متشابهات الجيولوجيا والسياسة

03:49 صباحا
قراءة دقيقتين
عبد اللطيف الزبيدي

هل نتفاءل خيراً بالتحولات الجارية على سطح الكوكب؟ الجغرافيا السياسيّة، في مستوى العالم، تشبه حركة اللوحات التكتونية، وتَشكّل القارات. الفيزياء واحدة، فالمادّي وغير المادّي، كلّ يسير ضمن قوانين عامّة وإن اختلفت مظاهر الكثرة في الوحدة والوحدة في الكثرة، كما يقول المتصوّفون.

ليس غريباً ألاّ يفهم الجبابرة الذين هم في طريق الانحدار، أنهم في المنحدر. من روائع ما تفعله فلسفة التاريخ، في المنعطفات التاريخية الكبرى، عند بوادر أفول الإمبراطوريات، أنها تصيب العتاة بالعته، تُوقعهم في سلسلة من الحماقات، حتى يصيروا محلّ تندّر واستهزاء. «وتقدّرون فتسخر الأقدارُ»، هكذا يغدو الإمبراطور جحا. مع الاعتذار لجحا، الذي هو رمز من رموز الطرافة والظرف دون أذى.

التحولات الجيولوجية الكبرى، وأعظم مظاهرها على الإطلاق، تشكّل القارات، تحتاج إلى ملايين السنين. أمّا ظهور «القارّات السياسية» ففي لمح البصر قياساً على طول بال الدهر. الصين سنة انطلاق الثورة الماوية 1949، كانت لا تجد ما يكفي لسد رمق مئات ملايينها. اليوم لم يعد للإمبراطور شغل ولا عمل سوى عدّ أنفاس التنين، كم قطرة شرب، كم حبّة أكل؟ بحسابات خوارزمية، الله أعلم بأسرارها وبواطنها: على الخفافيش في ووهان أن تدفع فواتير ضحايا الجهات الأربع. عليك بجدلية فلسفية غرائبيّة لتربط خيوط العلاقات الخطرة بين فيروس الخفافيش والجيل الخامس من الاتصالات. الأنكى، تلك «الفرحة اللي ما تمّت»، فبمجرّد انتهاء رقصات الابتهاج بسقوط الاتحاد السوفييتي، والانتشاء حتى الثمالة بمجيء الرئيس النواسي بوريس «يحتسين»، ظهر سليل «الكا جي بي» فلاديمير بوتين «وقلبها غمّ». استراحت روسيا من راسبوتين، فطلع «رأس بوتين». تشكل القارات السياسية وزلازل الألواح التكتونية، حركاتها أسرع من ارتداد طرفك إليك.

أوروبا الغربية يقظة في حذر، حذرة في يقظة. تتابع التحولات الجيولوجية الجيوسياسية بحسابات فيها الرياضيات وفلسفة التاريخ. لذلك هي تبتعد عن الإمبراطورية، التي أصبحت خطرة جدّاً لفقدان التوازن السياسي في مستوى القانون الدولي، تستبعد الدول الكبرى القيم الإنسانية كليّاً، فتتعامل مع البلدان وشعوبها كما لو كانت قبضايات في حالة عربدة. هذه هي نقطة اللاعودة. حروب الإبادة والاستهتار بسيادة الدول لمجرد أنها ضعيفة، لا يمكن أن تزيل آثارها مستحضرات إزالة القبح والقبائح.

لزوم ما يلزم: النتيجة المنسيّة: ضرب اقتصاد البلدان لا يختلف في شيء عن جرائم الحروب: «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق».

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"