مناعة في مواجهة «كوفيد 19»

02:09 صباحا
قراءة دقيقتين

رائد برقاوي

طبيعي جداً أن ينخفض نمو الاقتصاد الوطني هذا العام، فما حمله «كوفيد 19» من تداعيات سلبية لم يكن عادياً على الإطلاق، سواء على اقتصاد الإمارات أو اقتصادات العالم.
آخر التوقعات وتعديلاتها وفقاً للمصرف المركزي تشير إلى أن اقتصادنا الوطني سينكمش بنسبة 5.2% هذا العام، وهو رقم أعلى بقليل من توقعات سابقة للمصرف، لكنه أقل من توقعات صندوق النقد الذي يقدر نسبة الانكماش بمعدل 6 في المئة لعام 2020.
وإذا ما تمت مقارنة هذا الانكماش مع دول كثيرة في العالم، يصبح الرقم متواضعاً، حيث إن الاقتصاد الأمريكي يتوقع أن يتراجع هذا العام بحدود ثمانية في المئة، في مقابل تراجع متوقع بنسبة تزيد على العشرة في المئة لاقتصادات أوروبا، والنسبة ذاتها لبريطانيا وحولها لأمريكا اللاتينية، فيما الوحيد المرشح للنمو بنسبة واحد في المئة هو الاقتصاد الصيني.
كان من الممكن لاقتصادنا الوطني أن ينكمش بنسبة أعلى من الرقم المذكور، لولا الإنفاق الحكومي الذي يرجح أن يرتفع بنسبة 28٪ هذا العام، بالنظر الى حزم التحفيز التي طرحتها الحكومات المحلية والحكومة الاتحادية، للتخفيف من تداعيات كورونا السلبية التي تخطى حجمها 250 مليار درهم، بما فيها التسهيلات المالية والمصرفية.
جميع القطاعات تأثرت بفيروس كورونا بنِسَب متفاوتة ومن ضمنها النفط، والسبب يعود الى طبيعة الاقتصاد الإماراتي المنفتح والمتشابك مع اقتصادات العالم، بدءاً من النفط، مروراً بالتصدير والسياحة والطيران وقطاع التجزئة الداخلية والتجارة الخارجية والخدمات والعقار وغيرها.
وعلى الرغم من العودة التدريجية للانفتاح بعد إغلاق شبه تام شمل معظم القطاعات في مارس وإبريل ومايو، فأن هذه العودة كانت بطيئة، لأنها ارتبطت بالعالم الذي ما زالت الكثير من دوله متحفظة ومتخوفة من الانفتاح بسبب المخاوف من موجة ثانية لانتشار «كوفيد 19» مع تزايد الإصابات والوفيات.
رغم كل هذه المعطيات السلبية، فأن الاقتصاد الوطني يحشد طاقاته بدعم حكومي واضح ومؤثر لإعادة الدوران إلى مفاصله، ما يدفعنا للتفاؤل بعودة النشاط إلى مستويات مقبولة في هذه المرحلة، بحيث يتجه النمو نحو زيادة تقدر ب 5 في المئة عام 2021.
علينا التعاطي بإيجابية مع المعطيات الاقتصادية الحالية والالتزام بالإجراءات الاحترازية لمواجهة الجائحة، وأي نمو مؤمل لا يمكن تحقيقه إلا بالالتزام بتلك الإجراءات، لأن عدم الالتزام تواجهه إغلاقات جزئية ستؤثر سلباً في مفاصل متعددة من الاقتصاد لفترات أطول وهو أمر لا يريده أحد. اقتصاد الإمارات أظهر تماسكاً وقوة خلال العام الجاري، والانكماش الحالي دون المعدلات العالمية، وهو أمر يحسب لاقتصادنا وتنوعه ومرونته، أما الأزمة الحالية فستزول وسيعود الاقتصاد أقوى مما كان عليه سابقاً بمناعة غير مسبوقة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"