باستخدام الكلمة على الأقل 25 ألف مرة في وسائل الإعلام التي تستخدم الإنكليزية. وهذا المصطلح «WikiLeak» كلمة مركبة من «ويكي» Wiki و تعني الباص المتنقل مثل المكوك من وإلى مكان معين، وكلمة Leaks «ليكس» وتعني بالإنكليزية «التسريبات»..
وهناك أمثلة عديدة للتسريبات والاختراقات الاليكترونية التي أثرت بشكل حاسم في قرارات ومسيرة دول ومنها تسريب المعلومات والأسلحة ما فعلته الولايات المتحدة الأمريكية بإطلاقها فيروس «ستاكس نت» -الذي تسبب في إلحاق أضرار بأجهزة التخصيب النووي الإيراني- وهومن أبرز الأدلة على الهجمات الإلكترونية الحديثة؛ إذ أطلقته الولايات المتحدة وإسرائيل في 2010 ضد حواسيب تابعة للمنشآت النووية الإيرانية بهدف إبطاء عملها، كما شنت أمريكا أيضاً حملة إلكترونية على نظام الدفاع الجوي الصربي سنة 1998 لاختراقه بهدف تسهيل قصف أهداف صربية، وكذلك الهجوم الذي يعتقد أن مصدره روسيا واستهدف أستونيا سنة 2007 وأدى إلى تعطيل كافة مواقع الويب الحكومية والخاصة ووسائل الإعلام عبر البلاد.
كما تعرضت الولايات المتحدة الأمريكية نفسها، مخترعة الإنترنت، والمهيمنة على الشبكة المعلوماتية العالمية، لعدة ضربات من هذا النوع، بداية من تسريبات ويكيليكس، مروراً بتسريبات إدوارد سنودن، ثم اختراق الرسائل الإلكترونية لهيلاري كلينتون وزيرة الخارجية السابقة ومرشحة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وصولاً إلى ما يثار حول دور المخابرات الروسية في التدخل لتوجيه الانتخابات الرئاسية الأمريكية لصالح الرئيس الأمريكي الجمهوري الفائز دونالد ترامب.
وفي النهاية لا بد للدول العربية من أن تعي أنه لا خيار أمامها سوى التنمية العلمية ومواكبة التطور والاتجاه نحو تعزيز البنية المعلوماتية والاتصالات وإنتاجها محلياً لتفادي تبعات التبعية العلمية والاقتصادية والسياسية ونشر الوعي المجتمعي، لأن القادم أسوأ إذا لم ننتبه وحروب الجيل الخامس والسادس مهدّد حقيقي للجميع، والنصر بكل تأكيد سيكون حليف من يملك المعلومة والقدرة على تسريبها.

 

 

الاختراقات الإلكترونية أشعلت «الثورات الملونة»

مسقط: عاصم رشوان

 

49dac5d6-79d7-4613-91e3-d6a801a1254d.jpg

«في الماضي ولكي تتمكن أجهزة الاستخبارات من تسريب بعض المعلومات أو الحصول عليها كانت تقوم بتجنيد الجواسيس، واختراق الجدران الصلدة، والوصول إلي الخزائن المحصنة ضد السرقات أو التفجيرات وغير ذلك، إلا أن الوضع بات اليوم رهين بقدرات ذكية لبعض المخترقين (الهاكرز) المحترفين، الذين يجوبون الدنيا وهم في كراسيهم متسللين عبر أنظمة معلوماتية ليتصيدوا أهدافهم، أو شريحة لا تكاد تُرى محشورة في أحد الأجهزة كما حدث مع الشيفرة الإلكترونية التي وجدت مؤخراً في أحد أجهزة الكمبيوتر المملوكة لشركة كهرباء تعمل في ولاية فيرمونت الأمريكية ووجهت أصابع الاتهام إلى الروس».
بهذه الكلمات التي تلخص المشهد الحالي بدأ الكاتب المسرحي المعروف الدكتور صالح الفهدي حديثه للخليج، وأضاف: كنت أتابع برنامج Hardtalk في قناة bbc مع Dmitry Peskov المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بُعيد تنصيب الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب وقد حاول المحاور أن ينتزع منه اعترافاً بأن روسيا تقف وراء التأثير على مجرى ونتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية فكانت الإجابة المناورة بذكاء من المتحدث باسم الرئيس الروسي أن روسيا تتلقى يومياً عدداً هائلاً من الهجمات الرامية لاختراق أنظمتها الإلكترونية من أراضٍ أمريكية وألمانية وبريطانية ولكن ـ وهنا يوجه سؤالاً للمحاور ـ هل نقول أن الهجمات تتم بتصريح من الحكومات ؟ ويجيب هو نفسه عن سؤاله: قطعاً لا...!! وواضح بالطبع ما يريد أن يقوله لمحاوره.. حينها كنت أفكر في نفسي: ماذا لو كانت التأثيرات في الانتخابات هي أكبر مما يمكن تصوّره إلي الحد الذي يمنع وكالة الاستخبارات الأمريكية من التصريح بها لأن في ذلك مساً بالسيادة الأمريكية وانتقاصاً من هيبتها.. هذا مجرد ظن.
على كل حال، أصبحت جميع الدول بعد تسريبات ويكيليكس عرضةً للافتضاح والتهديد بل والابتزاز وليس ذاك وحسب بل إن كل فرد يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي ويسترسل فيها من دون كابح وضابط هو الآخر عرضة للتهديد وسنشهد (تسونامي) الفضائح الفردية كما حصل مع الدول.
هذه الصورة هي إحدى مؤشرات قوة المعرفة وهي القوة الناعمة التي تطوّق الأعناق من دون أن تشعر بها فما أعظمه من خطر شبحي لا يُدرى مصدره وكأنما تجسِّد أفلام الخيال السينمائية التي هي في تصوراتنا المنطقية بعيدة التحقق لكنها ليست كذلك في واقعنا المعاصر!


