الدفع بالأموال إلى زوال

03:23 صباحا
قراءة دقيقتين
رؤى وأفكار
رؤى وأفكار
لطالما اعتمد الفنانون والباعة المتجولون في لندن لتوفير قوت معيشتهم على الإيرادات الهزيلة من النقود التي يدفعها المارة، لكن بات لزاماً على هؤلاء التكيف مع الزوال التدريجي لاستخدام الأموال النقدية في العاصمة البريطانية.
هذا ما فهمته سريعاً المغنية شارلوت كامبل التي كانت من أوائل الأشخاص الذين بدؤوا الاستعانة بأجهزة دفع عن بعد بالبطاقات المصرفية لتقاضي الأموال من الراغبين في تشجيعها على عروضها التي تقدمها قرب عجلة «لندن آي» الشهيرة على ضفة نهر تايمز الجنوبية.
الشابة البالغة 28 عاماً تقول «الناس اعتادوا على الدفع بالبطاقات المصرفية. وإذا لم تكن في حوزة الناس أي أموال يمكن للفن أن يزول». وبات 5 % إلى 10 % من إيراداتها متأتية من الأموال التي يدفعها المارة بالبطاقات المصرفية، إذ برمجت الأجهزة على تقاضي مبلغ جنيهين استرلينيين (2,57 دولار) تلقائياً.
وتثبت الأرقام الحكومية هذا المنحى. فقد أظهر تقرير وزارة الخزانة هذا العام أن حصة المدفوعات النقدية في المملكة المتحدة تراجعت من 62 % في 2006 إلى 40 % في 2016، مع توقعات بأن تتدنى إلى 21 % في 2026 وفق الوثيقة.
وشجعت الحكومة هذا الاتجاه عبر منعها منذ كانون الثاني/ يناير تقاضي التجار أي عمولات إضافية في مقابل الدفع بالبطاقات المصرفية. وفي مؤشر آخر إلى اقتراب زوال الأوراق والقطع النقدية في العاصمة البريطانية، بات عدد من المطاعم في حي لندن سيتي - مركز الأنشطة المالية في البلاد، يرفض المدفوعات النقدية.
أما باعة مجلة «ذي بيغ إيشو» التي يعود ريع بيعها لمساعدة الفقراء والمشردين، فباتوا يستخدمون أيضاً أجهزة للدفع عن بعد لمواجهة النقص في السيولة لدى المارة.
غير أن هذه الظاهرة لا ترضي الجميع. ويقول الخبير المالي بريت سكوت، مؤلف دليل عن الوضع المالي العالمي إن «مجتمعاً من دون سيولة يواجه مشكلات من ثلاثة أنواع... أولاً مشكلة الرقابة إذ يمكن رصد أنشطتكم والثانية تتعلق بالإقصاء المالي إذ من الممكن إقصاء أحدهم من النظام، والثالثة مرتبطة بمسألة الأمن الإلكتروني». وهو يشير إلى أن المصارف وشركات الدفع والحكومة وشركات التكنولوجيا المالية تخوض منذ عقدين «حرباً باردة على السيولة» في محاولة لإقناع العامة بأن الأموال النقدية أمر سلبي. وسكوت يحذر من أن هذا الاقتصاد الجديد قد يقصي المشردين واللاجئين والأشخاص الذين يصعب عليهم فتح حساب مصرفي.
وتثبت حوادث مسجلة أخيراً، صحة مخاوف معارضي الثقة المفرطة بالتقنيات الحديثة للدفع بالبطاقات المصرفية، آخرها كان في حزيران/ يونيو عندما تعطلت 5,2 مليون عملية دفع ببطاقات «فيزا» لساعات ما أعاق عمل عدد كبير من المستهلكين والتجار في أوروبا.
 
جوزف ستنسون - فرانس برس
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"