العربية.. فخرنا

04:46 صباحا
قراءة دقيقتين
فوّاز الشعّار

في 18 ديسمبر 1973، أخذت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونيسكو»، في دورتها الثامنة والعشرين، قرارها بأن تكون العربية لغة رسمية سادسة في الجمعية العامة للأمم المتحدة والهيئات الفرعية التابعة لها، ويكون لها الوضع نفسه للغات الرسمية الخمس الأخرى: الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والروسية والصينية.
وذكرت الجمعية في حيثيات القرار، أنها اتخذته إدراكاً منها لما للعربية من دور فعّال في حفظ حضارة الإنسان وثقافته ونشرها، وأنها لغة تسعة عشر عضواً من أعضاء الأمم المتحدة (في ذلك الوقت). ثم فيما بعد، عام 2012، اعتُمد هذا التاريخ (18 ديسمبر)، يوماً عالمياً للغة العربية.
رغم إدراكنا أن الجمعية، مع تثميننا للقرار، تأخرت كثيراً في اتخاذه وإقراره، فإنه قرار جيد وضروري، فمن غير المقبول أن يُضطر مندوب دولة عربية، سكانها بالملايين، وينتشرون في أصقاع الأرض، وينتجون من الآداب والعلوم والفنون إبداعات مهمة وضرورية، إلى التحدّث بالإنجليزية أو الفرنسية، لأنّ العربية لم تكن معتمدة في ذلك الوقت.
لكن المدهش والمستغرب أن نصل إلى العام الرابع والخمسين للإقرار، والعام السادس للاعتماد، والتقصير بحق العربية من أبنائها أنفسهم مستمر ومتفاقم، بخاصّة بين الجيل الجديد من الشباب الذين لا يكاد الواحد منهم يتمكّن من صياغة جملة صحيحة، بمفردات سليمة، ناهيكم عن المعرفة بالقواعد والمترادفات والشواهد من القرآن الكريم والشعر والنثر العربيين، التي ضمّت فرائد ولآلئ وجواهر لغوية ومعنوية عزّ نظيرها في لغات وثقافات أخرى.
لم تتوانَ دولة الإمارات عن دعم اللغة العربية، في مبادرات وفعاليات ولجانٍ، شملت المدن والمناطق كافة، فمبادرة «بالعربي» في دبي، جمعت نخبة من المختصين والمهتمين والقيّمين على العربية وآدابها، وأسهبت في تعزيز الاهتمام بها وإبراز جمالها، وقيمها، وتفرّغت وسائل دبي الإعلامية كافة المرئية والمسموعة والمقروءة للاهتمام بالحدث والتشجيع والتحفيز بوسائل متعدّدة، لجذب العرب إلى لغتهم وهُوّيتهم.
وفي الشارقة هناك مجمع اللغة العربية، الذي يضمّ نخبة من علماء العربية والمهتمّين، وتلفزيون الشارقة الذي يقدّم برامج ثريّة عن العربية، بأسلوب جاذب وممتع، ودائرة الثقافة التي تصدر مجلّتين في تضاعيفهما صفحات غنيّة عن العربية وآدابها الراقية، وإيراد نماذج ممتعة من درر عربيّتنا، وكذلك هيئة الكتاب التي يشهد لها الجميع بالنشاط الفاعل والثري، خدمة للغتنا وتراثنا.
وهناك هيئة الفجيرة الثقافية التي لا ينقطع نشاطها خلال العام، بفعاليات ثقافية وأمسيات شعرية وأدبية، ورأس الخيمة بنشاطاتها المميّزة ثقافة ومسرحاً.
وعلى رأس هذا كلّه في عاصمتنا الحبيبة أبوظبي، مبادرات وفعاليات لا يملك المرء إلا أن يقف احتراماً لها، وتمتلئ نفسه بالفخار ببرنامجي «أمير الشعراء» و«شاعر المليون» اللذين يقدّمان نخبة من أدباء العرب المميّزين والموهوبين فعلاً.
لغتنا هُوّيتنا، وتاريخنا الثرّ، وتراثنا الراقي المبدع، وحاضرنا المبهج، ومستقبل أجيالنا الخلّاق. نهنّئ أنفسنا بيوم عربيّتنا ونتمنّى أن يكون كل يوم للغتنا، وندعو بقوّة وإخلاص جيلنا إلى التمسّك بها، والبحث في جواهرها ودررها وفرائدها.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"