بالغة الخطر الحرب الإلكترونية

د. عبدالحميد الموافي - المحلل الاستراتيجي والكاتب السياسي المعروف - يقول إن موضوع الحرب الإلكترونية سيظل بالطبع أمراً افتراضياً واحتمالاً متزايداً..ولكن الحديث عن حرب عالمية ثالثة أمر لا يستطيع أي طرف عاقل الاقتراب منه لأن الردع النووي لا يزال موجوداً.. وهناك ترسانة الأسلحة الفضائية بما فيها الليزر.. ولكن يمكن للقوى الكبرى التدخل المحسوب لإثارة مشكلات لدول معادية لها أو تريد ممارسة الضغط عليها.. وكان فيروس «استاكس نت» ضد إيران نموذجاً، ولكن الخطر يتزايد في حالة استخدام ذلك ضد قوى كبرى، فالعالم لا يتحمل مواجهة إلكترونية بين قوى كبرى لأنها بالغة الخطر.


مؤشرات عديدة

ومن جانبها تقول الكاتبة والباحثة العمانية ميرفت بنت عبدالعزيز العريمية: شهدنا في الأعوام الماضية تطوراً كبيراً في توظيف التكنولوجيا لأغراض غير سلمية، ففي العام الفائت زادت الهجمات الإلكترونية على المؤسسات وتسببت في سقوط العديد من المواقع العالمية وتسببت في خسرانها الملايين من الدولارات وأتت الهجمات بهدف تعطيل الخدمات في المرتبة الأولى تليها هجمات بغرض طلب فدية. وعلى سبيل المثال خلال العام الفائت تكلف البنك المركزي البنجلاديشي ٨١ مليون دولار نتيجة اختراق إلكتروني مرتبط بالسويفت، كما شهد العام أيضاً الكثير من الاختراقات الإلكترونية والهجمات التي أوقفت شبكات وعطلت كاميرات المراقبة المتصلة بالشبكات كما شهدنا طلبات فدية وسرقات للبيانات الشخصية والعملية لشخصيات نافذة في القطاعات التجارية، ولعل أبرز الأحداث ما حدث للحزب الديمقراطي وتسبب في خسارة كلينتون الانتخابات الرئاسية أمام ترامب.
ومن واقع الحال،فإن مؤشرات عديدة تنبئ بتوظيف التكنولوجيا في الصراعات بين الدول والأيديولوجيات كما حدث من توظيف شبكات التواصل الاجتماعي في تجنيد الشباب ونشر الأفكار المتطرفة واختراق قراصنة لبرنامج المقاتلة الأمريكية إف ٣٥ وسرقة أكثر من مليون بصمة لمواطنين أمريكيين والهجوم الإلكتروني الذي استهدف أنظمة الاتصالات والتجارة في أوكرانيا وغيرها الكثير من الأمثلة.


أشهر الهجمات

ومن أشهر الهجمات الإلكترونية المنظمة في القرن الواحد والعشرين هو ما حدث في يوليو/ تموز من عام 2009 عندما قام القراصنة بالهجوم على المواقع الإلكترونية لمؤسسات حيوية في الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية كالبيت الأبيض والبنتاجون والقصر الرئاسي الكوري الجنوبي (البيت اﻷزرق) وموقع وزارة الدفاع والبرلمان وغيرها من المؤسسات المهمة بالإضافة إلى بعض البنوك والمصارف في مراحل زمنية متقاربة امتدت من 4 إلى 9 يوليو/تموز وأحدثوا أضراراً كبيرة.
وقد أصبحت الدول المتقدمة اليوم أكثر استعداداً إلى الانتقال إلى مرحلة الحروب الذكية عن بعد في توجيه دفة الأحداث والثروات فنحن قد نشهد نوعاً مختلفاً من الحروب التي ستتجاوز الحدود الجغرافية إلى الفضاء المفتوح و الفضاء الإلكتروني نظراً لأن معظم الدول تعتمد بنسبة كبيرة على الاتصالات والشبكات في حفظ وتداول 80% من المعلومات عبر اتصالات الناتو المتصل بالأقمار الاصطناعية وهذا هو مكمن الخطر فالبرغم من المميزات التي وفرتها التكنولوجيا الحديثة لنا إلا أنها قد تحدث ضرراً كبيراً ومكلفاً إن تم تعطيلها ولو لثوانٍ.
ومن المتوقع أن يشهد هذا العام زيادة في الهجمات الإلكترونية باستخدام أدوات ولغات برمجة متطورة ومن المتوقع أن تكون هجمات استراتيجية تحدث ضرراً كبيراً على أنظمة المؤسسات حسبما أفاد خبراء بشركات أمن المعلومات.


