عادي

حلف الأطلسي تجاوز زمانه

03:13 صباحا
قراءة 3 دقائق
إعداد: عمر عدس وصباح كنعان
يرى كثيرون من منتقدي حلف الأطلسي أن هذا الحلف يحاول منذ أن فقد مبرر وجوده مع نهاية الحرب الباردة، ممارسة سلطة عالمية موازية لسلطة الأمم المتحدة، حيث يقرر من طرف واحد شن مختلف أنواع العمليات العسكرية عبر العالم . ويذهب البعض إلى حد المطالبة بحل الحلف، مثل الدبلوماسي البريطاني السابق كريغ موري، الذي ينشط حالياً في الكتابة والدفاع عن حقوق الإنسان، والذي كتب مقالاً في موقع "انتي وور" قال فيه:
خلال فترة العقد الأخير، كانت القوات المسلحة لبلدان حلف الأطلسي - سواء التي عملت تحت راية الحلف أم في إطار تحالفات أنشئت لغايات محددة - قد قتلت مئات آلاف الناس .
ومن بين أولئك الضحايا، لم يكن عدد الذين كانت لهم صلة ما بشن هجوم على بلد عضو في الحلف يزيد على بضع مئات .
ومهما تكن طبيعة حلف الأطلسي في الوقت الراهن، فهو ليس حلفاً دفاعياً وهذا واقع غير قابل للجدل .
وهناك، واقع آخر أيضاً، هو أن الأوضاع تتدهور في البلدان التي عمل فيها حلف الأطلسي على قتل الناس، بما فيها العراق، وليبيا، وأفغانستان وباكستان . وأوضاع هذه البلدان تدهورت من النواحي السياسية، والعسكرية، والاقتصادية والاجتماعية . وفكرة أن أعضاء في حلف الأطلسي يمكن أن يستخدموا القوة العسكرية من أجل إصلاح العالم لم يصدقها سوى أشخاص أغبياء ومتعصبين من أمثال توني بلير . وهذه الفكرة لم تكن بحاجة إلى أي اختبار تجريبي لإثبات خطئها، ولكنها اختبرت وتبين خطؤها .
ودول حلف الأطلسي هي أيضاً مجموعة شرعت في تقييد الحريات المدنية لشعوبها ذاتها خلال فترة العقد الأخير .
وأنا أرى أن أفضل مثال يوضح طبيعة حلف الأطلسي هو واقع أن سكرتيره العام أندرس فوغ راسموسن، عندما كان رئيساً لوزراء الدنمارك، كذب بشكل فاضح على البرلمان الدنماركي بشأن أسلحة الدمار الشامل العراقية . وعندما نشر المقدم (في الاستخبارات العسكرية الدنماركية) فرانك غريفل وثائق أثبتت أن راسموسن كذب، كان غريفل هو الذي سجن لمدة ثلاث سنوات . وفي الولايات المتحدة، لم يحاكم أي مسؤول في ال "سي آي ايه" (وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية) بسبب ممارسة التعذيب على نطاق واسع، ولكن (المحلل السابق في الوكالة) جون كيرياكو مسجون الآن، لأنه أماط اللثام عن ذلك التعذيب .
إن سعي حلف الأطلسي لأن يكون حكماً دولياً، يعطي نفسه سلطة تنفيذية، كان كارثة على جميع المستويات، وخطته الآن لضرب تنظيم "داعش" في العراق وسوريا هي علامة أخرى على مسعاه هذا، فهذه الخطة ستثير بالتأكيد رد فعل ضد أهداف غربية، وهذا بدوره سوف "يبرر" شن المزيد من الضربات العسكرية، ويؤمن بالتالي مزيداً من الأرباح للشركات المصنعة للأسلحة . وبذلك يضمن حلف الأطلسي السلطة للنخبة، والمال للأثرياء .
وقد يسأل سائل: ومن يوقف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؟ أنا لست نصيراً لبوتين، لكنه ليس باللاعب الكبير .
روسيا ليست قوة عظمى، ناتجها المحلي الإجمالي يبلغ 10% فقط من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي، واقتصادها بحجم اقتصاد إيطاليا . كما أن الصناعة الأمنية في دول حلف الأطلسي، بما فيها الأجهزة الأمنية وشركات الأسلحة، تبالغ جداً في تقييم قدرات القوات المسلحة الروسية . ومجمل منطقة شرق أوكرانيا التي تتنازع روسيا فيها، لديها ناتج محلي إجمالي أصغر من ناتج مدينة دندي (رابع أكبر مدينة في اسكتلندا) .
وروسيا لا تشكل "تهديداً عسكرياً" إلا لأنها تمتلك ترسانة نووية . وتدعيم السلام العالمي يتطلب مجهوداً دولياً مصمماً من أجل إزالة الأسلحة النووية، ولكن وجود حلف الأطلسي هو أكبر عقبة تحول دون ذلك، وفكرة أن مجمل العالم المتقدم تقريباً يجب أن يعمل لتطويق واحتواء روسيا عن طريق التهديد العسكري ليست متعقلة أكثر من فكرة تطويق بريطانيا أو فرنسا، وكلاهما يملك اقتصاداً أكثر ضخامة وتنوعاً بكثير من الاقتصاد الروسي، وصناعة حربية أضخم وأكثر تطوراً بكثير .
وفي الواقع، حلف الأطلسي هو الخطر الأكبر على السلام العالمي ويجب حله بصورة عاجلة .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"