النقطة الحاسمة

وفي كتاب عن التاريخ السري للحروب الإلكترونية يتحدث «كابلان» عن النقطة الحاسمة في تطور الترسانة الإلكترونية للولايات المتحدة والتي تم استخدامها في حرب الخليج وفي صربيا خاصةً بعد أن أثار الرئيس ريغان موضوع الأمن الإلكتروني لمستشاريه بعد مشاهدته لفيلم ألعاب الحرب الذي رصد اختراق طفل صغير لمنظومة أمنية لإحدى المؤسسات العسكرية من دون معرفته بذلك وانتهى الأمر بأن عقد ريغان عدة ورش عمل واجتماعات مع كبار العسكريين والمستشارين لوضع خطة للأمن القومي في عام 1984م.
إن الحروب الذكية تميل إلى توظيف التكنولوجيا الحديثة في المواجهات الافتراضية ذات التأثير الأعمق وإحداث خسائر مادية أكبر في صفوف الخصم، خصوصاً وأنها توظف استراتيجيات الحرب النفسية لتوجيه الرأي العام لخدمة مصالحها،والفرق بين الحروب الذكية (السيبرانية) وبين الحروب التقليدية التي تعتمد على المواجهات المباشرة لحسم المعارك أن اﻷولى تقوم بالتركيز على تشتيت الخصم وإنهاكه من خلال زعزعة العامل الثقافي والمعرفي وتحويلها إلى نقاط ضعف يسهل مهاجمتها بحيث يقبل كافة الخيارات المطروحة أمامه مهما بلغ سوءها وهذا النوع من الحروب عادة ما يستغرق أعواماً وتتم على شكل سيناريوهات منظمة تكرر رسائل معينة ثابتة على مدى أعوام وتوظف الإعلام و جماعات الضغط الدولية والمحلية لخدمة هذا الهدف إلى جانب تنفيذ بعض المخططات كالحصار الاقتصادي كوسيلة من وسائل الحسم والضغط.
وقد توظف هذه الحروب التكنولوجية في إثارة القلاقل والبلبلة والاحتجاجات أو ما يطلق عليها «الثورات الملونة» في المجتمعات وتأليب المجتمعات على الحكومات بهدف تغييرها وتطبيق نماذج ديمقراطية حديثة بما يتوافق مع مصالح دول أخرى والتجنيد الإلكتروني أو عن بعد من خلال تشكيلات منظمة تدار عبر الشبكة المعلوماتية، حتى الأجهزة المنزلية والتليفزيونات والريسيفرات لم تكن بمعزل عن هذه الحروب التي تهدف إلى السيطرة على عقل الإنسان وتوجيهه.


«حروب الجيلين الخامس والسادس»

واﻷمر ليس بجديد، فبعد الانتهاء من عصر الحروب الكيميائية والفيزيائية أصبحنا في مرحلة التوظيف الذكي للتكنولوجيا أو ما يطلق عليه «حروب الجيلين الخامس والسادس» تفادياً للخسائر المادية والبشرية المباشرة ولقد تمكنت الدول الغربية والمتقدمة من تطوير آليات الجيل الخامس والسادس من الحروب بجيش من العلماء والباحثين في المجالات العلمية والمختلفة فجاءت حصيلة سنوات من اﻷبحاث مجموعة من اﻷنظمة الدفاعية واﻷسلحة الذكية.
لذلك فمن المهم أن تعمل الدول العربية على تطوير قدراتها التكنولوجية لأغراض سلمية ودفاعية حتى تتمكن من التعامل مع مثل هذه اﻷنماط من الصراعات التي تعتمد على التطور العلمي وعلى موارد بشرية مؤهلة تأهيلاً ذكياً للتعاطي مع الظروف المتوقعة مستقبلاً فلا مفر من المواجهة وفي الوقت الذي تتجه معظم الدول العربية إلى مواكبة التطور العالمي والتحول إلى الحكومات والمدن الذكية ولن نتمكن من مواجهة تلك المخاطر ونحن نستورد العلم والكفاءات العلمية والمنتجات التكنولوجية من الخارج ونحفظ المعلومات في سيرفيرات خارجية.
وختاما، لعل اﻷحداث التي شهدتها المنطقة العربية في العقود اﻷخيرة كلها تؤكد أن لا خيار أمام الدول غير التنمية العلمية ومواكبة التطور والاتجاه نحو تعزيز البنية المعلوماتية والاتصالات وإنتاجها محلياً لتفادي تبعات التبعية العلمية والاقتصادية والسياسية ونشر الوعي المجتمعي والمعرفي بكافة الوسائل المتاحة لتتمكن من التعامل مع التحولات المستقبلية ووضع سياسات لتفادي التجنيد الإلكتروني والمعلوماتي.

 

تتحكم في مصير الشخصيات العامة وتغيّر الحكومات

الكويت: الحسيني البجلاتي

 

61d67824-bc27-41d1-bb26-453fdb6efcc5.jpg

أكد متخصصون كويتيون أن «التسريبات» هي سلاح الأجهزة ضد بعضها بعضاً، وضد معارضي الأنظمة، كما أنها أصبحت سلاح الدول في مرحلة ما قبل الحرب العسكرية والتي يمكن أن تكون حاسمة وتجنبها دخول معركة من الأساس، كما أنها سلاح للمرشحين في الانتخابات وللأحزاب لحسم المعارك الانتخابية، مدللين على ذلك بالدور السلبي وربما الحاسم الذي أسقط هيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عندما تم تسريب بريدها الإلكتروني في أزمة قتل السفير الأمريكي في ليبيا ، وفي طريقة التعامل مع جاسوس إيراني ، وغيرها من الأحداث التي شككت في مصداقيتها لدى الناخب الأمريكي.
في الكويت لعل أشهر تسريب (وهو أمر نادر الحدوث) كان بين رئيس مجلس الأمة الراحل جاسم الخرافي ورئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد والمتعلق بولاية العهد، والذي وقف وراءه نائب رئيس الوزراء وزير والإعلام ووزير الإسكان السابق الشيخ أحمد الفهد، وهو التسريب الذي انتهى بتدخل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد شخصياً، لوقف الإساءة إلى الأسرة الحاكمة قبل أن يعتذر الفهد عن الأمر برمته بعدما وصل إلى القضاء.


التحديثات الأمنية
الخبيرة في منظمة الجائزة المعلوماتية المهندسة منار الحشاش، تؤكد أن الحروب لم تعد تقتصر على استخدام الأسلحة الفتاكة التي تحملها الطائرات أو المدرعات أو الجنود، فهذه توشك أن تتوارى في المستقبل وراء ظل حروب ربما تكون أكثر فتكاً وهي الحروب الإلكترونية (Cyber warfare)
وتعرف تلك الحروب بأنها صراع ، ميدانه شبكة الإنترنت وينطوي على هجمات ذات دوافع سياسية على المعلومات ونظمها، حيث يمكنها تعطيل مواقع الويب الرسمية والشبكات وتعطيل الخدمات الأساسية أو سرقة وتعديل البيانات السرية، وتخريب الأنظمة المالية، وذلك من بين العديد من الاحتمالات الأخرى. وقالت: إن 15 دولة في العالم -وهي الدول التي تمتلك الميزانيات العسكرية الأضخم- تستثمر في مجالات متخصصة من أجل الحصول على قدرات هجومية إلكترونية عن طريق الإنترنت، ودمج القدرات الإلكترونية في عملياتها العسكرية.
وبينت أن معظم العمليات الإرهابية يتم الآن عبر الإنترنت من خلال رسائل مشفرة بين خلايا التنظيم العنقودية، مؤكدة أنه للأسف لا يمكن منع ذلك تماماً، وأوضحت أنه لا توجد تقنية لحجب المواقع تعطي نتيجة مضمونة مئة في المئة، لأن كل موقع أو منتدى من السهل اختراقه، والطريقة الوحيدة في جهة حكومية أو أي مؤسسة عمل هي إلغاء خدمة التصفح أو البريد الإلكتروني أو الدردشة بشرط عدم الاستثناء، وهذه العملية أشبه بإلغاء الصفر الدولي من خط الهاتف ، لأننا من خلالها نضمن تماماً عدم إجراء أي مكالمة خارجية تقنية الحجب

شريط المؤامرة

ويذكر الأستاذ في كلية العلوم الإدارية في جامعة الكويت د. صلاح الفضلي انشغال الكويتيين ولأسابيع عدة بما سُمي بـ«شريط المؤامرة» الذي يُزعم أنه تسجيل يجمع رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد ورئيس مجلس الأمة الراحل جاسم الخرافي ، يُظهر قيامهما بالتخطيط لإزاحة ولي العهد الشيخ نواف الأحمد وترتيب الأمور لوصول الشيخ ناصر المحمد بدلاً منه، وتم تداول هذا الموضوع بشكل مكثف عبر شبكات التواصل، وتبنى معسكر الموالين لنواب المعارضة الترويج لوجود هذا الشريط وكانوا يتحدثون بلهجة المتيقن الواثق، وكان أبرز هؤلاء المحامي محمد عبد القادر الجاسم وسعد العجمي الذي كتب «لو يدري عمير جان شق جيبه»، وحتى أحمد السعدون المعروف عنه دقته في التحقق من الأمور استشهد في حسابه على التويتر بالآية الكريمة «إن الله لا يحب الخائنين» في إشارة غير مباشرة إلى الموضوع، بل وذكر في مقابلته على قناة اليوم مع محمد الوشيحي أنه لم يستمع إلى الشريط ولكنه سمع من أشخاص يثق بهم بوجود «الشريط».
وتابع: انتظر الجميع أن يظهر «شريط المؤامرة» الذي كان يقال إنه لدى الشيخ أحمد الفهد ، وقيل في حينها إنه سوف يسلمه لسمو الأمير، ولكن الشريط لم ير النور حتى أصبح مثل «بيض الصعو اللي نسمع فيه وما نشوفه».
وتابع: وبعد طول انتظار قطع جاسم الخرافي الشك باليقين وتقدّم ببلاغ إلى النيابة يدعي فيه على من روج لوجود هذا الشريط، ومن الواضح أن المحسوبين على نواب المعارضة ومن يقف خلفهم ، وبسبب عدائهم الشديد للخرافي والمحمد وقعوا في فخ الترويج للشريط الذي اعتقدوا أنه ضربة قاصمة لتحالف الخرافي-المحمد. ومن الواضح أن هناك من له مصلحة في تسريب شائعة الشريط في أوساط المعارضة ، لإثارة البلبلة وإعادة الحديث عن منصب ولاية العهد.

إقليمية القوانين

وقال المحامي نواف الياسين: بإمكان أي دولة شن حرب إلكترونية على دولة أخرى بغض النظر عن مواردها، وذلك لأن معظم القوات العسكرية ترتبط بشبكات حاسوبية وتتصل بالإنترنت، ولذلك فهي ليست آمنة، وللسبب ذاته بإمكان الجماعات غير الحكومية وحتى الأفراد شن هجمات حرب إلكترونية.
وضرب الياسين مثالاً بفيروس «ستاكس نت» ــ الذي تسبب في إلحاق أضرار بأجهزة التخصيب النووي الإيراني- وهو من أبرز الأدلة على الهجمات الإلكترونية الحديثة، إذ أطلقته الولايات المتحدة و»إسرائيل» في 2010 ضد حواسيب تابعة للمنشآت النووية الإيرانية بهدف إبطاء عملها.
وقال: من الأمثلة الأخرى الهجوم الأمريكي الإلكتروني على نظام الدفاع الجوي الصربي سنة 1998 لاختراقه ، بهدف تسهيل قصف أهداف صربية، وكذلك الهجوم الذي يعتقد أن مصدره روسيا واستهدف أستونيا سنة 2007 وأدى إلى تعطيل كافة مواقع الويب الحكومية والخاصة ووسائل الإعلام عبر البلاد.

 

سلاح للتجسس وتوجيه الرأي العام واحتلال الدول

القاهرة: محمد عنتر

 

078d318b-d8d2-4a5c-8c3c-29b376f655f3.jpg

تمثل المعلومات أحد أهم مدخلات صناعة القرار الدولي، مما جعل بعض الأجهزة والمؤسسات يعمل على توجيه الثورة المعلوماتية الهائلة إلى التأثير في بعض الدول، من خلال نشر الشائعات والتسريبات بهدف التأثير في قرارات دولة ما أو مجموعة دول، في إطار صراعات المصالح، وإرباك قرارات المنافسين والخصوم، خاصة أن كل الدول، لم تعد، في ظل شيوع، الاعتماد على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، بمنأى عن الاختراقات. وتعرضت الولايات المتحدة الأمريكية، مخترعة الإنترنت، والمهيمنة على الشبكة المعلوماتية العالمية، لعدة ضربات من هذا النوع، بداية من تسريبات ويكيليكس، مروراً بتسريبات إدوارد سنودن، ثم اختراق الرسائل الإلكترونية لهيلاري كلينتون وزيرة الخارجية السابقة ومرشحة الحزب الديمقراطي في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وصولاً إلى ما يثار حول دور المخابرات الروسية في التدخل لتوجيه الانتخابات الرئاسية الأمريكية لصالح المرشح الجمهوري الفائز دونالد ترامب.
والأخطر في هذا الجانب، أن بعض الخبراء يحذر من أن المعلومات المسربة أو المدسوسة قد تتسبب في تشكيل حالة من العداء، قد تقود، فيما بعد إلى نشوء صراعات وحروب إقليمية ودولية مستقبلاً، قد تصل إلى القوى الكبرى، التي قد تتورط بدورها إلى حروب واسعة تقترب من العالمية، التي ربما تنتقل من العالم الافتراضي إلى عالم الواقع.

حماية أمن المعلومات

وقال هشام عبد الغفار، خبير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إن حماية أمن المعلومات أصبحت ضرورة، حيث لجأت بعض الدول إلى استخدام «الحرب الإلكترونية» للتجسس على دول أخرى، بهدف تفتيتها وزعزعة الاستقرار بها، ويظهر ذلك واضحاً في الخلافات بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، حيث اتهمت واشنطن موسكو بالتدخل في الانتخابات الأمريكية، التي أجريت بين هيلاري كلينتون مرشحة الحزب الديمقراطي، ودونالد ترامب مرشح الحزب الجمهوري، الذي حسم الانتخابات لصالحه.
وأضاف عبد الغفار، إن صناعة القرار الدولي أصبحت تتم من خلال استخدام التسريبات والشائعات والمعلومات إلكترونياً، وظهر ذلك واضحاً بعد قيام موقع ويكيليكس بنشر بعض التسريبات، التي تخص دولاً كبرى وقيادات دولية بارزة، كما أصبحت مواقع التواصل الاجتماعي عاملاً فعالاً في نشر بعض الشائعات، التي أصبحت تؤثر بشكل كبير في صناع القرار في دول كثيرة.
وأوضح أن الحد من الاستخدام السيئ للتكنولوجيا ومواقع التواصل الاجتماعي التي تنتشر من خلالها الشائعات، يمكن تحقيقه من خلال توفير المزيد من المعلومات، وإطلاع المواطنين عليها أولاً بأول، في ظل حرية تداول المعلومات، تقوم على المؤسسية في اتخاذ القرار، بما يقود إلى تقليل التسريبات والشائعات، مضيفاً أن الحرب الإلكترونية بدأت مؤخراً على أيدي الروس، حيث يحاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين استعادة أمجاد روسيا، ومنافسة الولايات المتحدة الأمريكية، إلى جانب دخول الصين المنافسة أيضاً مع أمريكا.
وتابع: إن التكنولوجيا أصبحت العامل القوي في تغيير العالم، فمثلاً لموقع «فيس بوك» مواطنون متابعون له أكثر من عدد سكان الهند، التي تعد ثاني أكبر دولة في العالم، وأصبح لهذا الموقع وغيره من مواقع التواصل الاجتماعي قدرة كبيرة على التأثير في صناعة القرار العالمي، وتوجيه المواطنين في بعض الدول نحو اتجاه معين أو قرار بعينه، وهذه المواقع هي في حقيقة الأمر سلاح مزدوج يساهم في بعض الأوقات في نشر الشائعات، للتأثير في صناعة القرار، كما يساهم في أوقات أخرى، في نشر الثقافات والفنون المختلفة لدول العالم.

مشكلة أمن قومي

وقال وليد حجاج، الباحث في أمن المعلومات، إن معظم التسريبات والشائعات التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، تكون في معظم الأوقات غير ناتجة عن جهات دولية، وتكون نتيجة سوء استخدام التكنولوجيا أو الجهل بأمن المعلومات، ولابد من أن تكون هناك توعية بأمن المعلومات لدى الدول والحكومات، كما يجب أن تكون هناك قوانين تسمح باستخدام التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة بحرية، ولكن دون أن يؤثر ذلك في الأمن القومي للدول.
وأضاف حجاج، إن التسريبات والشائعات على مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى المواقع الإلكترونية الشهيرة ومنها موقع ويكيليكس لها تأثير بالغ في توتر العلاقات بين الدول، خاصة بعد التحقق من صحة بعض التسريبات، مشدداً على ضرورة توعية المواطنين بكيفية الاستخدام الأمثل للمعلومات ووسائل الاتصال الحديثة، حتى لا تكون الشائعات والتسريبات الإلكترونية مؤثرة في صناعة واتخاذ القرار لدى الدول والحكومات.
وأوضح عمرو فاروق، خبير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن صناعة القرار في الدول الكبرى لا تبنى على الشائعات والتسريبات، التي تنتشر على المواقع الإلكترونية، ولكن بعض الشائعات تستهدف توجيه الرأي العام في بعض الدول نحو اتجاه معين، وهو ما يجعل عملية اتخاذ القرار صعبة بالنسبة لصناع القرار في هذه الحكومات والدول.
وقال فاروق، إن الحد من ظاهرة التسريبات وتأثير الشائعات في مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية الشهيرة، يمكن أن يكون من خلال تشكيل جهات معنية في كل دولة، للرد على الشائعات وتفنيدها وتحليلها بشكل واقعي يقنع المواطنين، ويجعلهم لا يصدقون تلك الشائعات، حيث إن الردود المنطقية تقضي على الشائعات وتساعد صانع القرار على اتخاذ قرار سليم.

تسريبات موجهة

وأكد حسام صالح، خبير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أن بعض الشائعات والتسريبات تكون مخططة ومرتبة من قبل بعض الجهات والأجهزة المخابراتية، حيث تستخدم بعض الأجهزة الأمنية والمخابراتية مواقع التواصل الاجتماعي لنشر معلومات وشائعات بعينها، لتحقيق أهداف ومصالح معينة من وراء تلك الشائعات.
وأضاف صالح، إن الشائعات في بعض الأوقات تكون جزءاً من حرب إلكترونية باردة بين الأجهزة الأمنية في بعض الدول، ولذا لابد من النظر إلى تفاعل الأجهزة الأمنية الدولية مع بعضها البعض، للتأكد من صحة بعض المعلومات والأخبار المنتشرة على المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي، مستبعداً أن تتسبب التسريبات والشائعات في حرب عالمية ثالثة، في الوقت الحالي على الأقل.

التأثر بالشائعات

وقال الدكتور سعيد صادق أستاذ الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية في القاهرة، إن الرأي العام المحلي والدولي أصبح يتأثر بشكل كبير بالشائعات والتسريبات والمعلومات المنتشرة على المواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة مثل «فيس بوك» و«تويتر»، وهو ما يؤثر بدوره في صناعة القرار، على المستويين المحلي والدولي.
وأضاف صادق، إن المعلومات المنتشرة على المواقع الإلكترونية، سواء كانت صحيحة أو شائعات، تخلق حالة من الرأي العام، مما يؤثر بشكل سلبي في قرارات الحكومات والدول، إلى جانب تأثير وسائل الإعلام والصحف، لذلك يجب على صانع القرار الذكي أن يعتمد على أكثر من مصدر لاتخاذ قرار سليم.
وأشار إلى أن بعض الدول تستخدم وسائل الإعلام والمواقع الإلكترونية لمعرفة اتجاه الرأي العام تجاه قضية معينة، من خلال بث بعض الشائعات لمعرفة رد الفعل عليها، حيث تكون هذه الشائعات مجرد «بالونة اختبار» لقياس الرأي العام، ولكن هذا يختلف على مستوى العلاقات الدولية، لأن العلاقات بين الدول تحكمها معايير مختلفة رغم تأثرها الآن بما يثار من شائعات على المواقع المعلوماتية.

تقدم معلوماتي هائل

وقال الدكتور مصطفى علوي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن العالم الآن أمام فترة مختلفة من تاريخ البشرية، لاسيما مع التقدم التكنولوجي الهائل، الذي وصلت إليه بعض الدول.
وتابع: إن سياسة أي دولة لابد أن تبنى على معلومات دقيقة، والدول المتحكمة الآن في شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية المتطورة أصبحت تمتلك القدرة للسيطرة على معلومات المواقع والشبكات، لذلك أصبحت الدول مطالبة بتطوير شبكات التواصل الداخلي بها لصد هجمات المعلومات، التي تنشرها أو تسربها الدول المتحكمة في مواقع التواصل والإنترنت، من أجل الإضرار بأمنها وزعزعة استقرارها.
وأضاف علوي، إن الرسالة الأهم هي أن تدرك الدول خطورة شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، التي أصبحت المتحكم الأساسي في حركة السياسية داخل الدول، مستبعداً قيام حرب عالمية ثالثة بسبب التسريبات والشائعات التي تنتشر على المواقع الإلكترونية، والتي تضر بالعلاقات بين الدول.

الرد على الشائعات

وقال الدكتور أحمد دراج أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن القرار الدولي لا تتحكم فيه الشائعات والتسريبات بشكل كبير، حيث إن الدول المتقدمة تمتلك مراكز أبحاث للرد على الشائعات، التي تنتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، لمعرفة مدى حقيقتها ودقتها، ولكن هذه الشائعات والتسريبات تؤثر، في نفس الوقت، في صناعة القرار في الدول النامية، وأنظمة الحكم الديكتاتورية.
ولفت دراج، إلى أن التكنولوجيا، والتقدم الهائل في المواقع الإلكترونية سيساهمان بشكل كبير في كشف الحقائق في الدول المتقدمة التي تؤمن بحرية تداول المعلومات والرد عليها، ولكن سيؤثر ذلك بشكل سلبي في الدول النامية، التي لا تمتلك القدرة على مواكبة التقدم التكنولوجي، وهو ما يؤثر بالسلب في اتخاذ القرار بها، وقد يؤدي ذلك إلى توتر العلاقات الدولية بينها وبين الدول المتقدمة، مما يعني أنه أصبح غير مستبعد أن تقوم حرب عالمية ثالثة.

تأثير سلبي

وأكد الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن التسريبات والشائعات التي يتم نشرها على المواقع الإلكترونية لها تأثير سلبي في عملية اتخاذ القرار الدولي والسياسة الخارجية في بعض الدول، ما أدى إلى وجود منافسة كبيرة بين بعض الدول مثل الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، وظهر ذلك على خلفية اتهام أنصار الحزب الديمقراطي وأجهزة رسمية أمريكية لموسكو بأنها تدخلت في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لصالح دونالد ترامب من خلال القرصنة الإلكترونية.
وأضاف اللاوندي، أن التسريبات والشائعات الإلكترونية من المستبعد في الوقت الحالي أن تتسبب في حرب عالمية ثالثة بين الدول الكبرى، ولكنها تخلق حالة من العداء مثل العداء الموجود الآن بين أمريكا وروسيا، حيث تسعى روسيا لأن تكون الوريث الشرعي للاتحاد السوفييتي، بينما لا تريد أمريكا أن تكون هناك قوى كبرى منافسة لها على المستوى الدولي.

 

«معاول هدم سياسية» تهزم الأسلحة القتالية

الاردن: ماهر عريف

 

ecb6fe8a-7d33-476d-92fc-df6b9fb30d1b.jpg

أكد خبراء استراتيجيون وسياسيون أردنيون أن حرب التسريبات ونشر المعلومات الخفية عبارة عن «معاول سياسية» غيّـرت وجهة العالم وانتهجت غالباً «الغاية تبرر الوسيلة» في ترجيح كفة على أخرى. وتتمكن حالياً من تحطيم الأسلحة والقدرات العسكرية.
وذكروا في تعليقات وتحليلات متباينة أن ظاهرة «التسريبات الفضائحية» الإلكترونية أصبحت في الفترة الأخيرة جزءاً رئيسياً من حملات السباق المحموم للظفر بالسيادة والسلطة وإطاحة شخصيات وجهات وحكومات ودول ، ولعبت دوراً حاسماً في الانتخابات الأمريكية الماضية وتحركات عالمية مصيرية.
يقول محمد المجالي أستاذ الدراسات الاستراتيجية والسياسية في الجامعة الأردنية: أصبحت حرب التسريبات معولاً قاتلاً لحفر قبور الساسة وثقلاً صادماً لترجيح كفة على أخرى دون موازين ، وهي تدار بحرفية كبيرة ودقة عبر أصابع إلكترونية محترفة تُعد بمثابة أشباح خفية تُوجّه «ضربات قاصمة» محددة نوعاً وكماً وتوقيتاً لإطاحة الكبار سواء كانوا شخصيات أو جهات أو دولاً.
وأضاف: لم تمر واقعة سياسية عالمية محورية دون تسريبات إلكترونية كشفت أموراً خطرة ، آخرها سلسلة المعلومات التي تدفقت تباعاً في خطين متوازيين منذ منتصف العام الماضي عن دونالد ترامب وهيلاري كلينتون ، بعضها مدعوم بأدلة وأخرى غايتها المساس بالذمم المالية وجوانب أخلاقية وإنسانية وتربوية دون استثناء خصوصيات ، وبات عُرفاً مباحاً إعلان كل التفاصيل واغتيال الشخصيات على الملأ للوصول إلى الكرسي.
أوراق بنما ورأى الخبير العسكري والاستراتيجي اللواء المتقاعد إبراهيم الطراونة حرب التسريبات وتأثيرها «تشبه حرب الجواسيس». وقال: نحن أمام أخطر أداة سياسية وأمنية لا تعترف بضوابط شرعية ولا خصوصية ولا مهنية ولا تعترف سوى بسحق أطراف يُراد القضاء عليها معنوياً على أعلى مستوى ، وهذا جزء من «مطحنة» السياسة وكواليسها وما يُحاك خلف الأقنعة.
وأضاف: أثبتت التسجيلات والوثائق المُسرّبة في وقائع عدّة أن جميع الأطراف مخادعة سواء التي وقفت خلف تسريب المعلومات لأهداف ومصالح خاصة أو التي كُشفت حقيقتها المعاكسة لما تُخفي ، وهذه تشبه زراعة جاسوس في قلب كل جهة والتجسس عمل بلا قوانين ، لكن اكتشاف سقطات فاضحة على جميع المستويات للمتجسس عليه يدل على أنه ليس نبيلاً ولا مثالياً على غير ما يدّعي.
وأردف: استخدمت أنظمة «معولمة» كل السبل للتجسس التقني من خلال الهواتف ووسائط التواصل الاجتماعي والاتصالات وأصبح عملها عابراً للحدود خلف ستار العتمة ، وظهر ذلك في مقار دبلوماسية أمريكية ، وسجّلت تسريبات أوراق بنما تحديداً اختلافاً جذرياً في مسار حرب التسريبات العالمية لأنها اعتمدت على وثائق كشفت تهرب الأثرياء من الضرائب على مستوى عالمي وارتباط ذلك بعلاقات مشبوهة بين تحالف السلطة ورجال الأعمال وتأثيرها البالغ في توجهات سياسية دولية وتداعيات أمنية على مدى نحو 38 عاماً.
وقال: إن حرب التسريبات المعلوماتية تقود إلى حروب وقتل ودمار وفتن ونتائجها كارثية شاملة ، ولقد أفقدت ثقة شعوب في أنظمتها السياسية وجعلت الجميع يترقب ما تكشفه الأيام من حقائق لم تر النور.

غيّرت وجهة العالم

وعدّ المحلل السياسي النائب الأسبق علي الحباشنة التسريبات التي رافقت أحداثاً الأمريكية تحديداً «غيّـرت وجهة العالم» انتهاء بحلول إدارة جديدة استلمت الرئاسة ذات توجهات من شأنها قلب موازين القوى وانعكاس ذلك على دول غربية وعربية والمنطقة بأكملها.
وقال: أخطر التسريبات ارتبطت بالولايات المتحدة الأمريكية منذ مطلع سبعينات القرن الماضي ، عندما كشفت وثائق عن تصنّت الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون على خصومه في الحزب الديمقراطي ما دفعه للتنحي عن منصبه ، وكذلك التسريبات التي اعترف أحد الخبراء في وزارة الدفاع الأمريكي بنشرها عام 1976 وتعلقت بتفاصيل الحرب على فيتنام ، وتسريبات عام 2007 بشأن مراسلات سرية بين وزارة الخارجية الأمريكية وسفاراتها في مختلف دول العالم ، واشتملت على لقاءات ومقاطع فيديو لعمليات ميدانية ، وتسريبات عام 2013 عبر عمل وكالة المخابرات الأمريكية ، وتضمنت وثائق ومواد حساسة حول الأمن القومي الأمريكي وبرامج التجسس وعملاء الخفاء ، وتسريبات أطاحت المنافسة هيلاري كلينتون لمصلحة دونالد ترامب رغم إحاطته بتسريبات أخرى ربما كانت مقصودة لدعمه.
وتابع: يُنظر للتسريبات المدعومة بوثائق مكتوبة ومطبوعة ومختومة تحديداً على أنها مناجم ذهب للتأريخ ، بغض النظر عن أهدافها ومن يقف خلفها لأنها وحدها الكفيلة بكشف الحقائق وإظهار المستور دون مواربة.

ثورة التسريبات

ولفت أستاذ العلاقات الدولية محمد ناجي إلى تداعيات «ثورة التسريبات» على قوانين دولية متشددة في الحصول على المعلومة.
وقال: عدّلت دول عدة بينها أمريكا تشريعات الحصول على المعلومات وفرضت عقوبات وإجراءات صارمة للتسريبات المتعلقة بالأمن ، وضاعفت شروط السرية على وثائق حكومية ورئاسية ورسائل دبلوماسية مع تقليص عدد الموظفين المسموح لهم بمطالعة المعلومات ومراقبة مسؤولين على دراية بها والتقليل قدر الإمكان من الوثائق السرية المكتوبة بوصفها مراجع دامغة لا تقبل التأويل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"